يقول الواقع إن تاريخ الإنسان هو صنيعة حاضره، وإن العاقل هو من ينظر إلى التاريخ كحافز لبناء المستقبل، لا كعبء يُضطر في كل مناسبة إلى تبييض صحائفه أو تلفيق حقائقه؛ فيخاصمه حينها ماضيه ويتوعده باستنساخ أخطائه.
والتاريخ، الذي وصفه ابن خلدون بقوله: «إنه في ظاهره لا يزيد عن الأخبار، ولكن في باطنه نظر وتحقيق»، قد ارتقى في مقدمته إلى علم فلسفي قائم بذاته، ليس لدراسة أحوال البشر فقط، بل لاستنباط معاني تلك الأحوال ووضعها تحت المراقبة في مختبرات الزمن، بحيث تتمكن قواه الفاعلة من اقتباس أفضل التجارب وترك أسوئها.
«الفعالية التاريخية» لابن نبي
هناك وصفة سرية - إضافية - لإبقاء التاريخ دافعاً لصحوة الوعي الإنساني وللتعاطي المسؤول مع تحولات العصر، لتجنب السقوط في خانة المنسيين حضارياً.
وجدتُ هذه الوصفة في أعمال الجزائري مالك بن نبي، أحد أبرز مفكري القرن العشرين، والتي أسماها «الفعالية التاريخية»، واعتبرها المقياس الحقيقي لفعالية الأمم الحية في واقع الأحداث، بدلاً من أن تكون مجرد متلقٍ لها. وفي المقابل، ينبغي لإنسانها أن يرتقي بوعيه ومفاهيمه وتفاعلاته مع محيطه، حتى لا يقع فريسة واقع يستنزف حقه في الوجود.
نظرياً، يرى ابن نبي، الذي ركّز جوهر أعماله على «إصلاح الإنسان» كمعيار لبناء مجتمعات إسلامية متفوقة بالمقاييس الحضارية، أن تبني مفهوم «الفعالية التاريخية» في حياة المجتمعات وتفاعلاتها الإنسانية يجعلها «صانعة» للحضارة ومتمكنة من تحقيق النهضة، متى ما التزمت بشروط النهوض الأربع: تحضُّر الوعي الإنساني، إنتاج الأفكار وتطبيقها، الاستثمار المبتكر للموارد، واحترام وقت العمل.
الحسم التاريخي: قارب النجاة
أما واقعياً، ومن وجهة نظرنا، فإن هذه الوصفة المثالية لـ «الفعالية التاريخية» يجب أن تقترن بما يمكن تسميته بـ «الشجاعة التاريخية» أو «الحسم التاريخي»، لعزل تيارات المجتمع الرجعية والظلامية التي تضعف إرادة أفرادها، وتدفع بهم إلى الوهن واليأس.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن البحرينية