نضجت ملامح اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل، على نحو كبير، بعد مضي 15 شهراً من الحرب الدامية التي أوقعت عشرات الآلاف من الضحايا، وتسببت بدمار يحتاج قطاع غزة عشرات السنوات بل ربما أكثر لإعادة إعماره للعيش الآدمي.
ووسط الترجيحات بقرب إعلان الصفقة بين الجانبين، إذا جرت الأمور كما هو مخطط لها، تتصاعد التعليمات الإسرائيلية بالاستعداد لاستقبال الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة المتوقع إطلاق سراحهم.
مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وفي هذا الجانب، تفيد الإحاطات والتسريبات الإسرائيلية، بأن الاتفاق المرتقب يشمل "إطلاق سراح 33 أسيرا في المرحلة الأولى، بينهم نساء وأطفال ورجال فوق سن 55 ومرضى"، وستنفذ على مدى 42 يوماً، مع بدء الإفراج عن الأسرى المدنيين، ثم المجندات.
وعلى الصعيد الفلسطيني، سيتم السماح لسكان غزة بالعودة إلى المناطق الشمالية من القطاع ضمن ترتيبات أمنية محددة، على أن ينسحب الجيش الإسرائيلي تدريجياً إلى منطقة عازلة، مع استمرار سيطرته على بعض المناطق لضمان تنفيذ الصفقة.
وفي السياق ذاته، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنه "يتوقع الإفراج عن حوالي 1300 سجين فلسطيني في المرحلة الأولى، وسيتم نقل المعتقلين المدانين بعمليات قتل إلى قطاع غزة أو دول أخرى مثل قطر أو تركيا.
تفاصيل الصفقة بين "حماس" وإسرائيل وصرح قيادي في حركة "حماس" لمنصة "المشهد" أنه "في حال تم التوقيع على الصفقة ولم يتلاعب بها الإسرائيلي، سيكون هناك وقف إطلاق نار في قطاع غزة، وإدخال المعونات والمساعدات لأهالي القطاع، ومن ثم جمع المعلومات عن حال الأسرى الإسرائيليين لتقديم الكشف لإسرائيل خلال 7 أو 10 أيام، ومن ثم يتم الانتقال للخطوة الثانية من المرحلة الأولى وهي عودة النازحين، والبدء بتفكيك محور نيتساريم، وسيكون خلال هذه الأيام وهي 42 يوم أو 44، صفقات تبادل للأسرى يتم الأفراج خلالها عن 33 إسرائيلي أسماؤهم معروفة، وكذلك مصيرهم، إن كانوا جرحى أو أحياء أو غير ذلك".
وتابع القيادي قائلاً "بعدها سيتم الحديث عن ترتيبات المرحلة الثانية من الصفقة، والتي قد تشمل انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين بالمرحلة الثانية تزامناَ مع الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبدات العالية".
وأكد القيادي في حركة "حماس" خلال حديثه لـ"المشهد"، بأن "نتانياهو لا يريد وقف الحرب، ولولا ضغوط ترامب ومبعوث ترامب عليه، لما وافق على هذه الصفقة، وهناك مساحة للمراوغة، ومحاولات للإفلات من الضغوط الأميركية، يشيع بأنه يريد الصفقة ولكن يضع العراقيل والشروط، حتى اللحظة لم يسلم الخرائط التفصيلية للتراجع والانسحاب الإسرائيلي بالمرحلة الأولى على الأقل، ولم يوضح شكل الانسحاب من معبر رفح".
حركة فتح وصفقة الأسرى من حهته، كشف القيادي في حركة فتح أيمن الرقب خلال حديثه لمنصة "المشهد" بأن "الصفقة فرصة لالتقاط الأنفاس في ظل المعاناة والكارثة الإنسانية المستمرة في غزة، وتجاوز لأزمة كبيرة وعصيبة يعاني منها الأهالي والأطفال بفعل الحرب الإسرائيلية، والأهم وقف المقتلة الكبرى ضد الشعب الفلسطيني في غزة، والانتقال إلى مرحلة أخرى من الترميم و إعادة بناء الأمل".
وأكد القيادي في حركة فتح لـ"المشهد" بأن "هناك رغبة أميركية جامحة لإنهاء ووقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإن تمت الهدنة تكون فرصة لوقف الحرب بشكل كامل، وعلى مراحل تدريجية، لكن حتى الآن، لا نستطيع أن نقول بأننا على عتبة وقف كامل ونهائي للحرب، لكن هدنة طويلة ستكون كافية لوقف الحرب، خصوصا وأن طول مدتها ستعطي الوسطاء فرصة للتدخل لوقف الحرب، خاصة وأن إسرائيل تدرك بأنها لن تستطيع الوصول إلى مبتغاها في ظل استمرار العنف والقتل المستمر ضد الفلسطينيين في غزة".
وشدد القيادي الرقب لـ"المشهد"، "نحن أقرب من أي وقت مضى لتطبيق هدنة، وقد تكون بوابة ومرحلة مهمة للغاية لوقف الحرب، لكن نخشى انهيار الجهود قبيل الوصول إلى صفقة لمرحلة التنفيذ، إذا أصر نتانياهو على عودة القتال بشكل أو بآخر، ولم يلتزم، ووضع شروطاً جديدة".
اقتراب الهدنة في غزة وفي هذا الإطار يعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن خلال حديثه لمنصة "المشهد" بأن "الصفقة باتت قريبة جداً، ونحن الآن في اللحظات الأخيرة قبل بلورة اتفاقية الإطار، وهي ليست كاملة متكاملة وتحتاج من الليونة والمراعاة والاهتمام وقد تنفجر في كل لحظة، مثل ما حدث في المرة السابقة، ولكنها قريبة من دخول حيز التنفيذ خلال أيام".
وأضاف المحلل السياسي شتيرن "الهدنة مهمة في إسرائيل وتلقى تأييداً شعبياً واسعاً، فالشارع الإسرائيلي يريد عودة الأسرى لبيوتهم مقابل ثمن باهظ، ولأن استمرار الوجود العسكري في غزة يترتب عليه خسائر جمة بدون جدوى، الحرب لا تستمر للأبد، فنحن بحاجة لحلول دبلوماسية والحرب يتوجب أن تنتهي، ولكن هذا ليس مؤكداً هناك احتمالية العودة للقتال إن أرادت إسرائيل ذلك".
ضغط الإدارة الأميركية على نتانياهو وفي هذا الصدد، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة لمنصة "المشهد" بأن "الوسطاء وعلى رأسهم ترامب لن يسمحوا أن يمس الضرر بفرص إتمام الصفقة، والكل يسعى لإنجاحها، وهذا التحول الإيجابي ثمرة ضغط مبعوث الرئيس ترامب على نتانياهو الذي يتحمل حملاً ثقيلاً للخسائر المادية والبشرية التي تلحق بالإسرائيليين جراء رفضه لوقف الحرب، وعقدة الأثمان التي تدفعها إسرائيل".
وأضاف الخبير بالشأن الإسرائيلي "المشهد" بأن "المجتمع الإسرائيلي يعتقد بأن ترامب سيمنع نتانياهو من العودة للحرب والقتال، والواقع الذي ستخلقه الظروف الناشئة عن الصفقة في مراحلها الأولى، لن تمكن نتانياهو لوجستياً مع الجيش، وعودة النازحين إلى شماع قطاع غزة، من العودة للحرب، ممكن يكون على وتيرة الحرب التي حصلت في لبنان، اغتيالات وقصف جوي، وتوغل بري محدود، ولا ننسى بأن هناك جدلا إسرائيليا قائما يتمحور حول تخوف عائلات الأسرى الإسرائيليين من نسف وتفجير نتانياهو للصفقة خاصة المرحلة الثانية".
مواضيع ذات صلة
(المشهد)
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد