تكتسب الممرات المائية أهميتها من الطبيعة الجغرافية للكوكب الذي نعيش عليه، إذ تُعتبر نقطة وصل بين البحار والمحيطات المختلفة التي تغطي نحو 70% من مساحة الأرض، ويبحر عبرها نحو 80% من حجم التجارة العالمية.
ولكن بعض المضائق والممرات المائية تكتسب حالياً أهمية متزايدة بسبب المخاطر التي تواجهها، والتي تتنوع من التغير المناخي، إلى التوترات السياسية.
في ما يلي أبرز المضائق والممرات المائية التي قد تواجه تحديات خلال العام المقبل:
مضيق "ملقا" ومعضلة الجغرافيا
يُعتبر هذا المضيق الذي يربط بين المحيطين الهندي والهادئ، ويقع بين سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا، أهم نقطة اختناق بحرية في العالم.
يمر عبر هذا المضيق نحو 94 ألف سفينة سنوياً، وهو ما يمثل نحو 30% من حجم التجارة العالمية، من بينها نحو ثلثي تجارة الصين، و80% من وارداتها النفطية.
موقع هذا المضيق جعله معرضاً للمخاطر، إذ تحتاج السفن عادةً لأن تبطئ خلال العبور، ما يزيد سهولة صعود القراصنة على متنها.
أفاد "المكتب البحري الدولي" في تقرير عن القرصنة شمل الفترة من يناير وحتى سبتمبر الماضي، بتسجيل 79 حادثة، 45 منها في جنوب شرقي آسيا، و12 في شبه الجزيرة الهندية.
بالإضافة إلى أخطار القرصنة، فإن توقف عدد كبير من السفن في سنغافورة إما لتسليم البضائع أو التزود في الوقود، يزيد من خطر حدوث اصطدامات، نظراً لتقاطع مسارات الناقلات مع سفن الصيد.
وكان رئيس وزراء تايلندا سريثا ثافيسين، كشف في نوفمبر الماضي، وقوع أكثر من 60 حادثاً بحرياً سنوياً في الممر الملاحي.
التحدي الأهم أمام هذا المضيق، أنه قد يصل إلى سعته القصوى بحلول 2030، خصوصاً مع نمو حركة الشحن البحرية بنسبة 2% على أساس سنوي.
وكمحاولة لحل هذه المعضلة، تحاول تايلندا إنشاء "جسر بري" بطول 100 كيلومتر في أضيق جزء من شبه جزيرة الملايو، حيث يمكن تفريغ البضائع ونقلها بالسكك الحديدية والطرق، وتجنب المضيق.
وفي نوفمبر الماضي، أطلع ثافيسين المستثمرين في سان فرانسيسكو على هذا المشروع الذي يتوقع أن تبلغ تكلفته 28 مليار دولار، مؤكداً أنه سيختصر مدة الرحلة بمتوسط 4 أيام، ويخفض تكلفة الشحن بنسبة 15%.
مضيق "هرمز" وخطر الإغلاق
يُعتبر هذا المضيق من بين الأهم في العالم، خصوصاً أن 30% من تجارة النفط العالمية تمر من خلاله.
في الربع الأول من السنة الجارية، شحنت الناقلات نحو 15.5 مليون برميل يومياً من الخام والمكثفات من السعودية والعراق والكويت والإمارات وإيران، كما مر منه أكثر من خُمس إمدادات العالم من الغاز الطبيعي المسال خلال الفترة نفسها، وفق "بلومبرغ".
حتى الآن لا يُوجد أي تهديد فعلي على المضيق، ولكن مع قدوم الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى السلطة مجدداً، وتعهده بفرض سياسة "الضغط القصوى" على إيران، فإن ذلك من شأنه أن يعيد التوترات إلى هذا المضيق.
يبلغ طول المضيق نحو 161 كيلومتراً، وعرضه 33 كيلومتراً عند أضيق نقطة، في حين أن عرض ممرات الشحن لا يتجاوز الثلاثة كيلومترات. هذه الجغرافيا تعني أن السفن المارة بهذا المضيق، معرضة للاستهداف من الصواريخ التي تطلق من اليابسة، بالإضافة إلى سهولة اعتراضها عبر الزوارق أو المروحيات أو حتى الألغام.
خلال 2005، و2008، و2011، و2019، أطلقت إيران تهديدات بإغلاق المضيق. ورغم أنها لم تقم بهذه الخطوة أبداً، وأغلب الظن لأن نفطها يمر من هذا المضيق. ولكن طهران استهدفت السفن التجارية هناك مراراً، واحتجزت بعض السفن كوسيلة ضغط في التعامل مع خلافات، كما أن دعمها لجماعة الحوثي في اليمن واستهدافهم السفن التجارية في مضيق باب المندب، يشير إلى وجود استعداد لتعطيل حركة التجارة في حال أحست بالخطر.
مضيق "باب المندب" وأزمة البحر الأحمر
لطالما اعتُبر هذا المضيق مهماً، خصوصاً بعد اكتشاف النفط في دول الخليج في ثلاثينيات القرن العشرين.
ومع تغلغل نفط دول المنطقة في الاقتصاد العالمي، تعاظمت أهمية المضيق، فوفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، شهد النصف الأول من عام 2023، مرور نحو 8.8 مليون برميل يومياً عبر المضيق، مقارنةً بـ7.1 مليون برميل خلال عام 2022 بأكمله. كما بلغ حجم شحنات الغاز الطبيعي المسال نحو 4.1 مليار قدم مكعب، مقارنةً بـ4.5 مليار قدم مكعب في 2022.
شكل عام 1869، حدثاً مفصلياً زاد من أهمية المضيق، إذ أعلنت مصر آنذاك عن افتتاح قناة السويس، ما أعطى السفن المارة في المضيق إمكانية الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي شكل ممراً أقصر للوصول إلى أوروبا من شرق آسيا.
ولكن المضيق الذي تمر عبره 15% من التجارة المنقولة بحراً، يشهد تحديات عدة.
أبرز هذه التحديات وأكثرها خطورة يتمثل في استهداف جماعة الحوثي في اليمن لسفن تجارية منذ نوفمبر من العام الماضي، وذلك في إطار ما تقول الجماعة إنه ضغط على إسرائيل لوقف حربها على قطاع غزة.
كنتيجة مُباشرة لذلك، اختارت العديد من شركات الشحن عدم المرور بهذا المضيق، والقيام برحلة أطول حول أفريقيا، للوصول إلى وجهاتها، وهو ما زاد من كلفة وزمن الشحن، وبالتالي أثر على الكثير من الدول والمستهلكين حول العالم.
ظهر هذا التأثير على مصر بشكل خاص، إذ محت اضطرابات البحر الأحمر ما لا يقل عن 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس هذا العام، وفق ما أوضحته الرئاسة المصرية في ديسمبر الجاري.
من غير المعروف متى يمكن لهذه الأزمة أن تحل، خصوصاً أن جماعة الحوثي مصممة على مواصلة عملياتها حتى وقف إسرائيل لحربها على غزة، وهو أمر من غير الواضح ما إذا كان سيتم قريباً.
كما أن هذه الأزمة قد تتعاظم في الأيام والأسابيع المقبلة، خصوصاً مع زيادة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg