عقب قرابة 15 سنة من التوقف، أعادت مصر إحياء شركة النصر للسيارات، من أجل الدخول في ركب هذه الصناعة، خصوصا في ظل اتجاه حكومي لخفض فاتورة الاستيراد، من أجل ضبط الميزان التجاري، حيث تصل تكلفة الاستيراد السنوية للسيارات بحوالي 4 مليارات دولار، وفق تصريحات سابقة لرئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي.
وخلال الأسبوع الجاري، سلمت أول دفعة من أتوبيسات "نصر سكاي" بسعة 49 راكبًا بالشراكة مع شركة يوتونغ الصينية إلى الشركات التابعة لوزارة النقل، وفقا للبيان الصادر عن مجلس الوزراء المصري يوم السبت 16 نوفمبر 2024.
وفي هذا الإطار يقول المستشار أسامة أبو المجد رئيس رابطة تجار السيارات، إنه منذ فترة جرت مفاوضات مع إحدى الشركات الصينية للتعاون في مجال تصنيع وإنتاج الحافلات، وإعادة حلم صناعة سيارة مصرية من خلال شركة النصر صاحبة التاريخ الطويل.
وكشف "أبو المجد" أن الطاقة الإنتاجية الحالية لمصنع النصر للسيارات 300 أتوبيس سنويًا، وتأمل الشركة في زيادتها إلى 1500 أتوبيس بحلول عام 2027، وتخطط الشركة أيضا لزيادة نسبة المكون المحلي في حافلاتها من 50% إلى 60-70%.
تكلفة باهظة و خلال الاحتفالية التي أقيمت بمناسبة استئناف العمل في شركة النصر للسيارات والتي حضر فيها رئيس مجلس الوزراء بصحبة وزير النقل ووزير قطاع الأعمال العام، وقعت شركة النصر للسيارات عقدًا مع شركة ترون إنرجي السنغافورية التايوانية وشركة يور ترانزيت الإماراتية لتأسيس شركة مساهمة بقيمة 10 ملايين دولار لإنتاج الميني باص الكهربائي، ويهدف المشروع المشترك الجديد إلى بدء الإنتاج في منتصف العام المقبل وطرح 300 وحدة و600 بطارية في عام 2026، قبل مضاعفة الإنتاج في العام التالي.
وبحسب وزير قطاع الأعمال العام محمد الشيمي، فإنه من المقرر الانتهاء من الأعمال الإنشائية لمصنع سيارات الركوب "الملاكي" التابع للشركة خلال الشهر المقبل، وذلك تمهيدًا للبدء في تركيب خطوط الإنتاج بطاقة تصميمية 20 ألف سيارة سنويا فى الوردية الواحدة، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج التجريبي في منتصف عام 2025 بنسبة مكون محلي تتجاوز 45% كمرحلة أولى، بحسب البيان.
وأعلن الدكتور خالد شديد، الرئيس التنفيذي لشركة النصر لصناعة السيارات، عن الشراكة الجديدة مع مجموعة الصافي، إحدى أكبر المجموعات الاقتصادية في المنطقة، والتي تهدف إلى تطوير قطاع صناعة السيارات في مصر؛ من أجل تلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير إلى دول الجوار.
و أسَّس الشريكان "النصر والصافي" شركةً جديدة تحمل اسم "إس إن أوتوموتيف" SN Automotive لتتولى القيام بالعملية التجارية كاملة؛ بما تشمله من تمويل والحصول على حقوق تجميع وتصنيع وتوزيع سيارات حديثة تحمل علاماتٍ تجاريةً عالمية شهيرة، برأس مال 500 مليون جنيه، وتبلغ نسبة مجموعة الصافي في الشركة 76%، وشركة النصر للسيارات 24%، وفق بيان صحفي من الشركة الجديدة.
وأكَّد الرئيس التنفيذي لشركة النصر للسيارات الدكتور خالد شديد، أهمية هذه الشراكة في دعم رؤية مصر لتطوير صناعة السيارات وتعزيز مكانتها الإقليمية، وتحقيق أهداف الدولة المصرية من الشراكات مع القطاع الخاص.
وقال "شديد" خلال الاحتفالية "هذه الشراكة الإستراتيجية مع مجموعة الصافي، تجمع بين خبرتنا العريقة في صناعة السيارات وإمكانات مجموعة الصافي، ويمثِّل تأسيس شركة "SN Automotive" خطوة مهمة نحو تحقيق طموحاتنا في توفير سيارات عالية الجودة بأسعار تَنَافُسِيَّة للمستهلك المصري، وتعزيز مساهمتنا في الاقتصاد الوطني".
مواضيع ذات صلة إطلاق 3 طرازات من السيارات المجمعة في مصر من جانبه، كشف المهندس عمرو صافي، الرئيس التنفيذي لقطاع تطوير الأعمال بمجموعة الصافي، أنه سيتم إطلاق أول ثلاثة طرازات مُجَمَّعَة محليًّا في مصر، تعمل إحداها بالكهرباء، والاثنتان الأخريان بالبنزين، في خطوة تخدم السوق المصرية وأسواق دول شمال إفريقيا، مع التركيز على تعميق مستوى التصنيع.
ويضيف "تمَّ التعاقد على خطوط لحام آلية خاصة بالطرازات الثلاثة، بالإضافة إلى وكالة حصرية لتصنيع أتوبيسات يوتونغ Yutong بجانب العمل على تصنيع عربات النقل الخفيف والثقيل، وجاري التواصل المستمر مع الشركات المحلية الكبرى في مجال تصنيع المكونات المُغَذِّية لتعزيز هذا المشروع الحيوي".
وتتولى مجموعة الصافي إدارة سلاسل التوريد بالكامل، بما في ذلك استيراد المكونات، وتوفير المكونات المغذية من المصنعين المحليين، وتوزيع السيارات، وإدارة المعارض، وتقديم خدمات ما بعد البيع، لتقوم "إس إن أوتوموتيف" SN Automotive بكامل النشاط التجاري، وتقوم النصر للسيارت بجميع أنشطة التصنيع، كما تهدف الشراكة إلى زيادة نسبة المكونات المحلية في السيارات المصنعة من 49% لتتعدى 60%، مما يُسهم في دعم الصناعات المحلية والمغذية، وخلق فرص عمل جديدة.
40 مليون دولار استثمارات وحول الاستثمارات المقدَّرة للمشروع، قال صافي: "تبلغ الاستثمارات الأولية في المشروع 40 مليون دولار أميركي، مع توقُّع زيادة الاستثمارات في المستقبل؛ لتوسيع نطاق العمليات".
وتؤمن الشركتان بأن هذه الشراكة ستُسهم في تعزيز مكانة مصر؛ بصفتها مركزًا إقليميًّا لصناعة السيارات، وذلك بفضل المزايا التَّنَافُسِيَّة التي تتمتَّع بها مصر، مثل موقعها الاستراتيجي وقُوَّتها العاملة المؤهَّلة، كما ستعمل الشراكة على دعم رؤية الدولة في تطوير الصناعة الوطنية وتنويع الأنشطة الاقتصادية.
ويرى حسين مصطفى الرئيس السابق لرابطة مصنعي السيارات في مصر، أن إعادة إحياء النصر خطوة رائعة وتجاوزت عددًا من التحديات أهمها :
توقف الشركة عن الإنتاج منذ 2009 وهذا يعني استغلال أصول ضخمة لهذه الشركة.
إعادة إحياء استراتيجية صناعة السيارات المتوقفة منذ سنوات.
فتح ملف التصنيع المحلي بقوة في ظل فاتورة استيراد ضخمة.
التصنيع المحلي يدعم استقرار سوق السيارات خلال السنوات المقبلة.
ضرورة عمل شراكات مماثلة من أجل زيادة الإنتاجية.
جدير بالذِّكْر أن شركة النصر للسيارات أُسِّسَتْ في عام 1959، لتصبح أول شركة مصرية لصناعة السيارات، ولعبت دورًا محوريًّا في دعم الصناعة الوطنية، وتقع على مساحة تقترب من 900 ألف م2 في منطقة وادي حوف بحلوان، وتتكون من 9 مصانع، وقد شهدت الشركة تراجعًا عن قرار تصفيتها في عام 2017، وتمَّت إعادة تشغيلها وتحديث خطوط إنتاجها؛ استعدادًا لمرحلة جديدة من الإنتاج المتطور، بما يتماشى مع أهداف التنمية المُسْتَدَامَة، ورؤية مصر الصناعية المستقبلية.
(المشهد)
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد