في مثل هذا اليوم قبل ستين عاماً، سقطت آخر سلطنة عربية في قارة أفريقيا في ثورة يسارية دموية، فما قصة تلك السلطنة؟ ولماذا قررت الغالبية الأفريقية إسقاطها؟

في 19 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1963 استقلت سلطنة زنجبار عن التاج البريطاني بعد 73 عاما من الاحتلال، وبعد شهر واحد فقط - أي في يناير/كانون الثاني - من عام 1964 أطاحت الأغلبية الأفريقية بحكم النخبة العربية في ثورة يسارية دموية. فما هي قصة هذه السلطنة؟

الموقع والسكان تقع جزيرة زنجبار وسط مياه المحيط الهندي، وتبلغ مساحتها 2500 كيلومترا مربعا، وتتبع تنزانيا مع تمتعها بحكم ذاتي كبير. وجاء اسم الجزيرة من الكلمتين الفارسيتين "زانغي بار" وتعنيان "ساحل الزنوج"، وسيطر عليها على مر الزمان البرتغاليون، والبريطانيون، والعُمانيون وغيرهم من الشعوب.

وتعد مدينة "ستون تاون" البالغ عدد سكانها 900 ألف شخص، من أقدم المناطق السكنية بالجزيرة، ويعتمد سكانها على الصيد وإنتاج البهارات.

وأهم ما يميز الجزيرة عن غيرها، تخطيطها العمراني وأزقتها القديمة، التي تحمل آثار تصاميم معمارية لحضارات عدة.

وتشكل تاريخ زنجبار بشكل كبير من خلال جغرافيّتها، وساهمت الرياح السائدة في المنطقة في وضعها مباشرة على طرق التجارة في المحيط الهندي وجعلتها وجهة للتجار والمستوطنين من شبه الجزيرة العربية وجنوب آسيا والبر الرئيسي الأفريقي.

قصص مقترحة نهاية

وتقول دائرة المعارف البريطانية إن المهاجرين الأوائل للجزيرة هم الأفارقة، ثم جاء بعدهم الفرس، الذين بدأوا في الوصول إلى زنجبار في القرن العاشر، واندمجوا بعد فترة وجيزة مع السكان المحليين حيث اختفى وجودهم كمجموعة منفصلة، لكن ظل تأثيرهم واضحاً في مجموعتين من السكان هما هاديمو وتومباتو.

واعتنق السكان الأفارقة الفرس الإسلام وتبنوا العديد من التقاليد الفارسية، وحتى اليوم، يُطلق معظم سكان زنجبار الأفارقة على أنفسهم اسم "شيرازي"، وهو اسم مشتق من إمارة شيراز الفارسية القديمة، التي جاء منها الفرس الأوائل.

وكان للعرب أعمق تأثير على زنجبار، لأن موقع الجزيرة جعلها مثالية للتجارة عبر المحيطات، وأنشأ العرب من عُمان مستعمرات للتجار وملاك الأراضي في زنجبار، وفي نهاية المطاف أصبحوا يمثلون النخبة في الجزيرة.

ثم جاء البرتغاليون في القرن السادس عشر وغزوا جميع الموانئ البحرية على الساحل الشرقي لأفريقيا، بما في ذلك مومباسا، وكذلك الجزر مثل زنجبار وأجزاء من الساحل العربي، بما في ذلك العاصمة العمانية مسقط.

ومع ذلك، كان هدف البرتغاليين تجارياً إلى حد كبير وليس سياسيا، وعندما تضاءلت قوتهم مع حلول القرن السابع عشر، لم يتركوا سوى القليل من علامات وجودهم، بحسب دائرة المعارف البريطانية.

الإمبراطورية العُمانية وطرد العمانيون البرتغاليين من مسقط في عام 1650، وأرسلوا أساطيل لمهاجمة القواعد البرتغالية في سواحل الهند وأفريقيا، وبدأ العمانيون في تشكيل أسطولهم البحري العسكري الضخم معتمدين على الأسطول البرتغالي الذي سيطروا عليه.

وقد نجحت البحرية التابعة لعُمان في طرد البرتغاليين من سواحل شرق أفريقيا باستثناء موزمبيق، حيث سيطر العمانيون على مومباسا في كينيا في عام 1661 وباتت زنجبار تحت سيطرة العُمانيين بالكامل عام 1696.

كما هاجم العمانيون القوات البرتغالية في مومباي في الهند عبر المحيط الهندي في عامي 1661 و1662، وألحقوا أضرارا جسيمة بالأسطول البرتغالي.

وهكذا تشكلت الإمبراطورية العُمانية، عندما انطلقت الأساطيل العمانية لتطارد الأساطيل البرتغالية وفرضت الحماية على الموانئ المحيطة ببحر العرب لتمتد الإمبراطورية من كوادر شرقا (تقع جنوب باكستان اليوم) حتى ماجنكا جنوبا ( تقع في جزيرة مدغشقر).

لكن عصفت حرب أهلية بالبلاد بسبب نزاعات على خلافة الإمام في أوائل القرن الثامن عشر، ووقعت عُمان فريسة لاحتلال فارسي في عام 1737، حتى تمت مبايعة أحمد بن سعيد، حاكم صُحار، إماما في عام 1744، الذي نجح في طرد الفرس وأسس أسرة آل بوسعيد التي لا تزال تحكم عمان حتى اليوم.

وقد استغل الوالي المزروعي، والي عُمان على شرق أفريقيا، انشغال الإمام أحمد بن سعيد في محاربة الفرس فاستقل بمُلك مومباسا وملحقاتها بما فيها زنجبار، وامتنع عن دفع الضريبة المفروضة.

وفي ظل حكم سعيد بن سلطان، حفيد أحمد بن سعيد، استعادت عُمان السيطرة على زنجبار في عام 1828 ليصبح لقبه سلطان عمان وزنجبار، ونقل عاصمته إلى زنجبار في عام 1832.

الحماية البريطانية أدى التوسع السريع لتجارة الرقيق في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، بسبب الطلب على عمال المزارع في أمريكا الشمالية والجنوبية، إلى جعل زنجبار محورية لطرق تجارة الرقيق والعاج.

وكما كانت زنجبار نفسها تمتلك موارد كبيرة من جوز الهند والقرنفل والمواد الغذائية.

غير أنه وبعد وفاة سعيد عام 1856، تقاتل ابناه ماجد وثويني على خلافته، وهو ما أدى إلى انقسام الإمبراطورية إلى قسمين: القسم الآسيوي تحت حكم ثويني بن سعيد، الذي كان ينوب عن والده في حكم عمان منذ عام 1833.

والقسم الأفريقي، أي زنجبار، الذي أصبح تحت سلطة ماجد بن سعيد، وسيطرت هذه السلطنة على الأراضي الأفريقية الشاسعة التي استحوذ عليها سعيد في البر الأفريقي.

وفي أواخر القرن التاسع عشر، وسعت بريطانيا نفوذها ليشمل شرق أفريقيا بشكل عام وزنجبار بشكل خاص.

وفي حين قام السلطان ماجد بن سعيد بتوسيع ممتلكات زنجبار الإقليمية ما أدى إلى ارتفاع أهميتها التجارية العالمية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، اضطر خلفه برغش بن سعيد (حكم من 1870 إلى 1888)، إلى الانحناء للقوى الأوروبية وتقسيم الأرض بين البريطانيين والألمان، وسار السلاطين اللاحقون على نهجه.

وبحلول عام 1890، أقنعت بريطانيا السلطنة بالتخلي عن أراضيها في البر الرئيسي لألمانيا، وأعلنت أن سلطنة زنجبار محمية تابعة لها، وهي الحماية التي استمرت لأكثر من 70 عاما.

وعندما أصبحت زنجبار محمية بريطانية، حددت بريطانيا هدفين رئيسيين عملت على تحقيقهما وهما: إلغاء العبودية، واستعادة الاقتصاد التجاري للجزيرة لعافيته.

وقد أثارت السياسة.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بي بي سي عربي

منذ ساعة
منذ 4 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ ساعة
منذ 5 ساعات
منذ ساعتين
اندبندنت عربية منذ 22 ساعة
بي بي سي عربي منذ 21 ساعة
قناة العربية منذ 14 ساعة
قناة العربية منذ 14 ساعة
قناة العربية منذ 5 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 22 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات