أبطال غراهام غرين يبحثون عن اليقين عند الديكتاتور

المكان: المسافة البحرية الفاصلة بين شاطئي الولايات المتحدة الأميركية وجزيرة هايتي حيث تمخر سفينة ركاب عادية مياه البحر متجهة إلى الجزيرة. والزمان أيام حكم الديكتاتور دوفالييه المعروف باسم بابا دوك. والمناسبة التقاء وجود ثلاث شخصيات في عداد ركاب السفينة التقت صدفة ومن دون معرفة سابقة، لقاء يقود خطواتهم عند وصولهم. وتبدو مصائرهم متشابهة إلى حد ما بل هي متشابكة كما سنكتشف في سياق الأحداث التالية، التي تدور في وقت يمضونه في جمهورية الخوف التي كانتها هايتي، في الأقل خلال النصف الأول من الستينيات، العقد الذي توسطته كتابة الروائي الإنجليزي غراهام غرين هذه الرواية التي تحمل عنواناً في منتهى البساطة هو "الكوميديون". قلنا في منتهى البساطة؟ حسناً كان يمكننا أن نقول أيضاً: عنواناً في غاية التعقيد، ما دام سيظل عسيراً علينا أن نفهم مبرر هذا العنوان باعتباره يوصف "مهنة" الشخصيات الثلاث من دون أن تكون تلك المهنة واضحة أو على علاقة بالأحداث نفسها. فرواية" الكوميديون" ليست رواية عن الفن ولا عن التمثيل ولا عن الكوميديا على أية حال، والشخصيات الثلاث التي تلعب الأدوار الرئيسة فيها، لا تتسم بأدنى مرح ولا يمكن لأي منها إلقاء فكاهة عابرة، بل يمكننا في هذا الإطار أن نذهب بعيداً جداً لنقول إن الرواية هي رواية عن الإيمان. وحتى ليس الإيمان بالمعنى الديني للكلمة، بل الإيمان بالمعنى السيكولوجي الداخلي وربما بتحديد أكثر، رواية عن الحاجة إلى الإيمان.

من أعماق غرين

والحقيقة أن القراء المعتادين على أدب غراهام غرين وعلى التفاعل معه سابرين دواخله من خلال هذا الأدب عادة، هم وحدهم الذين يبدون قادرين على فهم هذه الرواية من الوهلة الأولى وإدراك ما قلناه بصددها، على رغم أن الكاتب نفسه قد وصفها دائماً بأنها رواية ترفيه تختلف في جوهرها عن رواياته الكبرى التي كان ينظر إليها عادة، ويجاريه قراؤه في نظرته، نظرة جدية ("السلطة والمجد" أو "جوهر القضية" أو "صخرة برايتون"، أو ما يشبهها من رواياته الكبرى التي دائماً ما بررت موقف أولئك الذين كانوا يتوقعون له الفوز بجائزة نوبل الأدبية ذات يوم). "

"الكوميديون" رواية ترفيه حقاً ولكن في جانب فقط منها ربما، وقد نجرؤ على القول إنه ليس جانبها الأساس. أما الجانب الأساس فيكون في الحوارات والمواقف التي تدور بين "أبطالها" الثلاثة وتفرق أو تجمع أو حتى توحد بينهم. ولعل في إمكاننا أن نزعم هنا أن هذا البعد الأخير إنما يتأتى من كون كل من الثلاثة إنما يعبر عن جانب ما من جوانب شخصية الكاتب نفسه. ففي نهاية المطاف سيبدو من خلال تحديد المرحلة الزمنية التي كتب فيها غراهام غرين (1904- 1991) هذه الرواية أنه كتبها، وحتى بصيغتها الترفيهية التي يصر عليها، أملاً في أن يطرح من خلالها أسئلة كانت تشغل باله. وحسبنا هنا أن نتذكر أن غرين كان قد كتب قبلها نصوصاً ترفيهية أيضاً وتغوص في حس المغامرات والأبعاد السياسية جاعلاً مسارحها على التوالي، سييرا ليوني وكوبا والكونغو التي كانت تسمى لجيكية، وهي بلدان كانت مستعمرة أو خارجة لتوها من الحكم الاستعماري الغربي وتطرح من ثم على غراهام غرين كغربي ليبرالي، عدداً كبيراً من الأسئلة الشائكة، فيما يطرح عليه إيمانه الكاثوليكي أسئلة من نوع آخر، ربما يكون معظمها أخلاقياً لكنه يتعلق مباشرة بجدوى إيمانه الطوعي.

حوارات ومصائر

والحقيقة أنه لئن كانت الرواية التي نتحدث عنها ترفيهية، بل تكاد تبدو في نهاية الأمر رواية بوليسية مفعمة بالمطاردات والمغامرات والتشويق البوليسي والغراميات، فإن هذا البعد يجد مبرراته من خلال طبيعة النظام.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
بي بي سي عربي منذ 21 ساعة
قناة الغد منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 15 ساعة