لينو بولانيوس و« ثورة المرايا»

اسمه لينو بولانيوس بلدساري. وُلد في العام 1955 في «بيورا» شمال جمهوريّة البيرو، البلد الذي افتتحه عربيٌّ من قريش، وتقاطعت فيه الثقافةُ ما قَبل الكولومبيّة وثقافة إسبانيا والإسلام الأندلسيّ، وأرض الأساطير التي تختزن غنى الثقافة الأهليّة، وتُشكِّل جزءاً من هويّة الشعب وثقافته، وتستوقف فيها الأحداثُ الخارقة للطبيعة الأشخاصَ الخياليّين والأطياف والتخيّلات. نتعرّف إلى بعض صور هذه الأساطير ورموزِها في «ثورة المرايا»، الرواية الرّابعة التّحفة التي وقّعها المُبدعُ لينو بولانيوس وصدرت حديثاً في مدريد.

كاخا ماركا

في البيرو نشأ لينو وتعلّم. تخرّج من جامعة ليما بعدما درس فيها إدارة المؤسّسات، ثمَّ تحوّل إلى الموسيقى والرسم. استهواه الأدب وأصدر ما بين عامَيْ 2005 و2024 أربع روايات مهمّة نالت شهرةً واسعة وهي: «قرنا القمر»، «التيّان الأخير»، «معجزة تارفيتيو»، و»ثورة المرايا» (طُبعت الرواية الثانية خمس مرّات.. والتيّان هو مكان تجمَّعت فيه إثنيّاتٌ من أصولٍ مُشترَكة، واستقرّت قَبل الغزو الإسباني في منطقة الساحل الحالي لبيورا).

كتابة الرواية التحفة ليست إبداع لينو بولانيوس الوحيد؛ إنّه شاعر أيضاً، ولم يُبعده الأدب والشعر عن الموسيقى؛ فهو مبدع موسيقي كذلك؛ وَضَعَ ثلاث مقطوعات موسيقيّة، وكتبَ وأَخرج أوبرا روك الشهيرة بعنوان: «كاخا ماركا» (مثّل فيها أيضاً) ووضعَ أكثر من مئة أغنية، ولحّنها وتجاوَزت شهرتُها حدودَ وطنه؛ وقد غنّاها بصوته الآسر والمؤثِّر، الحنون والدافىء، الملتفّ بحزنٍ غجريٍّ وحيد، في أماكن مشهورة في بوغوتا وكراكاس، في سان فرنسيسكو وميامي، في باريس وجنوى، في آسفي، المدينة المغربيّة المعروفة، والتي كانت المكان الوحيد الذي غنّى فيه في العالَم العربي.

نالَ لينو جوائز أدبيّة عديدة، نذكر منها جائزة القصّة في البيرو، الجائزة القوميّة للأدب - كاراكاس 2017 - وحلّ ضيفاً وازناً على معرض الكتاب في جامعة مقاطعة كارابوبو الفنزويليّة في العام 2020.

على ما يبدو، بل من المؤكّد أنّنا لا نستطيع اختصار عطاء لينو بولانيوس الأدبي والفنّي بسطورٍ وجيزة؛ لذلك نكتفي قَبل تناول الرواية بالتعريف باختصار بالأوبرا الشهيرة المُستوحاة فكرتها من التاريخ القومي لبلاده، وباثنتَيْن من أشهر أغنياته، يسبقه صداهما إلى كلّ مكان يحلّ فيه.

و«كاخا ماركا» عمل فنّيّ ضخم يحمل اسم المدينة التي انتهى فيها تاريخٌ من حياة البيرو، وابتدأ تاريخٌ آخر: هناك ألقى الإسبان القبض على الإنكا وبالتالي أعدموه، وهناك بدأ تلاقي عالمَيْن وتقاطعت ثقافتهما لتتبلْور ثقافةٌ جديدة أَعطت طابعها للبيرو.

قدّم لينو بولانيوس الأوبرا في مسرح الأحداث بمشاركة خمسمائة مُمثّل وممثّلة وحضرها آلافٌ من المُعجبين بإبداعه.

حياة الإنسان الضحيّة

يغنّي لينو بولانيوس للحبّ والحياة، مُديناً الحروب ومُلتزماً بقضايا الحريّة والعدالة والسلام، المبادئ التي داستها حضارةُ الآلة بأقدامٍ من حديد.

في أغنيته «الشجرة»، يدين لينو موتَ الإنسان المجّاني واغتيال الأبرياء في مجازر مُرعبة وعبثيّة. والشجرة هي رمز «غارنيكا»، القرية الإسبانيّة المُسالِمة التي قصفها الطيران الألماني في بداية الحرب الأهليّة في العام 1937. احترقت الشجرة، لكنّ جذعها المحروق ظلّ صامداً في الأرض واخضرّت أوراقُها مجدّداً.

يُعتبر لينو حاليّاً الروائيّ الأكثر تمثيلاً للأدب البيروفي، وهو يَحتلّ بإبداعه مكاناً بارزاً في بانوراما الآداب والفنون في أميركا اللّاتينيّة، وتستضيفه المحطّات الإذاعيّة في كلّ عاصمة أوروبيّة غنّى فيها.

وفي «ثمن الحرب» يتساءل كَم تُكلِّف الأسلحة الخفيفة والفتّاكة، بينما يموت الأبرياء في المستشفيات ولا يجدون ثمنَ الدواء: في الحروب تبقى حياة الإنسان الضحيّة رخيصة وبلا ثمن.

عن ثورة المرايا

ومن أجل انتصار الحريّة، وعودة الحقّ إلى صاحبه، وتحرير المُستضعَفين المُستعْبَدين وتحقيق العدالة والسلام، يُناضل لونيوس بطل «ثورة المرايا» التي يحتلّ موضوعُ الحرب في صفحاتها حيّزاً ملفتاً.. المرايا بالنسبة إلى الباحث «لويفر»، هي رموز سحريّة للذاكرة اللّاواعية، ترتبط بأساطير وذكريات خياليّة. إنّها رمزٌ للتخيّل والإدراك، وهي قادرةٌ على نقْلِ انعكاسات العالَم المرئي بحقيقته الحاسمة.

وكما في أوبرا «كاخا مركا» يتقاطع الحاضر مع الماضي، يبدأ خطُّ الرواية من الحاضر ويبدو امتداداً للماضي البعيد الذي يرصد الروائي أحداثَه، ويرجع بالتالي إلى الحاضر، وكأنّ أحداث الحياة والتاريخ تُكرِّر ذاتها وفقاً لنظامٍ واحد يَحكم الكون والوجود.

يعبّر لينو بولانيوس عن كلّ ما ذكرنا بإبداعٍ يَستوقف، بل يُفسِّر الاهتمامَ الذي نالته الرواية منذ صدورها في يونيو 2024.. هو ينقلنا ويجذبنا بقوّة إلى العالَم الذي يصوّره لنا، ونشعر أنّنا بتنا جزءاً منه؛ ويُدرِج الأغنيةَ في بعض فصول الرواية لتعطي بُعداً خاصّاً للحدث المُعاش أو المتخيَّل.

في «ثورة المرايا» يتقاطع الحاضر مع الماضي البعيد، وما بينهما ،قَبل أن تتحرّر أميركا اللاتينيّة من مخالب الاستعمار الغربيّ، عانى إنسانها كثيراً من جحيم الديكتاتوريّات المسنودة من الغرب والتّابعة له. كولومبيا والبيرو هما آخر بلدان القارّة التي تحرَّرت.... وناضلتْ شعوبُها لتسترجع ذاتَها وتاريخَها وتُصبح سيّدة قراراتها العاديّة والمصيريّة.

في «ثورة.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن السعودية

منذ 11 ساعة
منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 8 ساعات
منذ 9 ساعات
صحيفة عكاظ منذ 5 ساعات
صحيفة سبق منذ 15 ساعة
صحيفة المواطن السعودية منذ 10 ساعات
صحيفة عكاظ منذ 10 ساعات
قناة الإخبارية السعودية منذ 4 ساعات
صحيفة سبق منذ 17 ساعة
قناة الإخبارية السعودية منذ 13 ساعة
قناة الإخبارية السعودية منذ 19 ساعة