"كيف يتعلم أبناؤنا العربية في المهاجر؟" هو السؤال العنوان الذي يحاول الكتاب الإجابة عنه في صفحاته الـ343، وهو يضم 14 مبحثاً، ثلاثة منها نظرية تشخيصية هي مداخل للموضوع، وستة موضوعية تطبيقية تتناول العربية في المهاجر الأوروبية، والخمسة الأخرى مماثلة لها ترصد العربية في المهاجر الأميركية والأسترالية والأفريقية. وهكذا، تشكل المباحث المختلفة في "مشهدية جامعة جوهر المسألة التي يرومها المشاركون الـ14 في هذا الكتاب الجديد في طرحه وشمول رؤيته التربوية والنفسية والاجتماعية والأنثروبولوجية". وحسبنا أن نعرف أن عدد المهاجرين العرب حول العالم يُقدّر بما يزيد على 41.1 مليون مهاجر، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2022، لندرك أهمية الموضوع المطروح وضرورة الكتاب الطارح.
يستهل المدير العام لـ"مؤسسة الفكر العربي" الأكاديمي هنري العويط الكتاب بتوطئة يتناول فيها مناسبة وضعه وعالمية اللغة العربية وأسباب اهتمام المؤسسة بها وأسئلة الكتاب وتعدد حقوله المعرفية وأهمية المباحث الواردة فيه والتحديات والصعوبات التي يطرحها، ويخلص إلى التعويل على أن "يسهم هذا الكتاب في إثارة الوعي بضرورة إيلاء مسألة تعليم العربية لأبناء المهاجرين العرب ما تستحقه من رعاية واهتمام وفي التحفيز على رسم السياسات ووضع الخطط والاستراتيجيات وإطلاق المبادرات التي من شأنها ترسيخ الحقوق اللغوية للمجموعات التي تنتسب إلى هوية عربية جامعة ولغة أمٍّ تمتد جذورها إلى إرث عريق ضارب في أرومته التاريخية والحضارية...".
اللغة العربية في العالم (مؤسسة الفكر العربي)
ينسق مباحث الكتاب الباحث والأكاديمي اللبناني نادر سراج الذي سبق له أن شارك في وضع الكتاب الأول الصادر عن المؤسسة نفسها بعنوان "لننهض بلغتنا". ويشارك فيه بمبحث نظري بعنوان "اللغة العربية وآفاق تعلميتها في المهاجر"، يتوخى فيه تأطير الموضوع، من خلال مجموعة مقدمات ومداخل ومطالب، فيتناول في المقدمات المهمة المنوط به تنسيقها، والمنهج اللساني المعتمد في البحث والفئة المستهدفة منه. ويتناول في المداخل اللغة البينية بين لغتي المهاجر والمقيم، واللغة الأم باعتبارها مدخلاً لتعزيز الهوية الإنسانية والطرائق المعتمدة في تدريسها. ويتناول في المطالب مواضيع التطور اللغوي واللساني والهوياتي والاستدامة اللغوية والتعدد والازدواج اللغويين. ويخلص، من خلال هذا التناول المركب، إلى مجموعة من النتائج، أبرزها ارتباط تعلمية اللغة بثقافة البلد وحضارته وانتظام سياسات التخطيط اللغوي في كلٍّ تربوي ومعرفي متناغم وأهمية المكون اللغوي الأمومي في ترسيخ الهوية الوطنية والقومية. وبذلك، يشكل المبحث مدخلاً مناسباً لموضوع الكتاب.
عصر الإنترنت
يلي المدخل الأول مدخل ثانٍ بعنوان "العربية ومكانتها في عصر الإنترنت"، قام بإعداده الباحث والمفكر اللبناني أحمد بيضون. وهو، إذ يربط فيه بين مكانة اللغة وحضورها النوعي في فضاء الإنترنت، يروح يتقصى بالأرقام حضور العربية في هذا الفضاء، ويخلص إلى ضموره وعدم تناسبه مع عدد الناطقين بها حول العالم. ويذكر ما يترتب على ذلك من عواقب تجعل أهل اللغة ينصرفون عنها إلى لغات أخرى أكثر حضوراً في الفضاء الافتراضي، لا سيما الإنجليزية منها. ويرصد، في سياق البحث، تأثير هذا الفضاء في التجاذب التاريخي بين المستويات اللغوية المختلفة، وهو سلبي على الفصحى بتجريدها من امتياز الكتابة وإيجابي على العاميات بمنحها هذا الامتياز، من دون أن يغفل دوره في تيسير الفصحى وتليين مفاصلها من خلال الحيز الذي يتيحه لها في التفاعل مع العاميات المختلفة المنشورة.
أما المدخل الثالث للكتاب، فيتمثل في المبحث الذي أعده الباحث والأكاديمي الأردني عيسى عودة برهومة بعنوان "اللغة العربية الأم وبناء تصوراتنا للعالم"، وفيه يسعى إلى تشخيص موضوع اللغة الأم في المهاجر من وجهة نظر اللسانيات الإدراكية، ويحاول رصد إسهام اللغة الأم في بناء تصورات الطفل للعالم وإدراك هويته، ويتوقف عند قيمة اللغة في حفظ الترابط الاجتماعي ودوافع تعلمها الدينية والقومية والعملية. ويخلص إلى التأكيد على أهمية اللغة آلية دفاع عن الهوية وأداة تضامن اجتماعي وأهمية الدرس اللساني في مقاربة اللغة وأهمية الثنائية اللغوية في فتح الآفاق لذويها وأهمية وعي أبناء المهاجرين هواجس أهلهم المتعلقة باللغة الأم.
من هذه المداخل النظرية الثلاثة، يمكن الدخول إلى المباحث الأخرى التطبيقية الميدانية في الكتاب التي تتوخى الإجابة عن السؤال/ العنوان، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الأجوبة عن هذا السؤال تتعدد بتعدد المباحث وتختلف باختلاف.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية