الشخصية العُمانية تميل إلى التصالح مع الآخر بفضل الموروث الحضاري الوسطي
الرؤية- فيصل السعدي
كشف الدكتور إبراهيم بن سليمان العميري مدير دائرة التوفيق والمصالحة بمحافظة مسقط أن عدد الطلبات الواردة في عام 2024 في محافظة مسقط وحدها بلغ 4925 طلبًا، حُسِم منها في نفس العام ما يُقارب 95%، وبقيت 5% قيد النظر، مشيرًا إلى أن نسبة الصلح عند حضور الأطراف في لجان المصالحة وصلت إلى ما يقارب 81% من الطلبات، فيما لم يتم الصلح في نحو 19% عند حضور طرفي النزاع، موضحا أن القضايا المدنية تأتي في مقدمة الطلبات المعروضة على اللجان، تليها الشرعية ثم التجارية.
وقال العميري- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن فكرة لجان التوفيق والمصالحة، فكرة أصيلة لدى المجتمع العماني الذي يتميز أبناؤه بسمات شخصية تجنح بطبيعتها للتصالح، فإضافة للبعد الديني الذي يحث عليه الشرع الحنيف في نصوصه الكثيرة فإن الموروث الحضاري للسلطنة تميز بوجود مثل هذه الكيانات وإن اختلفت مسمياتها باختلاف الأزمنة والتي توجت بوضعها في إطار قانوني ينظم عملها بالمرسوم السلطاني رقم 98/ 2005 والتي تعد فكرة رائدة في حينها نحت منحاها عدة دول في المنطقة وخارجها .
أهداف وغايات
وبيَّن العميري أنَّ لجان التوفيق والمصالحة تعنى بتحقيق عدة أهداف منها؛ حل النزاعات بين الأفراد بطريقة ودية، مما يساهم في الحفاظ على العلاقات الاجتماعية وتقوية أواصر المجتمع، وتخفيف العبء على القضاء؛ وذلك من خلال تسوية النزاعات خارج إطار المحاكم، حيث تساهم اللجان في تخفيف الضغط على الجهاز القضائي وتسريع سير الإجراءات القانونية، وتوفير حلول سريعة وفعّالة وبالتالي تعمل اللجان على تقديم حلول سريعة ومرنة للنزاعات، مما يوفر الوقت والجهد على الأطراف المتنازعة.
وتابع العميري قائلاً إن من أهداف لجان التوفيق والمصالحة تعزيز ثقافة الصلح والتسامح حيث تشجع اللجان على ثقافة الصلح والتسامح بين الأفراد، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكاً، وتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية وبذلك تستند لجان التوفيق والمصالحة في عملها إلى مبادئ راسخة في الشريعة الإسلامية، والتي تحث على الصلح والتسامح وحل الخلافات بالطرق السلمية.
وتحدث مدير دائرة التوفيق والمصالحة بمسقط عن مساهمة اللجان في حل الخلافات قبل الوصول للمحاكم فقد ساهمت لجان التوفيق والمصالحة بشكل كبير في حل العديد من المشكلات والنزاعات بين سواء بين الأفراد أو الشخصيات الاعتبارية كالشركات ونحوها قبل اللجوء إلى القضاء، وذلك من خلال عدة آليات كالحوار والتفاهم فتعمل اللجان على توفير بيئة آمنة ومحايدة للحوار بين الأطراف المتنازعة، مما يساعد على فهم وجهات نظر كل طرف والوصول إلى حلول توافقية، والوساطة والتيسير؛ حيث يمارس أعضاء اللجان دور الوساطة بين الأطراف بالسعي إلى تقريب وجهات النظر وإيجاد نقاط مشتركة بينهم، بالإضافة إلى التوعية القانوني من خلال مساهمة اللجان في توعية الأفراد والكيانات بحقوقهم وواجباتهم القانونية، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة وحل مشاكلهم بشكل سلمي، وتخفيف العبء على القضاء في تسوية النزاعات خارج إطار المحاكم، تساهم اللجان في تخفيف الضغط على الجهاز القضائي وتسريع سير الإجراءات القانونية، وتعزيز الثقة في النظام القضائي: تساهم اللجان في تعزيز ثقة الأفراد في النظام القضائي، حيث توفر لهم بديلاً سريعاً وفعالاً لحل النزاعات.
النزاعات الأسرية
ويقول العميري: "من المعلوم أن الحياة الزوجية عرضة لحدوث الخلاف كون الاختلاف سنة كونية في هذه الحياة وأشرف بيت في هذه البسيطة وهو بيت النبوة على صاحبه أفضل الصلاة والسلام نقلت إلينا كتب السيرة والحديث حدوث اختلاف به لكن الحكمة في إدارة هذا الخلاف وعدم استحالته لنزاع وشقاق حقيقي وإذا أردنا تلمس أسباب النزاع والشقاق الذي يصيب مؤسسة الأسرة فهي تختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال والثقافة".
وتابع العميري من أبرز الأسباب التي تودي الي حدوث خلافات ونزاعات أسرية قد تصل إلى الشقاق: اختلافات في الشخصية والقيم بين الزوجين، وعدم التوافق في نمط الحياة، واختلاف في التوقعات حول الأدوار الزوجية، والمشكلات المالية والديون المتراكمة، وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية، والاختلافات في إدارة الميزانية. وأضاف أن الأسر تواجه مشاكل في التواصل؛ وذلك نتيجة عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار بوضوح وهو ما نسميه "الاستماع غير الفعال"، والذي قد يؤدي إلى الاتهامات والانتقادات وتدخل الأهل أو الأصدقاء في شؤون الأسرة، أو المقارنات الاجتماعية، وخيانة أحد الزوجين للآخر، والشكوك والاتهامات المتبادلة، ويتبع ذلك مشاكل وخيمة مثل مشاكل التربية نتيجة اختلاف في أساليب التربية بين الزوجين، إضافة إلى الإجهاد والضغوط اليومية والمشاكل الصحية والعنف الأسري؛ سواء كان جسديًا أو نفسيًا أو لفظيًا أو إدمان أحد الزوج على المخدرات أو الكحول وفقدان وظيفة أحد الزوجين.
واستعرض العميري دور اللجنة في التصدي للنزاعات الأسرية والوصول إلى حل من خلال من خلال تهيئة الظروف والمناخ الملائم لحل الخلافات بدءا من استقبال الطلب عن طريق باحثة اجتماعية متخصصة ومقابلة طرفي النزاع واستكشاف الأسباب واقتراح الحلول تمهيدا لعرض تقريرها على اللجنة؛ ويكمن سر نجاح سير عملية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الرؤية العمانية