قراءة في خطاب ترامب حول السياسات الاقتصادية والتجارية الجديدة للولايات المتحدة

في خطاب ألقاه دونالد ترامب، خلال حفل تنصيبه رئيساً جديداً للولايات المتحدة، تناول مجموعة من السياسات الاقتصادية والتجارية التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأميركي وإعادة تشكيل العلاقات التجارية الدولية.

خطاب ترامب جاء ليؤكد التزام الإدارة الجديدة بجعل «أميركا أولاً»، وهو الشعار الذي تكرر كثيراً في حملته الانتخابية.

أبرز المحاور في خطاب ترامب

1- فرض تعريفات جمركية جديدة

أكد ترامب أن إدارته ستعمل على فرض تعريفات جمركية وضرائب على الواردات من الدول الأجنبية، وصرح قائلاً: «بدلاً من فرض ضرائب على المواطنين الأميركيين، سنضمن أن الدول الأخرى تدفع حصتها العادلة».

هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني والحد من العجز التجاري مع الدول الكبرى مثل الصين التي تعد أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، وألمانيا التي تشتهر بتصدير السيارات.

كما أشار إلى أن هذه السياسات ستستهدف صناعات مثل التكنولوجيا المتقدمة والصلب.

2- إنشاء هيئة جديدة للإيرادات الخارجية

أعلن ترامب عن إنشاء هيئة تُدعى «مصلحة الإيرادات الخارجية»، والتي ستتولى مسؤولية جباية الرسوم الجمركية والإيرادات من الشركاء التجاريين، وتهدف هذه الهيئة إلى ضمان أن الولايات المتحدة تستفيد اقتصادياً من تعاملاتها التجارية الدولية.

ستعمل الهيئة من خلال آليات رقابية صارمة وأنظمة تقنية متقدمة لضمان الشفافية والكفاءة في جمع الإيرادات.

يُذكر أن هذه الفكرة مستوحاة جزئياً من نماذج دولية مثل هيئة الجمارك وحماية الحدود في الولايات المتحدة أو هيئة الجمارك الكندية، ولكنها تركز بشكل أكبر على تعظيم الفوائد الاقتصادية من العلاقات التجارية.

3- إصلاح نظام التجارة

تعهد ترامب بإصلاح النظام التجاري الأميركي بما يضمن حماية العمال والعائلات الأميركية من السياسات التجارية غير العادلة، وذكر أن إدارته ستراجع كل الاتفاقيات التجارية لضمان أنها تصب في مصلحة الولايات المتحدة.

4- دعم الصناعات المحلية

أوضح ترامب أن السياسات الجديدة ستشمل تقديم حوافز للشركات الأميركية التي تُبقي وظائفها داخل الولايات المتحدة، مع فرض عقوبات على الشركات التي تنقل عملياتها إلى الخارج، من بين القطاعات التي قد تستفيد بشكل كبير من هذه السياسات قطاع التصنيع، خصوصاً صناعة السيارات والصلب، إضافة إلى قطاع التكنولوجيا الذي يسعى إلى تعزيز الابتكار داخل البلاد.

5- تعزيز السيادة الاقتصادية

أكد الرئيس أن الولايات المتحدة لن تسمح بعد الآن بأن يتم استغلالها من قبل الدول الأجنبية، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي هو تحقيق السيادة الاقتصادية واستقلالية القرار الاقتصادي الأميركي.

ردود الفعل على خطاب ترامب

لاقى خطاب ترامب تفاعلاً واسعاً بين المحللين الاقتصاديين والسياسيين، فالبعض أشاد بالسياسات المعلنة، معتبرين أنها قد تدفع بعجلة الاقتصاد الوطني وتسهم في تقليل العجز التجاري، مثلما أشار الخبير الاقتصادي جون سميث الذي وصف الخطاب بأنه «خطوة جريئة نحو حماية الصناعات الأميركية».

على الجانب الآخر، انتقد آخرون هذه التوجهات، محذرين من تداعياتها على العلاقات التجارية الدولية، وعلى سبيل المثال، صرَّح المحلل التجاري مارك جونز بأن «فرض تعريفات جمركية إضافية قد يؤدي إلى تصعيد حرب تجارية مع شركاء أساسيين مثل الصين والاتحاد الأوروبي».

والبعض اعتبر أن السياسات المعلنة قد تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني على المدى القصير، لكنها قد تؤدي إلى توترات تجارية مع الدول الأخرى، بينما أشاد آخرون بالتوجه الجديد الذي يهدف إلى تعزيز الصناعات المحلية وحماية العمال الأميركيين.

ردود الفعل الدولية

قد تواجه الإدارة الأميركية مقاومة شديدة من الشركاء التجاريين، مثل الصين التي قد ترى في هذه السياسات تهديداً مباشراً لصادراتها التكنولوجية والمنتجات الاستهلاكية، وألمانيا التي تعتمد بشكل كبير على تصدير السيارات إلى السوق الأميركية، الشركاء التجاريون قد يعارضون هذه السياسات أيضاً بسبب احتمالية تصعيد التوترات التجارية وتأثيرها السلبي على سلاسل التوريد العالمية، خاصة إذا تم فرض تعريفات جمركية عالية.

الأسواق

يمكن أن تؤدي السياسات الجديدة التي أعلن عنها ترامب في خطابه إلى تقلبات ملحوظة في الأسواق المالية على المدى القصير والطويل، ففي ظل توجهاته الحمائية التي تركز على تعزيز الاقتصاد الأميركي من خلال فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات، من المتوقع أن تتزايد تكاليف الاستيراد، وهو ما قد ينعكس سلباً على الشركات التي تعتمد على السلع المستوردة في سلاسل التوريد الخاصة بها، هذا بدوره قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات داخل السوق الأميركي، ما يضع ضغوطاً إضافية على المستهلكين.

علاوة على ذلك، قد تتسبب هذه السياسات في إحداث تقلبات في الأسواق المالية، حيث سيتعين على المستثمرين التكيف مع الوضع الجديد من خلال إعادة تقييم استثماراتهم في الأسواق العالمية، خاصة في ظل التوترات التجارية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين أو دول أخرى، يمكن أن تؤدي هذه التغيرات إلى تقلبات حادة في أسعار الأسهم والسلع، إضافةً إلى التأثير على قيمة الدولار الأميركي مقابل العملات الأخرى.

ورغم أن ترامب قد يروج لهذه السياسات على أنها تعزز النمو الاقتصادي الأميركي، فإن الخبراء يحذرون من أن تأثيراتها على التجارة الدولية قد تكون ضارة على المدى البعيد، مع احتمالية حدوث تراجع في حجم التجارة العالمية.

كما أن إنشاء هيئة جديدة مثل «مصلحة الإيرادات الخارجية» قد يتطلب وقتاً وموارد كبيرة.

وجاء خطاب ترامب ليؤكد التزامه بتطبيق سياسات اقتصادية وتجارية صارمة تهدف إلى حماية المصالح الأميركية، وبينما تبدو هذه السياسات واعدة من منظور تعزيز الاقتصاد الوطني، فإنها قد تحمل تحديات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ويبقى السؤال حول مدى قدرة الإدارة الأميركية على تحقيق توازن بين حماية الاقتصاد الوطني والحفاظ على العلاقات التجارية الدولية.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 6 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 10 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 9 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 7 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 10 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 9 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 13 ساعة