د. يوسف مكي لعلها المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي يقف المرء فيها حائراً حول من سيصل إلى البيت الأبيض. ومبعث الحيرة هو ما تنقله نشرات الأخبار من تبدل سريع في مزاج الناخب الأمريكي، تجاه المرشحين الرئاسيين: كامالا هاريس ودونالد ترامب.
الناخب الأمريكي لا يهتم كثيراً بالسياسة الخارجية، والاهتمام يتركز باستمرار حول السياسات الاقتصادية، والوعود بالتغيير. وفي معظم تاريخ أمريكا المعاصر، كانت معادلة من سيصل إلى البيت الأبيض بسيطة وغير عصية على الفهم، وذات علاقة مباشرة بالتضخم والكساد، وارتفاع الضرائب وخفضها، حين يبلغ التضخم مداه، وترتفع أسعار المنازل والسيارات والطعام ومتطلبات التأثيث، وينوء كاهل الفقراء وصغار الطبقة المتوسطة بتكاليف العيش، يكون المطلوب وصول رئيس جمهوري لتقليص حالة التضخم.
العكس أيضاً صحيح، فبقاء رئيس جمهوري لأكثر من دورة من شأنه أن يرفع حالة الكساد، بما يؤدي إلى ارتفاع مستوى البطالة، وبالتالي انخفاض دخل الطبقة المتوسطة، وقد يتسبب في إقفال المؤسسات الصغرى غير القادرة على التنافس مع المؤسسات التي تبيع بالجملة.
والحديث هذا يعيدنا إلى جوانب مهمة في عقيدة الحزبين المتنافسين. الجمهوريون ينطلقون من القاعدة الأساسية للاقتصاد الرأسمالي، التي يلخصها آدم سميث في مقولة «دعه يعمل»، وخلاصتها الحرية الاقتصادية، بما يعني أن الدولة في ظل هيمنة سلطة الجمهوريين، لا تتدخل بشكل مباشر في الشأن الاقتصادي، بل تدع الحكم للسوق ولفائض القيمة ليقررا قيمة السلع، ومجمل الحركة الاقتصادية.
إن استمرار تقليص دور الدولة في تسيير دفة الاقتصاد، وتخفيض الضرائب، يعني ضمن ما يعنيه، تقليص عدد موظفي الدولة، إلى الحد الذي يشمل تخفيض أفراد الشرطة، والمؤسسات الأمنية الأخرى، بما يعني ارتفاعاً ملحوظاً لنسبة الجريمة، وتهديداً للسلم الاجتماعي.
الديمقراطيون يطرحون شكلاً آخر من أشكال الحكم يعبر عنه بدولة الرفاه، حيث تضطلع الدولة بتوفير الرعاية الصحية، وضمان مجانية التعليم، والتدخل المباشر في الشأن الاقتصادي، وخلق برامج تسهم في القضاء على البطالة. وتحقيق ذلك يتطلب رفعاً لنسبة الضرائب، وتحسين أوضاع السوق، وخلق مناخ أفضل يلبي المتطلبات الرئيسية للمواطنين. ولكن استمرار الرئيس الأمريكي، من الحزب الديمقراطي، لأكثر من دورة رئاسية، من شأنه أن يرفع حالة التضخم، بحيث يشكل عبئاً على حياة الطبقة المتوسطة والفقيرة، في نهاية المطاف.
ومن هنا فإن المجتمع الأمريكي بحاجة إلى رئيس جمهوري لينهي حالة التضخم، أو رئيس ديمقراطي لينهي حالة الكساد. وهكذا تسير عجلة دورات الوصول إلى البيت الأبيض.
هذه المقدمة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية