خلال وقت يترقب فيه العالم سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قبل أن يتولى السلطة رسمياً بعد أسابيع، لا يفكر الأميركيون سوى في انعكاسات تلك الإجراءات المتوقعة على الاقتصاد الأميركي وعلى تفاصيل حياتهم اليومية.
وعلى رغم كثرة التحليلات ومذكرات شركات الاستشارات والبنوك الاستثمارية فإن تقدير تبعات السياسة الاقتصادية على وضع أكبر اقتصاد في العالم تظل ضبابية جداً لأسباب عدة، منها أنه من غير الواضح إن كانت إدارة ترمب المقبلة ستطبق كل تلك الوعود التي أطلقتها خلال الحملة الانتخابية، ومدى سرعة ونطاق تطبيقها وهل سيكون ذلك دفعة واحدة أم على مراحل.
وفي غضون ذلك، أصدرت وكالة التصنيف الائتماني العالمية الكبرى "ستاندرد أند بورز" هذا الأسبوع تقريراً أولياً تشير فيه إلى تبعات فوز ترمب على الاقتصاد الأميركي.
ومع أن الوكالة حرصت في صدارة التقرير على تأكيد أنه لا يمثل "تصنيفاً ائتمانياً" للولايات المتحدة، لكنها أشارت في نهايته إلى أن الأبحاث والتقديرات الواردة فيه تشكل خلفية لقرارات الوكالة في شأن تصنيف اقتصاد أميركا في ما بعد.
كل ذلك، مع الإشارة أكثر من مرة إلى أن أية تقديرات محددة لتأثير فوز ترمب تظل في غاية الصعوبة، خصوصاً أن حملة ترمب الانتخابية لم تطرح أية تفاصيل تخص الوعود التي أطلقتها في شأن السياسة الاقتصادية ولا كيفية تطبيقها.
والأمر نفسه ينطبق على الرسوم الجمركية التي ستفرضها على سلع وخدمات الشركاء التجاريين وإصلاحات نظام الهجرة وخفض الضرائب وتغيير قواعد وإجراءات الأعمال، وكلها سياسات لها تأثير في المؤشرات الكلية للاقتصاد الأميركي، من ثمَّ تؤثر في التصنيف الائتماني للبلاد.
وعود وتقديرات
على أية حال ليست "ستاندرد أند بورز" وحدها التي تجد صعوبة حالياً في تصور توقعات تأثير سياسة الإدارة الجديدة في الاقتصاد الأكبر في العالم، ليس فحسب لأن تلك السياسات تظل من دون تفاصيل ولكن لأن الوعود الانتخابية غالباً لا تترجم إلى إجراءات تنفيذية في السلطة، لكن لأن عمل الوكالة يتطلب قيام باحثيها ومحلليها بوضع السيناريوهات والتقديرات التي تشكل أساساً لقرارات التصنيف الدورية فإنها مضطرة لإصدار مثل هذا التقرير الذي صدر هذا الأسبوع. ووعدت الوكالة بأن توالي إصدار تقارير مماثلة خلال الأسابيع المقبلة كلما تبدد الضباب في شأن سياسات الإدارة الجديدة.
ومن غير المتوقع أن تبدأ التغييرات في السياسات المالية في التأثير قبل نهاية العام المقبل 2025، أما بالنسبة إلى التغييرات في الهجرة والتجارة فمن غير الواضح إن كانت الإدارة الجديدة ستذهب بعيداً في التطبيق أم إنها ستكتفي بإجراءات جزئية، مثل استخدام الرسوم والتعرفة الجمركية كورقة تفاوض في الاتفاقات التجارية مع الشركاء.
إلى ذلك يمكن تلخيص وعود حملة ترمب الانتخابية في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية في بعض العناوين المهمة كالتالي، زيادة كبيرة في الرسوم التي تفرضها أميركا على الواردات بنسبة تراوح ما بين 10 و20 في المئة على كل الواردات، باستثناء الصين التي ستفرض على صادراتها رسوماً وتعرفة جمركية تراوح ما بين 60 و100 في المئة مع التهديد بفرض رسوم إضافية على صادرات المكسيك إلى أميركا، إضافة إلى الحد من أعداد المهاجرين إجمالاً، بما في ذلك عمليات ترحيل واسعة النطاق للمهاجرين غير الموثقين.
علاوة على خفض ضريبة الشركات للأعمال التي مقرها وإنتاجها في الولايات المتحدة من نسبة 21 إلى 15 في المئة، وكذلك تحدي الاستقلالية التي يتمتع بها الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي والتدخل في وضع السياسة النقدية، وتقديم حوافز لاستخدام الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) من خلال تعديل القواعد واللوائح التنفيذية والتراجع عن سياسات التحول إلى الطاقة المتجددة.
تحديات التنفيذ
ومع ما يبدو من هيمنة الحزب "الجمهوري" على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ إلا أن تلك الغالبية تظل بنسب ضئيلة، وهو ما قد يجعل إنفاذ بعض التعديلات والقوانين صعباً على الإدارة إلى حد ما. ويقول الباحثون الذين أعدوا تقرير "ستاندرد أند بورز" إن ما يسمى "إجهاد العجز" (أي التردد في السماح بزيادة العجز وبخاصة في ظل أوضاع توظيف قوية) قد يجعل المشرعين يكتفون فحسب بتمديد فترة الخفوض الضريبية وقانون التوظيف الذي صدر عام 2017 وينتهي العمل بها نهاية عام 2025.
أما إلغاء قرارات وقوانين إدارة بايدن مثل قانون خفض التضخم فلن يكون سهلاً، وبخاصة أن معظم الولايات التي تعد جمهورية الطابع مستفيدة بشدة من ذلك القانون، ولن يكون سهلاً على نواب وشيوخ تلك.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية