يوجد تشابه بين الارتفاع في سوق الأسهم بعد انتخاب الرئيس الأميركي الراحل هربرت كلارك هوفر في عام 1928 وانتخاب
لا ينبغي للسياسيين أن يحكموا على أنفسهم من خلال أداء سوق الأوراق المالية. لكن هذا الأمر يتكرر مجدداً. وتوجد دروس تحذيرية من الماضي حول ما تعنيه أو لا تعنيه موجة ارتفاع الأسهم بعد الانتخابات بالنسبة للاقتصاد الأميركي خلال السنوات الأربع المقبلة.
من المحتمل تعيين سكوت بيسنت، في منصب وزير الخزانة الأميركي المقبل، والذي تولى سابقاً إدارة صناديق استثمار تابعة لجورج سوروس على مدى سنوات.
وتتوقع التنبؤات تعيين بيسنت في المنصب بنسبة 70%. وفي مقال رأي مهم بصحيفة "وول ستريت جورنال"، حدد بيسنت أجندة للسياسة الاقتصادية جديرة بالاهتمام. وتحت عنوان "الأسواق تحتفي بسياسات ترمب الاقتصادية"، قال ما يلي:
"إن أسعار الأصول متقلبة والأداء الاقتصادي على المدى الطويل هو المقياس النهائي. ولكن الأيام الأخيرة تثبت تبني الأسواق بشكل لا لبس فيه لرؤية ترمب الاقتصادية خلال فترة ولايته الثانية. فالأسواق تشير إلى توقعات بارتفاع معدل النمو، وانخفاض التقلبات والتضخم، وانتعاش الاقتصاد لصالح جميع الأميركيين".
من الضروري توخى الحذر في هذا الشأن، إذ إن أسعار الأصول متقلبة بالفعل إلى الحد الذي يجعل من غير الحكمة استخلاص الكثير من الاستنتاجات في الوقت الحالي، رغم ارتفاعها بقوة بعد الانتخابات.
ومن المؤكد أن الأسهم التي كان من المرجح أن تستفيد خلال إدارة ترمب، وليس من البديل الديمقراطي، شهدت ارتفاعاً كبيراً، وأظهرت أن تأثير الفوز لم يظهر بالكامل على التداولات قبل يوم الانتخابات.
وفي الرسم البياني التالي، قارنت بين أداء مؤشر داو جونز الصناعي منذ يوم الانتخابات في عام 1928، عندما تم اختيار هربرت هوفر رئيساً، وأدائه بعد فوز ترمب، واتضح أنهما متشابهان للغاية:
هل هذا يعني أن فترة دونالد ترمب الثانية ستسير مثل فترة ولاية هوفر؟.. بالطبع لا. وهذا أمر جيد، فقد شهد مؤشر "داو جونز" في الأربع سنوات بين انتخاب هوفر وهزيمته المدوية أمام روزفلت في 1932 انخفاضاً شديداً.
مرة أخرى، للتوضيح، الرسم البياني البسيط، لا يُعد دليلاً على أن السوق المالية ستشهد انهياراً على غرار ما حدث في عام 1929. الأمر الأكثر أهمية أن صعود الأسهم بعد الانتخابات لا يمكن أن يُعتبر دليلاً قاطعاً على أي شيء، سواء تحسن أو تدهور الاقتصاد.
والسؤال الآن هو: ما هي التوقعات التي يمكننا أن نتوصل إليها باطمئنان أكبر؟.. بشكل عام، فإن العامل الأكثر أهمية في أداء الاستثمار على المدى الطويل هو السعر الذي اشتريت به. فإذا كان السعر باهظ الثمن، فمن غير المرجح أن تحقق عوائد جيدة من هذا الاستثمار.
وهكذا تحرك اثنان من أبسط مقاييس التقييم لمؤشر "إس آند بي 500" -نسبة السعر إلى المبيعات ونسبة السعر إلى القيمة الدفترية- خلال السنوات الثلاثين الماضية. في الحالة الأولى، اقتربت السوق كثيراً من الرقم القياسي الذي سجلته في طفرة ما بعد كوفيد في عام 2021. وفي الحالة الثانية، فقد كادت السوق أن تتجاوز أعلى مستوى سجلته على الإطلاق منذ فقاعة شركات الإنترنت (دوت كوم) في عام 2000:
لا يوجد ما يُثبت أن سوق الأسهم على وشك الانخفاض كما حدث في المرتين السابقتين. ولكن كلما ارتفع التقييم؛ زاد احتمال عدم استمرار الأداء القوي. وبشكل عام، من غير الحكمة لأي سياسي أن يسعى لأن يتم الحكم عليه بناءً على أسعار الأسهم في الوقت الحالي، كون هذا الأمر يجعله معرضاً للهجوم والنقد إذا تراجعت الأسعار.
