في الوقت الذي أعلنت فيه دول الاتحاد الأوروبي تبنّي حزمة عقوبات جديدة على روسيا وكيانات داعمة لموسكو بسبب حربها في أوكرانيا، لتشمل أسطول الظل الخاص بنقل النفط الروسي، أجمع عدد من المحللين على أن تلك العقوبات ستوثّر سلباً في صادرات النفط الروسية، ما يخلق نقصاً في المعروض بسوق النفط.
وأعلنت مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، خلال الأسبوع الحالي، تبنّي الاتحاد حزمة عقوبات جديدة على روسيا وكيانات داعمة لموسكو بسبب حربها في أوكرانيا، حيث تم اعتماد حزمة العقوبات الخامسة عشرة، بما يشمل أسطول الظل، ومسؤولين من كوريا الشمالية وشركات صينية تصنع الطائرات المسيرة لصالح موسكو.
كان الاتحاد الأوروبي ذكر في وقتٍ سابق أن حزمة العقوبات الجديدة تستهدف كيانات في روسيا ودولاً أخرى تسهم بشكلٍ غير مباشر في تعزيز القدرات العسكرية والتكنولوجية لروسيا من خلال التحايل على قيود التصدير، بحسب بيان الرئاسة المجرية لمجلس الاتحاد الأوروبي.
هل تؤثّر العقوبات في روسيا؟
يقول أرن لوهمان راسموسن، كبير المحللين ورئيس قسم الأبحاث في Global Risk Management، في تصريحات لـCNN الاقتصادية، إن فرض عقوبات جديدة من قبل الاتحاد الأوروبي ستجعل من الصعب على روسيا الحصول على إيرادات من نفطها، حيث سيكون لها تأثير سلبي على صادرات النفط الروسية، «حيث يجب أن نتوقع المزيد من الناقلات الخاملة من روسيا الآن».
وأضاف راسموسن، أن «المهم الآن هو هل مع تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، سيتم الإبقاء على العقوبات الروسية».
ويتوقع راسموسن أن توثّر تلك العقوبات على النفط الروسي في الأسعار بشكل ضئيل، حيث هناك الكثير من المنتجين من خارج أوبك+ ومنتجي أوبك+ الآخرين الذين يسعدهم سد أي فجوة في العرض، ما سيدفعهم لزيادة الإنتاج لتعويض النقص في المعروض.
وتضيف حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة 52 سفينة من «أسطول الظل»، وهو تعبير يُطلق على السفن التي تحاول الالتفاف على العقوبات الغربية، لنقل النفط والأسلحة والحبوب، ليرتفع بذلك عددها الإجمالي إلى 79.
وبدأ الاتحاد الأوروبي بإدراج هذه السفن في وقت سابق هذا العام بعد زيادة عدد السفن التي تنقل البضائع التي لا تخضع للتنظيم أو التأمين من قِبل مقدمي الخدمات الغربيين التقليديين، إذ تضمنت القائمة سفناً سلمت ذخيرة من كوريا الشمالية إلى روسيا.
وتضيف العقوبات الجديدة 84 فرداً وكياناً جديداً، من بينهم سبعة أفراد وكيانات صينية.
بالإضافة إلى ذلك، تضم القائمة كبار المديرين في قطاع الطاقة الروسي ومسؤولين كبيرين من كوريا الشمالية، فضلاً عن 20 شركة وكياناً روسياً في عددٍ من الدول، مثل الهند وإيران وصربيا.
ويقول ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، لـ«CNN الاقتصادية»، إنه من المرجح أن تؤدي العقوبات الجديدة إلى تشديد الخناق على قدرة روسيا على استخدام أسطولها «أسطول الظل» لتصدير النفط، ما يؤدي إلى خلق تحديات لوجستية للخام والمنتجات المكررة الروسية، وخاصة إذا تم فرض قيود على التأمين أو التمويل أو الوصول إلى الموانئ.
وأضاف جوربناز، أنه في الوقت التي قد تعيد روسيا توجيه الكميات إلى أسواق خارج الاتحاد الأوروبي مثل الصين والهند، فإن التكاليف المتزايدة وانعدام الكفاءة قد يؤدي إلى تآكل هوامشها، «إذ قد تؤدي العقوبات إلى بعض التقلبات في السوق، اعتماداً على مدى قوة تنفيذها، وإذا أدّت العقوبات إلى تقليل توفر البراميل الروسية في السوق العالمية، فقد ترتفع الأسعار مؤقتاً».
وارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم الأربعاء مع بقاء المستثمرين حذرين قبيل قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بشأن سعر الفائدة ومع تقييم أثر فرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا على الإمدادات، حيث صعدت العقود الآجلة لخام برنت 32 سنتاً أو 0.44 بالمئة إلى 73.51 دولار للبرميل، كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 32 سنتا أو 0.46 بالمئة إلى 70.40 دولار للبرميل.
ويقول المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، إنه يمكن تعويض نقص المعروض في سوق النفط العالمي الناتج عن تراجع صادرات النفط الروسي من خلال زيادة الإنتاج من قبل لاعبين رئيسيين آخرين أو تباطؤ الطلب بسبب الظروف الاقتصادية، «في حين من المرجح أن تجد روسيا مشترين ومسارات بديلة لنفطها، فإن حجم المعروض الذي يصل إلى الأسواق العالمية قد ينخفض قليلاً، وينطبق هذا بشكل خاص إذا كان التنفيذ صارماً وواجه أسطول الظل صعوبات في العمل بشكل فعال، ولكن وبمرور الوقت، قد يؤدي هذا إلى توازنات أكثر صرامة بين العرض والطلب، وخاصة بالنسبة لدرجات معينة من النفط».
أسطول الظل الروسي
«أسطول الظل» هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى مجموعة من السفن التي يتم استخدامها في تهريب النفط الروسي بطرق غير قانونية، حيث تُحاول تجنب العقوبات الدولية المفروضة على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، هذه السفن لا تحمل علامات واضحة أو تستخدم وسائل للتحايل على أنظمة تتبع السفن، ما يجعلها صعبة المراقبة من قبل السلطات الدولية.
ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير 2022، فرضت الدول الغربية، بما فيها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، عقوبات اقتصادية واسعة على روسيا، تهدف هذه العقوبات إلى تقليص قدرة الحكومة الروسية على تمويل الحرب من خلال تقليل صادراتها من النفط والغاز، وهما المصدران الرئيسيان للعائدات الروسية.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية