غيّرت محركات البحث وخرائط GPS وغيرها من التقنيات الرقمية الطريقة التي نتعلم بها ونسترجع المعلومات. وأظهرت استطلاعات متزايدة قلقاً من أن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا قد يُضعف الذاكرة البشرية، ما دفع بعض الشركات إلى استخدام مصطلحات مثل "فقدان الذاكرة الرقمي" لوصف هذه الظاهرة.
يؤكد الباحث من جامعة هارفارد، دانيال شاكتر، أن الأمر أكثر تعقيداً من مجرد فقدان الذاكرة، بينما استخدمت مطبعة جامعة أكسفورد مصطلح "تعفّن الدماغ" لوصف التأثير السلبي للاستهلاك المفرط للمحتوى الرقمي.
ورغم عدم وجود دليل علمي قاطع على التأثير السلبي الشامل، فقد أظهرت نتائج بعض الدراسات ضعفا لدى مستخدمي GPS في تذكر الطرق، وشعوراً مبالغاً بالمعرفة عند الاعتماد المفرط على البحث عبر الإنترنت.
تأثير التكنولوجيا يثير الذكاء الصناعي مخاوف جديدة حول تأثيره على التعلم والذاكرة، حيث أصبحت نماذج مثل ChatGPT جزءاً من الحياة اليومية بحسب دراسة أجرتها مجلة Nature.
ويرى الباحثون في تأثير التكنولوجيا على الصحة النفسية، أن التطبيقات قد تعزز "الكسل المعرفي"، بل وتزرع ذكريات زائفة بسبب المعلومات غير الدقيقة.
كما ظهرت تقنيات مثل "روبوتات الموتى" التي تعيد إنتاج شخصيات رقمية لأفراد متوفين، ما يفتح باب التساؤلات حول الذاكرة والهوية.
أجرت الباحثة، بيتسي سبارو، دراسة حول "تأثير غوغل"، ركزت على اعتماد البشر على الإنترنت كبنك ذاكرة خارجي، وكيف يؤدي إلى إضعاف ذاكرتهم، وأظهرت الدراسة أن الأشخاص يتذكرون أماكن تخزين المعلومات أكثر من المعلومات نفسها.
لكن فشل باحثين آخرين في التوصل إلى نتائج مماثلة، أثار جدلاً حول دقة هذا التأثير, غير أنّ دراسة سبارو مهدت الطريق أمام العديد من الأبحاث المستقبلية.
من المتحكم؟ يوضح الطبيب النفسي، الدكتور عادل زرعة، في حديثه مع فوربس الشرق الأوسط، أن التكنولوجيا الحديثة يجب أن تُعامل كأدوات تتطلب التعلم والاستخدام الفعّال، "وإلا فإنها ستظل مجرد خردة بلا فائدة."
يؤكد زرعة أن امتلاك الأدوات من دون معرفة كيفية استخدامها لا يضيف أي قيمة، تماماً كما يحتاج عامل البناء إلى أدواته لإنجاز عمله، في حين أن "امتلاكه أدوات متطورة من دون معرفة سبل استخدامها لن يعود عليه بأي فائدة".
يرى زرعة أن التقدم التكنولوجي يمثل "حتمية تاريخية في مسيرة التطور الإنساني"، حيث يسعى الإنسان باستمرار لاختراع أدوات تسهل حياته اليومية.
ويشبّه زرعة القفزات المتسارعة في التكنولوجيا بتطورات الماضي، مثل الانتقال من العصر الحجري إلى العصر البرونزي، أو من الهيروغليفية إلى الأبجدية، موضحاً أن الأدوات كانت في السابق مقتصرة على النخبة، لكنها انتشرت تدريجياً مع ظهور المدارس وتزايد عدد المتعلمين.
شهد العالم خلال العقود الأربعة الماضية انتقالا جذريا بفضل التكنولوجيا الرقمية، حتى تجاوزت سرعة تقدمها قدرة الإنسان.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من فوربس الشرق الأوسط