بلغ عدد العائدين طوعًا من اللاجئين السوريين إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول 2024 ما يزيد عن 300 ألف لاجئ وفقًا لبيانات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فيما عاد حوالي 46.600 ألف لاجئ من الأردن إلى سوريا وفقًا لبيانات حكومية.
وبحسب معهد السياسة والمجتمع، تشكل هذه الأرقام تحولًا كبيرًا في عودة اللاجئين السوريين، لا سيما من الأردن، حيث لم تتجاوز أعداد العائدين في أفضل الحالات خلال عام 2019 نحو 94,971 ألف لاجئ، وذلك عقب التسويات التي أبرمها النظام مع فصائل المعارضة في الجنوب السوري برعاية روسية، وهي استدارة تطلب دراسة العوامل التي تؤثر على قرار عودة اللاجئين.
وفي قراءة خاصة قدمها المعهد، قال إنه يُنظر إلى سقوط نظام بشار الأسد باعتباره أحد أبرز العوامل المحفزة لعودة اللاجئين السوريين، إلا أن دوافع اللجوء لم تكن محصورة فقط بوجوده، بل امتدت لتشمل أبعادًا أمنية واقتصادية معقدة، حيث تنقسم مسببات اللجوء، إلى سياسية أو عسكرية أمنية، أو كنتيجة لانهيار الأوضاع الاقتصادية.
وعلى الرغم من مشاهد العودة التي يمكن أن تعتبر مكثفة مقارنة بأي فترة مضت، تظل هناك مخاوف من العودة السريعة بأعداد كبيرة في ظل استمرار التحديات الأمنية والاقتصادية في سوريا، حيث تشير التقديرات إلى احتمالية حدوث موجات عودة كبيرة نسبيًا خلال الفترة المقبلة، وتحديدًا مع انتهاء الفصل الدراسي في الصيف للعام 2024/2025.
وتبقى العودة حقًا مشروعًا للاجئين، ويؤكد الموقف الأردني على العودة الطوعية الآمنة للاجئين السوريين.
محفزات ومعيقات
تُشكل الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين في الأردن من أبناء محافظة درعا الواقعة في الجنوب السوري، إذ يعيش 239,134 لاجئا سوريا ممن ينحدرون منها وفقًا لبيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقد شهدت هذه المحافظة منذ إبرام التسويات ما بين النظام السوري السابق وفصائل المعارضة عام 2018 وعام 2020 برعاية روسية، درجة عالية من الانفلات الأمني، ما أثر بشكل مباشر أو غير مباشر على اللاجئين في الأردن بظروف العودة، إذا ما أُخذ بعين الاعتبار العلاقات الاجتماعية والتواصل المستمر بين اللاجئين في الأردن وأقاربهم في سوريا.
وهناك متطلبات تتعلق بالمرحلة الجديدة بالرغم من استمرار مظاهر عدم استقرار الأوضاع في الجنوب السوري وازديادها تعقيدًا، في ظل وجود جملة من الأحداث الأمنية من توسع في العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، بالإضافة إلى استمرار معضلة دمج فصائل درعا وتداخل اعتبارات سياسية وأمنية وعسكرية.
ويشكل الاستقرار الأمني في هذا الإطار، أو غيابه، عاملاً رئيسيًا في تحديد قرارات اللاجئين السوريين الذين لجأوا إلى دول الجوار هربًا من العمليات العسكرية وحفاظًا على حياتهم وحياة عائلاتهم.
ومع امتداد الأزمة لسنوات طويلة وتعقد دينامياتها على مدار 14 عامًا من الصراع، شكل غياب الأمن عائقًا كبيرًا أمام الكثيرين للعودة قبل سقوط نظام الأسد، خاصة أن طول فترة اللجوء دفع السوريين إلى تبني آليات جديدة للتكيف مع الواقع الجديد في البلدان المستضيفة. كما نشأ جيل كامل من السوريين لم يعرف وطنه سوى من خلال روايات آبائهم، حيث ترعرع في بيئات مختلفة عن تلك التي غادرها أهله.
وعلى الرغم من التحولات السياسية في سوريا، إلا أنه قد يكون هناك مخاوف لدى بعض اللاجئين من الأحوال الأمنية والسياسية، بالإضافة إلى الأحوال الاقتصادية غير المستقرة.
وما يعزز ذلك أن هناك فئة من اللاجئين غادرت البلاد نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وليس بسبب الحرب أو الأوضاع الأمنية.
ومع ذلك، فإن استمرار الاضطرابات الأمنية في بعض المناطق يجعل العودة محفوفة بالمخاطر. كما أن هذه الأوضاع تؤثر بشكل مباشر على الخدمات الأساسية، إذ إنها ترهق الحكومة السورية وتجعلها تسخر نفسها لفرض الاستقرار الأمني، مما يؤدي إلى تراجع الأولويات المتعلقة بتوفير الكهرباء، والمياه، والرعاية الصحية، والتعليم.
ويتداخل ذلك مع التدهور العام في الأوضاع الاقتصادية في سوريا، والذي لا يشجع على العودة ولا يشكل حافزًا لها، إذ تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة الحرب الطويلة والعقوبات الغربية، رغم بدء تخفيف بعضها بشكل محدود أو أنه الآن خاضع للتقييم وعلى فترات متباعدة.
وقد أدت سنوات الأزمة إلى انهيار واسع في البنية التحتية، خاصة في القطاعات الصحية والتعليمية والخدمية، مما يجعل توفر هذه الخدمات في دول اللجوء، مثل الأردن، أفضل بشكل واضح مقارنة بالوضع داخل سوريا.
يلخص هذا المشهد، الأوضاع العامة في سوريا، إذ يبدو أنها لا تسمح بعودة كبيرة للاجئين في الوقت الحالي، حيث قد تؤدي العودة الجماعية إلى ضغط إضافي على البنى التحتية، بما في ذلك المنشآت التعليمية والصحية، فضلاً عن الخدمات الأساسية والتدمير الكبير في الأحياء السكنية، مع التأكيد على أن العودة حق مشروع للاجئين وترتفع فرص تحققه إذا ما توافرت البيئة الآمنة لعودتهم.
اللاجئون.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور الأردنية