تكلمت بعض وسائل الإعلام قبل أيام عن التظاهرة التي أقامها في الغالب معارضون للثورة السورية وبعض الأقليات في المجتمع السوري كما تَزَعَّمَهَا بعض المعروفات بالتوجه النسوي الفلسفي، وهي تطالب بسوريا دولةً علمانية، وصرحت إحدى القائمات على هذه المظاهرة عن كونها لا تريد دولةً دينية لتعدد فئات المجتمع وأنه من الصعب أن يقبلوا بحكم فئة دون أخرى.
وأبدأ الحديث عن هذه التظاهرة بكونها غير مستغربة، فكثيرٌ من السوريين ولا سيما المتواصلون في أيام بشار مع مؤسسات الدولة الثقافية والتربويّة والإعلامية، مغيبون عن الدين بكامله، فلا يستغرب جهلهم بالدين والدولة الإسلامية، وأنهم لا يعرفون عن معناها إلا كونها تنتمي إلى العالم الإسلامي، وأما أن يكون تنظيمها دينيًا، فهذا لا يعرفون عنه إلا ما ينتجه الإعلام الفرنسي من تشويه، ويقوم الإعلام الأسدي بتدويره ومن ثَمَّ التباهي بكون سوريا دولة علمانية وهي أيضًا ليست كذلك.
ومع كونها غير مستغربة لم نجد كثيرًا من الفنانين شاركوا فيها بالفعل أو بالتأييد، كذلك لم نجد غير قليل من المتواصلين وظيفيًا أو ثقافيًا مع مؤسسات الدولة أيدوا المظاهرة أو شاركوا فيها.
وفي تصوري أن جميع المشاركين هم من الخائفين من دولة جديدة أياً كانت، أي دينية أم علمانية، وما دَفَعَهم لهذا العمل سوى ارتباطهم بالدولة القديمة وخوفهم أن يكون ذلك محل تجريم في المستقبل فراموا إشغال النظام المنشغل أصلاً بتأمين الناس وسد جوعهم، وتَسَلُمِ أجهزة الدولة وسد ثغراتها، حتى لا يجد فرصة للتفكير ويبقى في مكانه وتتكاثر عليه المشاكل، فمن مشكلة الدينية والعلمانية إلى مشكلة أي نوع من أنواع النظم العلمانية وأي نوع من أنواع النظم الدينية وتبقى الأقدام تراوح مكانها.
هكذا أظن فيمن قام بالمظاهرة حيث لم أجد تأييدًا لها بين أكثر الناس حتى من يختلفون مع الثوار في أفكارهم الدينية أو السلفية، وذلك لاجتماعهم في بغض النظام السابق وخشيتهم أن يؤول أيُّ نزاع في الفروع إلى العودة على الأصل بالإبطال وهذا ما لا يريده الجميع.
وههنا مناسبة في أن أُبدي وجهة نظر في معنى الدولة الدينية؛ إذ لا مانع أن تكون الدولة مدنيةً ودينية في الوقت نفسه، وليست علمانية، والدولة المدنية هنا هي التي ليست رئاستها عسكرية، كما أن خططها الإنشائية والتربويّة والعلمية والاجتماعية والتجارية والزراعية وأجهزتها وإداراتها الحكومية وهيئاتها العامة وغير ذلك مما يتعلق بها، كلها مما ترمي فيه إلى تحقيق بيئة حضارية راقية لساكنيها، هذه هي الدولة المدنية حقًا وليست الدولة العلمانية؛ والدولة المدنية يمكن أن تحدث بنظام شُورِي، سواء انتُخِبَ أعضاء الشورَى فيه أم تم تعيينهم، المهم ألَّا يكون الانتخاب صوريًا كما كان في أكثر النظم التي تَعُدُّ نفسها نُظُمًا انتخابية، وألَّا يكون التعيين أهوائيًا كما في الأنظمة الاستبدادية.
وأعني بأعضاء الشورى ما يشملهم مُسمى مجلس الشورى ومجلس الوزراء أو أي هيئة يُوكل إليها وضع الأنظمة أو القيام عليها.
فإذا كان هؤلاء منتخبون أو معينون تعيينا حقيقيًا، بحيث تراعى في أعضائه جميع المواصفات التي تُطلب في المستشار أو الموظف الكبير، فإنه لن يكون مشيرًا بما يخالف الدين من أنظمة وتشريعات.
فمثلًا لن تجد رجلاً منتخبًا أو معينًا على أنه الأكفأ في الشورى.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية