في زاوية قسم الطوارئ داخل المستشفى تجلس ريتاج تبكي وتتألم من وجعها، وعندما التفت إليها الطبيب تبين له أن السيدة تحتضر وهي على وشك أن تفارق الحياة، تحدث معها بهدوء وحاول فهم سبب ألمها، لكن المريضة لم تعرف ماذا تجيب.
في غرفة العمليات أشارت ريتاج إلى منطقة الألم في أردافها، وبعد الفحص الطبي تبين أن عظمة الحوض مهشمة وبدأ الجلد يتمزق بالفعل عن لحمها، ومع الفحص الدقيق استنتج العاملون الصحيون أن الجزء السفلي للسيدة فيه جروح متناهية الصغر لا ترى بالعين المجردة ومغطاة باليرقات.
متناهية الصغر
سأل الأطباء ريتاج إذا ما كانت قد أصيبت بجروح أو تعرضت لشظايا متطايرة في قصف إسرائيلي على قطاع غزة، لكن السيدة نفت ذلك، وأكدت للعاملين الصحيين أنها نجت خلال الـ400 يوم الماضية من أي صور الموت أو الإصابة.
بسرعة كان الأطباء يعملون ويجرون الفحوص على ريتاج، ومع مواصلة العمل تبين لهم أن ساق السيدة الأيسر فقد جزءاً كبيراً من العضلات، وأن عظمة الفخذ القريبة من الأرداف بدأت تتفتت.
يبلغ قطر الشظية مليمتراً واحداً وتتسبب في تفتت العظام وتهتك الأنسجة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)
الفحوص الطبية تخالف تأكيد ريتاج المتكرر عندما يسألها الأطباء باستمرار إذا كانت قد تعرضت لأية إصابة خلال حرب القطاع.
بهدوء اقترب منها الطبيب عمار وأخذ يتحدث معها برفق، واستنتج أن ريتاج كانت قريبة من مكان غارة إسرائيلية على محافظة رفح أقصى جنوب القطاع، ومن خلال خبرته وضع احتمال أن تكون شظية متناهية الصغر اخترقت جسدها وسببت كل هذا الألم والتهتك في أردافها.
الشظايا تسبب إعاقات مستدامة
أجرى الطبيب عمار سلسلة من الصور الإشعاعية على جسد ريتاج، وأظهرت الأشعة السينية وجود جرح صغير جداً في ساقها اليسرى، يقول العامل الصحي "اخترقت شظية يبلغ قطرها مليمتراً واحداً جسد ريتاج ولم يتم اكتشافها، وهي التي تسببت بإعاقة لن تتعافى منها".
قبل نحو شهر كانت ريتاج قرب قصف جوي إسرائيلي في محافظة رفح، سمعت صوت الغارة ورأت عمود الدخان وتطاير الشظايا، وظنت السيدة أنها لم تصب بأي أذى، لكن شظية متناهية الصغر قد اخترقت أردافها وتسببت في تهتك عظامها وذوبان أنسجتها اللحمية ونزف داخلي ناتج من تقطع أوردتها.
أجرى الأطباء الكثير من العمليات الجراحية لريتاج وأنقذوا حياتها من الموت، يقول الطبيب عمار "لقد أصبحت السيدة أقصر، قمنا بقص جزء من عظام فخذها في القدمين لتبدو متناسقة، المشكلة هي أن ريتاج ستحتاج إلى رعاية مستمرة لأعوام مقبلة، ومن غير المرجح أن تجدها في غزة".
جروح داخلية من دون خدوش واضحة
ما حدث مع ريتاج تكرر كثيراً مع أشخاص في قطاع غزة، تفيد وزارة الصحة الفلسطينية أن شظايا الأسلحة الإسرائيلية أسهمت في ارتفاع معدلات المصابين بين سكان غزة بصورة مثيرة للقلق.
ويقول المتخصص في جراحة الأعصاب عماد الفيومي "حديث وزارة الصحة لا يشمل المصابين بالشظايا المتطايرة من القذائف الإسرائيلية الواضحة والمرئية بالعين المجردة، وإنما الحديث عن نوع غريب من الشظايا تكون متناهية الصغر ولا ترى بالعين المجردة".
ولاحظ الأطباء الكثير من الأشخاص يصلون إلى المستشفيات في غزة وهم مصابون بجروح داخلية ولا يوجد حتى خدوش خارجية في أجسادهم، وفي بداية الحرب ونتيجة عدد الضحايا الضخم، عجز العاملون الصحيون عن إيجاد تفسير لهذه الظاهرة.
تؤكد منظمة العفو الدولية أن هذه القنابل مصممة لإحداث أقصى قدر من الإصابات (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)
من السهل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية