مما لا شك فيه أن مذكرات القادة والسياسيين والنخب فى أى مجتمع لها أهمية خاصة، لأنها تعتبر شهادة على العصر الذى عاشوا فيه بجميع أحداثه، سواء سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو اجتماعية، ومن المرات القليلة التـى تتم فيها الإشارة مع بعض التفاصيل لمجموعة من المذكرات لبعض القادة والسياسيين فى كتاب واحد، وهو كتاب المؤرخ الدكتور عبد العظيم رمضان كتاب مذكرات السياسيين والزعماء فى مصر ١٨٩١ - ١٩٨١.
يتضمن هذا الكتاب المذكرات الحزبية، أى التى كتبها سياسيون أو زعماء ينتمون إلى أحزاب ما قبل ثورة ٢٣ يوليو. وقد تنوعت مستويات هذه المذكرات فكان منها ما له قصة تستحق أن تروى مثل مذكرات محمد فريد وسعد زغلول، ومذكرات عادية ليس وراءها قصة. ومنها ما كان مهماً لدرجة خصصت له صفحات كثيرة، ومنها ما اكتفى بصفحات عليلة، وهناك من المذكرات ما اقتضت من الباحث تقديم نقد تاريخى مثل مذكرات كمال الدين حسين، وهذا العمل يتجاوز مهمة التعريف.
فلكل من المذكرات التى تواردت فى هذا الكتاب خصوصيتها المميزة، والتى يرجع تقديرها للباحث، وهو متفاوت من باحث إلى آخر، لكن يبقى أن تقديم هذه المذكرات على هذا المستوى المتفاوت له فائدته للباحث الأكاديمى والمثقف العربى. ويجدر الإشارة إلى أن الباحث لم يقتصر على التعريف بالمذكرات التى كتبها سياسيون أو زعماء مصريون، إلا أنه أضاف إليها عرضاً نقدياً لمذكرات كتبها سياسى وكاتب عربى، هو ناصر الدين النشاشيبى، عن مقتل الملك عبدالله، لما لذلك من فائدة لطالب التاريخ وللمثقف العربى بآن معاً.
ويبدأ الدكتور عبدالعظيم رمضان بمذكرات الزعيم السياسى محمد فريد، فيقول إنه ربما لم تثر مذكرات زعيم سياسى من اهتمام الرأى العام كما أثارت مذكرات محمد فريد، وكان محمد فريد قد احتفظ بهذه المذكرات ضمن أوراقه الخاصة حين كان فى أوروبا، فى صندوق أودعه لدى سيدة ألمانية كان يسكن عندها. وعندما أحس بدنو أجله، أرسل فى طلب صديقه إسماعيل لبيب الذى كان يقيم فى جنيف، وكلفه بتسلم الصندوق ونقله إلى مصر حين تسنح له الفرصة ليسلمه لابنه عبد الخالق فريد. وقد مات محمد فريد فى مساء السبت ١٥ نوفمبر ١٩١٩، ونفذ الصديق الوصية، فنقل الصندوق إلى مصر، وحفظه لديه حتى يكبر نجل الفقيد، ولكن الأجل وافاه قبل أن يسلم الأمانة فتولتها السيدة زوجته.
أما مذكرات عبدالرحمن الرافعى فتكونت من مجلد واحد بعنوان «مذكراتى ١٨٨٩ - ١٩٥١» وقد صدرت عن دار الهلال سنة ١٩٥٢. وقد صدرها الرافعى بتقديم برر فيه نشره هذه المذكرات بقوله: أليس لى، بعد أن ترجمت لمئات من الشخصيات فى تلك الحقبة من الزمن التى أرختها، والتى تزيد على مائة وخمسين عاماً من تاريخ مصر الحديث، أن أترجم لنفسى؟، لقد عمل المتقدمون مثل ذلك، ففى الخطط التوفيقية، فصل كتبه المرحوم على باشا مبارك عن تاريخ نفسه، ولم يوجه إليه لوما أو عتابا فى هذا الصدد ثم قال إن هذه المذكرات وفيها من الحقائق والخواطر ما لا تتسع له كتب التاريخ، ومع ذلك قد تفيد لمن يريد أن يتفهم العصر الذى عشت فيه وشاهدت حوادثه وحقائقه».
ثم ننتقل بعد ذلك لمذكرات سعد باشا زغلول التى تتميز بأنها كتبت لصاحبها ولم تكتب للجمهور، وبالتالى فهى تتميز بنبرة الصدق والأمانة، لأن أحداً لا.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم