شهدت السياسية العالمية خلال عام 2025 أحداثًا مفصلية وتحولات جيوسياسية وصراعات إقليمية وعالمية. إذ بدا العالم وكأنه يدخل مرحلة إعادة تشكيل شاملة لموازين النفوذ والقوى. فمن واشنطن إلى الشرق الأوسط، أعادت القرارات السياسية والحروب رسم المشهد الدولي.
في السطور التالية نسلط الضوء على أبرز تلك الاحداث:
المشهد السياسي العالمي
عودة ترامب
في يناير 2025، عاد دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، ما أدى إلى تحول في السياسة الخارجية والاقتصادية الأمريكية، مع التركيز على ما يُعرف بسياسة أمريكا أولاً التي شهدت تصاعد حملات فرض تعريفات جمركية عالية واسعة على واردات الولايات المتحدة من العديد من الدول من شركاء الولايات المتحدة التجاريين وفي مقدمتهم الصين والمكسيك وكذلك كندا والبرازيل والهند وتايوان، وهو ما أحدث توترات في التجارة العالمية وأسواق المال.
وأثرت هذه السياسات الجمركية على السلاسل التجارية وأسفرت عن ارتفاع الضغط على المستهلكين وزيادة الإيرادات الجمركية للخزانة الأمريكية، وفي الوقت نفسه أثارت مخاوف التراجع في التجارة الحرة. في الوقت نفسه، كثفت إدارة ترامب عمليات توقيف وترحيل المهاجرين غير الشرعيين داخل الولايات المتحدة، إذ وسعت الهيئات التنفيذية إلى زيادة عدد حالات الترحيل بشكل كبير، من خلال عمليات احتجاز موسعة وتشديد الرقابة على الحدود وتكتيكات لدفع بعض المهاجرين للعودة إلى بلدانهم.
الحرب في أوكرانيا
لا يزال الوضع في الملف الأوكراني الروسي قائمًا بشكل كبير مع استمرار الحرب، مع دور دبلوماسي مكثف للدول الغربية وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في محاولة دعم وقف إطلاق النار والمفاوضات، رغم عدم توقف العمليات القتالية بالكامل. ويعكس هذا استمرار المواجهة العسكرية مع محاولات تكثيف المسار الدبلوماسي.
في 30 ديسمبر 2025، عقد زعماء أوروبيون وكنديون اجتماعًا افتراضيًا بقيادة الولايات المتحدة لمناقشة سلام شامل محتمل في الحرب، مع إشارات إلى تقدم لكن مع استمرار المخاطر والتحديات تجاه وقف إطلاق النار. فيما أعلنت أوكرانيا وقادة مجموعة من أكثر من 30 دولة (تضم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة) عن اجتماعات في يناير 2026 لدعم العملية الدبلوماسية وتنسيق الدعم لوقف الحرب أو التوصل لاتفاق سياسي.
اشتباكات حدودية بين كمبوديا وتايلاند
اندلعت اشتباكات حدودية بين البلدين حول معبد براسات تا موين ثوم، رغم الفوارق الكبيرة في الحجم والقوة العسكرية، وأسفرت عن عشرات القتلى وتشريد آلاف المدنيين، فيما تدخلت الولايات المتحدة لفرض هدنة مؤقتة لم تُطبّق بالكامل.
أول بابا للفاتيكان أمريكي
انتخب الكرادلة الكاردينال روبرت بريفوست بابا ليو الرابع عشر، ليصبح أول بابا من أمريكا الشمالية، والذي أكد التزام الكنيسة بالقضايا الاجتماعية والعمالية.
التوتر بين الهند وباكستان
استمرت الصدامات في كشمير، مع تبادل الضربات الجوية والصواريخ، ووسط وساطات أمريكية لم تتوصل إلى وقف كامل للنزاع، ما عكس هشاشة الاستقرار. الإقليمي.
حرب السودان
استمرت الحرب الأهلية في السودان لأكثر من ثلاث سنوات، بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، مدعومة من قوى إقليمية مختلفة، وأسفرت عن مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين، مع خطر المجاعة والتقسيم الفعلي للبلاد يحوم فوق المشهد.
سباق التقنية العالمي
في 2025، أصبح التنافس على أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي محورًا أساسيًا للصراع بين القوى الكبرى، خصوصًا الولايات المتحدة والصين، حيث يُنظر إلى السيطرة على هذه التقنية على أنها مفتاح للقدرات العسكرية والاقتصادية المستقبلية.
واستغلت الولايات المتحدة سياسات تصدير التقنية والرقابة على معدات تصنيع الرقائق كأداة ضغط سياسي وأداة حماية للأمن القومي مع وضع أطر تنظيمية للذكاء الاصطناعي للتحكم في انتشار التقنيةعالميًا، وذلك في خضم في صراعها التقني مع الصين التي فرضت بدورها قيودًا على تصدير المعادن النفيسة المستخدمة في تصنيع تلك الرقائق. أصبحت هذه الأدوات جزءًا من ما يُعرف بـ دبلوماسية الرقائق ، التي تعكس تحول التقنية من قطاع اقتصادي إلى أداة سيادية تؤثر على موازين القوة الدولية والعلاقات الثنائية.
الدين العام والاقتصاد العالمي
شكّلت أزمة الديون العالمية وتحديدًا الأمريكية محورًا بارزًا ألقى بظلاله على السياسية في عام 2025، نتيجة لما سببه من ضغط على أسواق السندات والتضخم العالمي. من جانبه، حذر صندوق النقد الدولي فيتقرير مراقبته من أن الديون العامة العالمية مرشحة للارتفاع فوق 100% من الناتج المحلي العالمي بنهاية العقد الحالي، وهو أعلى مستوى منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، مما يثير مخاوف بشأن استدامة المالية العامة وتأثيرها على النمو الاقتصادي.
كما أشار الصندوق إلى أن السياسات التجارية مثل الرسوم الجمركية الأمريكية تزيد من الضغوط على الميزانيات وتدفع الديون للارتفاع، مع مخاطر متصاعدة على التضخم العالمي والاستقرار المالي ما لم تُتخذ إجراءات إصلاحية.
التحولات والصراعات في الشرق الأوسط
غزة ووقف إطلاق النار
بعد تصاعد العنف منذ هجوم 7 أكتوبر 2023 واستمرار العمليات العسكرية طوال عام 2024، أُعلن في 9 أكتوبر 2025 عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة دولية، تضمن تبادل رهائن وبدء انسحاب للقوات المشاركة. ومع ذلك، بقي الاتفاق هشًا، حيث سُجلت خروقات متكررة للهدنة وتبادل إطلاق نار بين الجانبين خلال الأشهر التالية، مما يدل على أن السلام السياسي الشامل لم يتحقق بعد وأن حالة التوتر في غزة ما زالت قائمة إلى نهاية 2025.
الحرب بين إسرائيل وإيران
في يونيو 2025 اندلعت مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران بعد أن شنت تل أبيب هجومًا واسعًا على منشآت عسكرية ونووية إيرانية، ما دفع طهران للرد بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مُسيرة متعددة على أهداف داخل إسرائيل، في تصعيد وصفته التحليلات الدولية بـ حرب الـ12 يومًا . وعلى الرغم من تباطؤ الأعمال القتالية لاحقًا، فإن التحذيرات المتبادلة بين البلدين تستمر، ما يشي بإمكانية تجدد المواجهات في المستقبل.
سوريا وما بعد الأسد
كان سقوط نظام بشار الأسد هو الحدث الإقليمي الأبرز خلال عام 2025، مع صعود أحمد الشرع في صدارة المشهد السوري وبدء مرحلة انتقالية غير مستقرة. كما شهدت العلاقات الدولية تجاه سوريا نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا في الرياض بداية عام 2025، حيث اجتمع وزراء ومسؤولون من دول عربية وأوروبية والأمم المتحدة في مؤتمر بالرياض في يناير لمناقشة المرحلة الانتقالية ورفع العقوبات ودعم استقرار البلاد.
اليمن والتوترات الخليجية
مع نهاية عام 2025، تصاعدت التوترات بين السعودية والإمارات واليمن على خلفية تحركات عسكرية قرب الحدود الجنوبية للمملكة عبّرت السعودية عن أسفها لها في بيان رسمي، مستنكرة الضغط الغماراتي الذي أدى لهذا الصدام، وهو ما اعتبرته الرياض تهديدًا مباشرًا لأمنها الوطني وللاستقرار في المنطقة. وبناء على ذلك، أنهت القوات الإماراتية وجودها العسكري بالكامل في الأراضي اليمنية.
الرياض كوسيط إقليمي ودولي
لعبت الرياض دورًا دبلوماسيًا كبيرًا في إنهاء حرب غزة وقضايا سوريا واليمن، وشهد عام 2025 لقاءات متعددة مثل اجتماعات الرياض بشأن سوريا في مطلع العام، بخلاف اتصالاتها ولقاءاتها المتعددة التي كانت تستهدف إنهاء حرب غزة، وجهودها في محاولة إحلال السلام في الشرق الأوسط بشكل عام.
وفيما يخص العلاقات السعودية - الأمريكية، استمرت في قوتها خلال العام الماضي، وبرز ذلك من خلال اللقاءات الثنائية والزيارات التي كان أبرزها زيارة ولي العهد إلى واشنطن في نوفمبر الماضي. وظل الأمن الإقليمي والسياسات الاستراتيجية مع واشنطن محورًا مهمًا، حيث ناقش القادة السعوديون والأمريكيون التوترات في اليمن وغيرها من الملفات الحساسة.
هذا المحتوى مقدم من العلم
