يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إحداث تحول جذري في سياسات الحكومة، في خطوة لم تشهدها البلاد منذ عقود. إذ يتحرك البيت الأبيض بسرعة نحو خفض الإنفاق، وتوسيع نطاق الرسوم الجمركية، وإلغاء اللوائح التنظيمية، وإعادة صياغة القواعد الضريبية.
هذه التغييرات تثير تساؤلات عديدة حول تأثيرها على الاقتصاد وفرص العمل وسوق الإسكان والتضخم وأسواق الأسهم.
ومع ذلك، لا أحد يستطيع التنبؤ بدقة بما سيحدث. لكن أفضل تخمين لما سيحدث يكمن في الرؤية الجماعية للأسواق، حيث تتجلى القرارات المستقلة التي يتخذها المستثمرون في عمليات البيع والشراء في تحركات أسعار الأسهم والسندات.
مايكل موبوسين، الاستراتيجي الاستثماري والأستاذ المساعد في كلية كولومبيا للأعمال، يحاكي مفهوم الرؤية الجماعية مع طلابه كل عام، من خلال مطالبتهم بتخمين عدد حبات حلوى الجيلي داخل جرة.
وفي أحدث النتائج التي نشرها عبر منصة "إكس" (X)، أوضح موبوسين أن "التخمينات الفردية كانت خاطئة بنسبة 50% في المتوسط، بينما كان متوسط الخطأ في التخمينات الجماعية في حدود 0.1%". بعبارة أخرى، "المجموعة أكثر ذكاءً من الفرد العادي داخلها".
يمكنك تخيل الأسواق المالية وكأنها أستاذ في إدارة الأعمال يرتدي نظارات، يجمع التقديرات حول أسعار الأصول بدلاً من عدد حبات الحلوى، مع فارق أن أسعار الأسهم والسندات تعكس كماً هائلاً من المعلومات.
فكل سعر يمثل نافذة على استثمار معين، لكن عند تحليل أسعار الأصول مجتمعة، فإنها ترسم صورة أشمل لاتجاه الاقتصاد والعوامل المؤثرة فيه، بما في ذلك السياسة النقدية ومستوى النشاط التجاري والسياسة الحكومية.
اتجاهات أسعار الفائدة والسندات
إليك نظرة سريعة على الأسعار التي أتابعها وما تكشفه عن حالة الاقتصاد في الوقت الحالي.
ابدأ بمراقبة العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 أعوام، حيث يمنح هذا المؤشر فكرة عامة عن المزاج الاقتصادي. فعندما يرتفع العائد، يكون ذلك عادةً مؤشراً على قوة الاقتصاد، وقد يصاحبه ارتفاع في معدلات التضخم، بينما يشير انخفاضه إلى تباطؤ اقتصادي.
ومنذ منتصف يناير، تراجع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 أعوام بمقدار 0.6 نقطة مئوية ليصل إلى 4.2%، وهو تحرك كبير خلال فترة زمنية قصيرة، مما يشير إلى أن الاقتصاد قد يكون في مرحلة تباطؤ.
إذا كان هذا هو الحال، فعلى الأسواق أن تتوقع أيضاً تدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي لدعم الاقتصاد عبر خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل، وهذا ما يحدث بالفعل. فعائد سندات الخزانة لأجل عامين يرتبط بشكل وثيق بسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، وهو معدل الإقراض المصرفي لليلة واحدة الذي يستخدمه الفيدرالي لتحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل. وغالباً ما يكون هذا العائد مؤشراً لتحركات البنك المركزي المقبلة.
ظل العائد على سندات الخزانة لأجل عامين مستقراً بالقرب من معدل الفائدة الفيدرالي لعدة أشهر بدءاً من نوفمبر، مما كان بمثابة إشارة واضحة على أن الفيدرالي سيتوقف مؤقتاً عن خفض أسعار الفائدة.
لكن منذ منتصف فبراير، انخفض العائد بمقدار 0.4 نقطة مئوية ليصل إلى 3.9%، مما يعكس توقعات الأسواق بأن الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة مرة أخرى على الأقل هذا العام. وهذا الانخفاض يُعد مؤشراً آخر على تباطؤ الاقتصاد.
استقرار فروق الائتمان
العنصر التالي الذي أراقبه هو فروق الائتمان، والتي تعكس الفرق في العائد بين سندات الشركات وسندات الخزانة الأميركية ذات آجال الاستحقاق المماثلة.
بشكل عام، يطلب المستثمرون عوائد أعلى عند إقراض.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg