اختار تشرشل القاهرة ليعقد مؤتمره بالرغم من نصيحة ألنبى المندوب السامى فى مصر أنه شخصية غير محبوبة فى مصر. حضر المؤتمر ٣٢ شخصية بريطانية سياسية وعسكرية ومخابراتية، واثنان فقط من العراق. وبدأ تشرشل ينظم الأفكار مع لورنس ضابط المخابرات البريطانى، وقال: دعنا ننسَ فرنسا ويكفى أن لها سوريا ولبنان، واتفق تشرشل بعد ترشيح لورنس على أن يكون الأمير فيصل ابن الشريف حسين أمير الحجاز ملكًا على العراق، وأن يكون الأمير عبدالله أخو فيصل ملكًا على شرق الأردن، بالرغم من عدم كفاءته. وحاول حاييم وايزمان ترك الأردن لتكون جزءًا من فلسطين، ولكن تشرشل رفض. وناقش المؤتمر وعد بلفور بإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين، وقرر استكمال المناقشة فى القدس بعد انتهاء مؤتمر القاهرة.
غادر تشرشل لندن إلى مارسيليا بالقطار وقابل زوجته هناك وسافرا بالباخرة سفنكس الفرنسية إلى الإسكندرية، وقبل السفر زار أمه التى كانت قد تزوجت حديثًا للمرة الثالثة، وسافر معه حارس شخصى وضابط مخابرات، وفى الإسكندرية استقبلته لافتات وهتافات المصريين التى لا ترحب به، وطلب زيارة أبوقير ليشاهد المكان الذى انتصر فيه الأدميرال البريطانى نلسن على الأسطول الفرنسى، وبقى نابليون محاصرًا فى مصر. ثم ركب قطارًا خاصًا أرسله السلطان فؤاد له، وطوال الرحلة كان الفلاحون يلقون الطوب على القطار، ولما عرف الإنجليز بتجمهر عدد كبير فى محطة مصر فى انتظار تشرشل توقف القطار فى محطة شبرا ونزل تشرشل وزملاؤه وركبوا سيارات إلى فندق سميراميس أمام كوبرى قصر النيل.
وصل لورنس القاهرة فى نفس اليوم وكان يُعد لكتابه الأشهر «أعمدة الحكمة السابعة». قابل تشرشل كبار المسؤولين الإنجليز فى الشرق الأوسط، وحضر احتفالًا فى حديقة المندوب السامى المطلة على النيل.
حضر المؤتمر مع تشرشل ولورنس كبار المختصين فى وزارة المستعمرات، ووزيران عراقيان، جعفر السكرى وزير الدفاع، وساسون إسكل وزير المالية اليهودى العراقى، وأحد ٨٠ ألف يهودى يعيشون فى بغداد، ويُكونون نصف عدد سكان العاصمة. قسم تشرشل الأعضاء إلى لجنة سياسية ولجنة عسكرية ونُوقشت الشؤون المالية فى اللجنتين. قررت اللجنة اختيار الأمير فيصل ملكًا على العراق، وأيد الاختيار الوزيران العراقيان.
ثم نُوقشت مشكلة ٥ ملايين كردى يسكنون الجبال شمال العراق، وكان مؤتمر الصلح فى باريس قد أوصى بإقامة دولة كردستان، ولكن أتاتورك والجيش التركى منع ذلك. وتم اختيار عبدالله أخو فيصل ملكًا على شرق الأردن.
أقام المندوب السامى حفلًا لجميع أعضاء المؤتمر، وحضر حاكم الصومال البريطانى ومعه أسدان فى الحديقة لإرسالهما لحديقة حيوان لندن.
الصورة الذهنية عند العرب أن لورنس مغامر وجاسوس استعمارى، ولكن هذا الكتاب أظهر أن لورنس كان محبًا للعرب، وبالذات للعائلة الهاشمية، ومدافعًا عنها، وقال إما أن يكون المؤتمر عادلًا للعرب أو سوف أستقيل.
وبالنسبة لفلسطين اختلفت الرؤى، كانت السيدة بل، وهى المرأة الوحيدة فى المؤتمر، تعتقد أن تنفيذ وعد بلفور سوف يؤدى إلى كوارث على العرب. وكان تشرشل يترك المؤتمر ساعات طويلة ليتجول فى القاهرة وضواحيها ومعه أدوات الرسم كاملة، وقام بعمل عدد من اللوحات عن القاهرة وزار القلعة،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم
