إعلان وكالة سانا السورية الرسمية في الحادي عشر من الشهر الجاري إحباط جهاز الاستخبارات العامة بالتعاون مع إدارة الأمن العام، محاولة تفجير مقام السيدة زينب من قبل أفراد ينتمون لتنظيم "داعش" في محيط العاصمة دمشق واعتقال الأشخاص المتورطين، يؤكد مخاوف البعض من احتمال عودة هذا التنظيم إلى النشاط بعدما اعتقد البعض أنه انتهى في سوريا، بسقوط آخر معاقله في بلدة الباغوز، في محافظة دير الزور في 19 من مارس 2019 .
لكن بعضهم الآخر يرى أن تنظيم "داعش" لم يتوقف يوماً عن النشاط في البادية السورية وقد نفذ مئات الهجمات ضد عناصر النظام السابق والسكان المدنيين هناك في الأعوام الماضية ووصلت ضحاياه إلى المئات عبر كمائن محكمة، حتى أن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي حذر في 12 ديسمبر الماضي من ظهور نشاط تنظيم "داعش" للعلن بعد أن كان مخفياً، منبهاً إلى أن التنظيم بات يدخل إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ولم يعد نشاطه مقتصراً على البادية، مستغلاً التطورات الميدانية الجديدة في سوريا.
عودة "داعش" والسؤال الآن: ما مدى قوة وحضور خلايا التنظيم في سوريا؟ وكيف ستتعامل معه السلطات السورية الجديدة؟ وكيف سيكون موقف إدارة ترامب منه؟ وهل ستعمل على إبقاء قواتها في سوريا بحجة محاربته؟
للإجابة على هذه الأسئلة يمكن التوقف عند 3 أمور:
الأول: يقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن نشاط خلايا تنظيم الدولة ارتفع منذ بداية عام 2024 وإنه نفذ 491 عملية في سوريا العام الماضي وإن عدد عناصره في سوريا يقدر بقرابة 3000 عنصر، منتشرين في محافظات الحسكة ودير الزور وحمص من بينهم 1800 عنصر في البادية السورية يتوزعون في جبل البشري وجبل العمور ومحيط تدمر والسخنة، بالإضافة إلى شمال دير الزور، كما ينشط حوالي 400 عنصر منهم في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والباقي يتواجدون في أماكن متفرقة من سوريا.
الثاني: إن انهيار النظام السوري السابق في الثامن من ديسمبر الماضي خلق فرصة جديدة لعصابات "داعش" للتسلح والتمدد إذ استولوا على مخزونات من الأسلحة والمعدات التي خلفها جيش النظام والميليلشيات الإيرانية الموالية له، ووفقاً لتقارير وخبراء عسكريين فإن التنظيم يعمل حالياً على تدريب مجندين جدد وحشد قواته في الصحراء السورية في محاولة للتمدد والسيطرة، ويرجح البعض أن تساهم حالة الاستقرار في سوريا، وانحسار سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عن المناطق العربية في تخفيض العنصر البشري الذي ينتسب إلى تنظيم الدولة، حيث يلتحق كثير من الأفراد بالتنظيم في إطار ردّ الفعل على الممارسات العنصرية التي يتعرضون لها من قوات سوريا الديمقراطية.
الثالث: هجوم نيو أورلينز في الولايات المتحدة يوم رأس السنة الجديدة الذي راح ضحيته 14 شخصًا إضافة إلى إصابة العشرات دق جرس إنذار الخطر من أن "داعش" ليس متواجداً فقط في سوريا والعراق وإنما قد يصل إلى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، ما يجعل إدارة ترامب الجديدة أمام تحدٍ كبير قد يؤدي إلى إعادة إحياء التحالف الدولي ضد التنظيم، الذي تشكّل في سبتمبر 2014 والذي كان يضم في حينه 79 دولة،
وفي هذا السياق، يحذر مدير مركز "تراينغل" للإرهاب والأمن الداخلي، ديفيد شانزر من سحب القوات الأميركية من سوريا لأن ذلك قد يؤدي إلى عودة ظهور التنظيم من جديد في ظل تقارير تقول بوجود مجموعات إرهابية تابعة لـ"داعش" في إفريقيا وشبه الجزيرة العربية وجنوب شرق آسيا، حتى أن مايكل ماكول الذي شغل منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب نبه من عودة ظهور "داعش" في أفغانستان وباكستان ونصح ماكول إدارة ترامب الجديدة بالحذر من تنامي "داعش" في سوريا واستخدامه وسائل التواصل الاجتماعي.
يبقى السؤال: هل تستطيع إدارة العمليات العسكرية التي تولت الحكم في دمشق أن تقضي على تنظيم "داعش" كما فعلت السلطات في العراق؟ وهل سيكون ذلك بالتعاون مع القوات الأميركية وقوات قسد التي أبدت استعدادها للانضمام للجيش السوري الجديد؟
مواضيع ذات صلة
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد