مع اتساع الاحتجاجات الإيرانية مؤخرا وفي ظل الضغوط المتراكمة على أكثر من جهة سواء الاقتصادية وما تمثله من تحديات سياسية واجتماعية أو الوضع الإقليمي والدولي المأزوم، فإن نظام المرشد الإيراني يواجه لحظة معقدة ويقع في دائرة من المشكلات التي يبدو معها عاجزا عن إنتاج مسارات أو بدائل جديدة، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن".
آليات جديدةوذكر التقرير أن السؤال الآن هو مدى قابلية النظام الإيراني للإصلاح أو اعتماد آليات جديدة ومغايرة لمواجهة أزماته، خصوصا أن تراكم المشكلات وتزامنها يجعل الأمور مختلفة عن سوابق قد تعرض لها "الولي الفقيه" بما يجعل الحاجة ملحة إلى بحث بدائل وخيارات ممكنة أكثر مرونة وعملية في ظل نذر تحولات عميقة داخل بنية الحكم ومسار الدولة الإيرانية.
في الأسابيع الأخيرة، تجددت مظاهر الاحتجاج والتمرد مرة أخرى وبطرق مباغتة وغير تقليدية مثل رفض الإذعان للحجاب الإجباري على النحو الذي يفرضه القانون بطهران كما حدث في ماراثون للنساء بجزيرة كيش الإيرانية، والاحتفالات الموسيقية والغنائية في شوارع طهران، غير أن احتجاجات "البازار" وأصحاب المحال والتجار في عدة مدن، شكّلت محطة جديدة في مسار التظاهرات المندلعة خصوصا مع الغضب المتراكم بسبب انهيار العملة المحلية أمام الدولار الأميركي الأمر المتسبب في تدني مستوى المعيشة والعجز عن دفع الإيجارات.
إزاء هذا الوضع فإن ملامح احتجاج اجتماعي وشعبي باتت تتشكل على نحو هادئ وعميق في آن معا.شلل واضح
إذ تُعد هذه التحركات هي الأكبر منذ احتجاجات عام 2022 التي اندلعت عقب وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني والتي قضت خلال الاعتداء عليها في الشارع من قبل أفراد "شرطة الأخلاق" بحجة عدم الالتزام بالحجاب الإلزامي.
بالتالي يواجه المرشد الإيراني علي خامنئ هذا الوضع المضطرب من خلال سياسة "المماطلة" و"كسب الوقت"، حيث يتفادى أي قرارات مفصلية وجذرية لتجنب تداعياتها وكلفتها السياسية والأمني. فيما يشير مراقبون إلى حالة شلل واضحة داخل دوائر الحكم، حيث تتراجع القدرة على المبادرة، وتغيب الاستراتيجيات البديلة.
اقتصاديا، يعيش الإيرانيون تحت وطأة تضخم غير مسبوق، وانهيار متواصل في قيمة الريال الذي بلغ مستويات هائلة، ما أدى إلى اتساع رقعة الفقر وتآكل القدرة الشرائية. ويمتد ذلك إلى الوضع الخدمي في ظل الانقطاعات المتكررة للكهرباء، والتلوث البيئي في المدن الكبرى نتيجة اللجوء إلى وقود رديء الجودة، بالإضافة إلى أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 4 عقود، طالت نحو 20 محافظة.لحظة مدوية
ويكاد لا يختلف هذا الوضع في ما يخص السياسة الخارجية لإيران بعدما فقدت شبكة وكلائها الإقليميين والتي شكلت لعقود ركيزة لنفوذها، خصوصا بعد التصعيد الإيراني والاستهدافات المتواصلة خلال حرب غزة، وقد كان سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا لحظة مدوية لطهران مع خسارتها حليفها وأحد أهم مواقعها الاستراتيجية في الإقليم.
وقالت الشبكة الأميركية "رغم هذا المشهد، لا يظهر أن خامنئي مستعد لتغيير نهجه. إذ لا يزال النظام يتمسك بخياراته التقليدية؛ تطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة، ومحاولة إعادة بناء نفوذه الإقليمي، ورفض أي تفاوض مشروط مع الغرب، في تكرار لسياسات أثبتت محدودية جدواها في الظروف الراهنة".ويرى محللون أن" جميع التيارات داخل إيران باتت غير راضية عن الوضع القائم. فالتيار الأصولي مازال ينتمي إلى الماضي بسياساته الصلبة والمتشددة، أما التيار الإصلاحي يتحرى الانفتاح السياسي والاقتصادي لحلحلة الوضع الجامد والمتداعي، بينما يبحث المعتدلون عن أي تغيير يوقف التدهور".غير أن الوضع الصحي المتدهور للمرشد الإيراني عاود سؤال الخلافة بوصفه عاملا حاسما في مستقبل إيران. فرحيل خامنئي، سواء بشكل طبيعي أو قسري، سيشكّل لحظة مفصلية قد تعيد رسم توجهات إيران، تبعا لهوية وتوازنات من سيخلفه.
وتتداول الأوساط السياسية أسماء عدة، من بينها نجله مجتبى خامنئي، أو حسن الخميني، حفيد مؤسس الثورة، وسط غموض كبير بشأن آليات الحسم داخل المؤسسة الحاكمة.(ترجمات)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
