شهد العالم في 2025 تقلبات وصدمات اقتصادية غير مسبوقة أعادت رسم خريطة التجارة الدولية، مع تصاعد التوترات بين الدول الكبرى وفرض تعريفات جمركية واسعة من الولايات المتحدة. وهو ما فرض على الأسواق العالمية ان تراجع استراتيجيتها لضمان استقرار النمو الاقتصادي في المستقبل.
الاقتصاد العالمي
النموالعالمي.. خفض البنك الدولي توقعاته للنمو العالمي لعام 2025 لتصل إلى 2.3%، معتبرًا أن التوترات التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية هي السبب الرئيس وراء ضعف نمو التجارة العالمية. فيما شهدت الأسواق العالمية تداعيات متزايدة لسياسات الحماية التجارية، مع تحذيرات من ارتفاع معدلات التضخم ومخاطر الديون، ما يزيد من قلق المستثمرين. ويشير البنك الدولي إلى أن النمو في 2025 سيكون من بين الأضعف خارج فترات الركود، مع استمرار تباطؤ التجارة العالمية، ومحاولات المصدرين التحايل على القيود المؤقتة.
التعريفات الجمركية.. بلغت التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض الدول ما يصل إلى 50%، ما أثّر بشكل مباشر على تجارة السلع وأسواق الاستثمار، في ظل تصاعد الصراع التجاري بين واشنطن وبكين وتأثيره الواضح على سلاسل الإمداد العالمية.
سوق التقنية.. لعبت السلع التقنية والذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في دعم نمو التجارة خلال النصف الأول من العام، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية، مع تقلبات واضحة في أسواق التقنية وأداء أسهم شركات كبرى مثل Nvidia، رغم عدم تسجيل خسائر ضخمة محددة.
تحولات الطاقة في الشرق الأوسط
شهدت أسواق النفط في الشرق الأوسط عام 2025 تذبذبًا كبيرًا، إذ هبطت أسعار خام برنت إلى نحو 60 دولارًا للبرميل في أكتوبر، لأول مرة منذ 2020، نتيجة تخمة الإنتاج النسبي وضعف الطلب، ما أثر على توازن السوق. وقد دفع هذا التراجع منظمة أوبك+ إلى تثبيت مستويات الإنتاج عند مستويات ديسمبر 2025 دون زيادات حتى بداية 2026، تحسبًا لأي فائض في المعروض.
في الوقت نفسه، سجلت المنطقة تحولات ملموسة في قطاع الطاقة. إذ أصبح مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية قريبًا من التشغيل، وسيتيح تبادل 3,000 ميغاوات بين البلدين، ما يعزز موقعهما في سوق الطاقة الإقليمية. كما وقّعت شركة ACWA Power السعودية في يوليو 2025 اتفاقيات مع شركات أوروبية لتصدير الطاقة المتجددة والطاقة الخضراء مثل الهيدروجين الأخضر، في خطوة تعكس تحولًا بعيدًا عن النفط التقليدي.
وعلى صعيد التعافي الاقتصادي، شهدت لبنان ارتفاعًا كبيرًا في أسعار سندات الحكومة المتعثرة، تقارب أربعة أضعاف قيمتها، وسط توقعات ببدء تعافٍ اقتصادي جزئي رغم تحديات الدين والبنوك. وفي سوريا، تشير التحليلات المحلية إلى نشاط محدود في إعادة الإعمار وتحسن تدريجي في بعض القطاعات، رغم استمرار التحديات الاقتصادية الكبيرة.
الاقتصاد السعودي
الناتج المحلي.. أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء، أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنسبة 4.8 % في الربع الثالث من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مدفوعًا بنمو الأنشطة النفطية وغير النفطية، بينما سجل نشاط تكرير الزيت نموًا سنويًا بـ11.9 %.
سوق العمل.. كشف تقارير رسمية أن معدل البطالة الإجمالي بين السعوديين وغير السعوديين شهد تراجعًا ليبلغ 2.8%، فيما وصل معدل المشاركة في القوى العاملة الإجمالي إلى 68.2%.
الاستثمار الاجنبي.. شهد العام الماضي زيادة في عدد الشركات الدولية التي اتخذت من الرياض مقرًا إقليميًا لها لتصل إلى 600 شركة، فيما تضاعف إجمالي الاستثمار ليصل إلى 1.2 ترليون ريال، وشّكل ما نسبته 30% من حجم الاقتصاد السعودي، وفق وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح.
ثورة الذهب والفضة
في عام 2025، حقق الذهب أكبر زيادة سنوية منذ 1979، حيث ارتفع السعر بنحو 65 % 71 %، مما يجعله من أفضل أصول العالم أداءً على الإطلاق. سجل الذهب مستويات قياسية في ديسمبر 2025، حيث بلغ سعر الأوقية الواحدة أكثر من 4,500 دولار في عدة جلسات، مع قفزات فوق هذا الحاجز التاريخي خلال تداولات نهاية العام.
وجاء ارتفاع سعر الذهب مدفوعًا ببعض الأسباب، أبرزها: تزايد طلب المستثمرين على الملاذات الآمنة وسط توقعات بتيسير السياسة النقدية الأميركية، والتوترات الجيوسياسية المستمرة، وعمليات شراء مكثفة من البنوك المركزية. كما ساهمت التهديدات والرسوم الجمركية الأميركية في مايو 2025 في تعزيز الطلب على الذهب كأصل آمن، بينما استمرت البنوك المركزية في زيادة مشترياتها لتعزيز الاحتياطيات وتنويع المخاطر في ظل تقلبات الأسواق العالمي.
كما شهدت أسعار الفضة العالمية في عام 2025 مسارًا صعوديًا استثنائيًا، مع ارتفاعات تاريخية تجاوزت كل التوقعات قبل نهاية العام، مدفوعة بزيادة الطلب الصناعي والاستثماري ونقص الإمدادات في السوق. وتفوّقت الفضة على جميع المعادن الثمينة الأخرى خلال العام، بارتفاع تجاوز 145%، ووصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 83.62 دولارًا للأوقية.
وفي السعودية، سجل الذهب عيار 24 مستويات قياسية متجاوزًا 540 ريال للجرام في ديسمبر 2025 (متأثرًابالسعر العالمي وسعر صرف الدولار).
تراجع النفط
شهدت أسواق النفط العالمية في عام 2025 أكبر انخفاض سنوي منذ 2020، حيث تراجع خام برنت بنسبة نحو 18٪ وخام غرب تكساس الوسيط (WTI) بنحو 19٪، مع وصول الأسعار إلى مستويات تتراوح بين 61 و58 دولارًا للبرميل بحلول نهاية ديسمبر. وجاء هذا الهبوط نتيجة تخمة المعروض وضعف الطلب العالمي، حيث استقرت أسعار برنت عند حوالي 61.4 دولارًا وWTI عند نحو 58 دولارًا، وسط استمرار المخاوف بشأن فائض الإمدادات وتأثر النمو الاقتصادي العالمي.
ويُرجع البنك الدولي، أسباب الضغط الهبوطي على أسعار النفط إلى فائض المعروض العالمي، مع نمو الإمدادات أسرع من الطلب، بالإضافة إلى تباطؤ الطلب في الأسواق الناشئة والمتقدمة. وعلى الرغم من محاولات أوبك+ لخفض الإنتاج جزئيًا، ويرى المحللون أن الزيادة العامة في الإمدادات أبقت الأسعار منخفضة، مما يعكس توازنًا هشًا بين العرض والطلب ويؤكد استمرار الضغوط على السوق النفطية حتى بداية 2026.
هذا المحتوى مقدم من العلم