باستخدام مقياس أكثر دقة، يهدف مضاعف روبرت شيلر (نسبة السعر إلى الأرباح المعدلة دورياً) إلى تصحيح تحركات السوق داخل الدورة الاقتصادية من خلال مقارنة أسعار الأسهم بمتوسط الأرباح المعدلة حسب التضخم على مدى العقد السابق.
وحسب شيلر هذه النسبة منذ عام 1881، والرسم البياني التالي مأخوذ من موقعه الإلكتروني. بناءً على هذا المقياس، وهناك انتخابات رئاسية واحدة فقط شهدت ارتفاع سوق الأسهم إلى هذا المستوى، وكانت في عام 2000، عندما فاز جورج بوش الابن.
يتم حساب مؤشر نسبة السعر إلى الأرباح المعدلة دورياً شهرياً. في الأول من نوفمبر عام 2000، وكانت قيمة المؤشر مرتفعة (38.78)، وفي بداية هذا الشهر الحالي بلغت (38.11).
في ظل الارتفاع الذي حدث بعد الانتخابات، أصبح مقياس نسبة السعر إلى الأرباح المعدلة الآن أعلى مما كان عليه عندما تولى بوش منصبه في عام 2001، وسط تداعيات انهيار شركات الإنترنت.
ومن الممكن أن يُحدث ترمب خلال ولايته الثانية تغييراً كبيراً في مجال الاستثمار بالأسهم ويرفع التقييمات إلى مستويات غير مسبوقة. لكن من المرجح أن الأداء لن يكون جيداً، لأسباب لا تتعلق بسياساته الاقتصادية. فبعيداً عن الأسهم، فإن سياسات ترمب الاقتصادية بعد الانتخابات تدعو أيضاً إلى توخي الحذر.
انخفض الفرق بين العوائد على السندات ذات العائد المرتفع والسندات الحكومية الأميركية، وهو مؤشر مهم للتعويض الذي يتلقاه المستثمر مقابل إقراض الشركات ذات الائتمان الضعيف، إلى أدنى مستوى له منذ سبعة عشر عاماً في الأيام الأخيرة، وفقاً لمؤشرات بلومبرغ. فيما انخفض الفارق بين العوائد على السندات، خلال بضعة أيام في صيف عام 2007. وبعد ذلك، ارتفعت الفوارق بسرعة مع بدء انهيار سوق الائتمان المهيكلة القائمة على الرهن العقاري، وهو ما انتهى بحدوث الأزمة المالية العالمية:
مرة أخرى، هذا الأمر لا يثبت على الإطلاق، ولا حتى يشير، إلى أننا على وشك تكرار الأزمة المالية العالمية. ومع ذلك، فإنه يشير بقوة إلى أن الأسواق مسعّرة بشكل مرتفع جداً وهو ما يعيق دخول المستثمرين.
إن حدوث أي تدهور في ظروف الائتمان، بدءاً من هذه المستويات المرتفعة، من شأنه أن يؤثر على الاقتصاد. وقد يكون من الحكمة أن يقلل الساسة الجدد من أهمية سوق الأسهم، ويؤكدون أنها باهظة الثمن، ويسعون لأن يُحكم على أدائهم باستخدام أي مقياس آخر.
لكن توجد سوق مهمة، سارت في اتجاه معاكس لسياسات ترمب بعد الانتخابات مباشرة، وهذا أمر جيد، حيث ارتفعت عائدات سندات الخزانة مع بدء ظهور النتائج، مما يشير إلى القلق بأن التخفيضات الضريبية والتعريفات الجمركية من شأنها أن تؤدي إلى استمرار التضخم وأن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة.
لكن بعد ارتفاع العوائد بنحو 20 نقطة أساس في غضون ساعات، هدأت سوق السندات (التي أغلقت يوم الإثنين بمناسبة يوم المحاربين القدامى) بسرعة. وبحلول إغلاق يوم الجمعة، عاد الوضع إلى ما كان عليه قبل هذه الزيادة المفاجئة.
قد يكون من المنطقي لفريق ترمب أن يعتبر هذا بمثابة تحذير جاد، ولكن يمكنهم أيضاً أن يشعروا.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg