هل سيسلبني الذكاء الاصطناعي وظيفتي؟ بدأ هذا السؤال يشغلني أنا وملايين الموظفين من ذوي الياقات البيضاء. بل بات هنالك مصطلح يعبر عن ذلك: خشية انعدام الجدوى. وللأسف مخاوفنا ليست محض أوهام.
مع أنني لا أدعو إلى الذعر، إلا أنني أعتقد تغييراً جذرياً هائلاً يتربص بالعاملين في مجال المعرفة، وهو مصطلح فضفاض يشمل الإداريين والمحللين الماليين ومطوري البرمجيات والقانونيين والعاملين في الصناعات الإبداعية، الذين يُرجح أن تتغير وظائفهم بفعل الذكاء الاصطناعي وعليهم أن يستعدوا لذلك. هذا يعني أن يتبنوا الذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاجيتهم، وأن يضعوا خطة احتياطية في حال فشل جهودهم لمقاومة زحف الآلات.
تحسن أداء الذكاء الاصطناعي لا يمكن إنكاره حتى وقت قريب، كنت أميل إلى تجاهل روبوتات الدردشة على اعتبار أنها مجرد ببغاوات احتيالية تجنح لتقديم معلومات مغلوطة. لكن إصداراتها الأحدث يمكنها التفكير بالمشكلات المعقدة وحلها، وغالباً ما لا يمكن تمييز إجاباتها عما تتلقاه من البشر. كما تستمر قدراتها في التحسن بينما تواصل تكاليف استخدام الذكاء الاصطناعي بالانخفاض.
أثرت التطورات السابقة في الأتمتة والاستعانة بمصادر خارجية بشكل رئيسي على الموظفين ذوي الياقات الزرقاء. أما هذه المرة، فبات المهنيون ممن يستخدمون الحواسيب كأداة عمل هم الأكثر عرضة لخطر الاستبعاد.
إن الضربة النفسية الناجمة عن التقليل من قيمة العمل العقلي والمعرفة المتخصصة قوية بما يكفي، فقد يتساءل المرء: ما الفائدة من كل تلك الشهادات الجامعية أو من تعلم لغة أخرى؟ لكن الأثر المادي قد يكون أسوأ من ذلك.
غالباً ما يتزوج العاملون في مجال المعرفة من دوائرهم، وهي ظاهرة تُعرف باسم الزاوج الانتقائي. في السابق، كان القلق من أن هذا الاتجاه يزيد عدم المساواة؛ أما الآن، فإنه يجعل هذه العائلات معرضة بشكل مضاعف لخطر الذكاء الاصطناعي. يُقدّر مركز أبحاث آي بي بي آر (IPPR) أن العمل المعرفي يشكل الآن نحو نصف نشاط سوق العمل في المملكة المتحدة، وأن ما يصل إلى 70% من هذه المهام يمكن أن تُحوّل أو تُستبدل بالذكاء الاصطناعي المولّد.
يساهم من يكسبون أكثر من ربع مليون دولار سنوياً بحوالي نصف إنفاق المستهلك الأميركي، وفق تحليل حديث من شركة موديز أناليتيكس (Moody s Analytics). فماذا لو استُبدل ملايين من أصحاب الدخل المرتفع بخوارزميات؟
يقول مؤسس أوبن إيه آي المشارك سام ألتمان، وهو ليس مراقباً محايداً، إن روبوت هندسة برمجيات سيتمكن في النهاية من أداء معظم المهام التي تُناط بمهندس تمتد خبرته لسنوات، ولو أن ذلك يتطلب إشرافاً. قد يعني تعبير "في النهاية" قريباً جداً، إذ يقول مارك زوكربيرغ، رئيس ميتا بلاتفورمز التنفيذي، إن هؤلاء الزملاء الافتراضيين سيمتلكون مهارات البرمجة وحل المشكلات التي يتمتع بها مهندس متوسط المستوى بحلول هذا العام.
جحافل لا محدودة من الروبوتات على عكس البشر، يُمكن نشر روبوتات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع لا حدود له تقريباً في جميع أنواع العمل المعرفي. لذا، في حين أن الذكاء الاصطناعي سيعزز بلا شك الأدوار الحالية ويخلق مهناً جديدة تماماً، أعتقد أن فقدان كثير من الوظائف أمر لا مفر منه (وألتمان يتفق مع ذلك). هناك بالفعل حديث عن ركود في الوظائف المكتبية، حيث يكافح خريجو برامج ماجستير إدارة الأعمال المرموقة للعثور على عمل، وتتناقص عمولات المترجمين وثمة ركود في رواتب الاستشاريين ويتزايد تسريح العمال في مجال تقنية المعلومات.
تقول.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg