جدلية "بلبن"... قصة الصعود "المفاجئ" والهبوط "الغامض"

كما قصة الصعود "الغامض" والتوسع "غير المنطقي"، بحسابات الاقتصاد والاستثمار لسلسلة "بلبن" وأخواتها من سلاسل المطاعم "غامضة التمويل"، كانت أزمة إيقاف نشاطهم وغلق محالهم وإن بصورة "موقتة" في مصر، تلفها كثير من التساؤلات والشكوك مع قليل من الأجوبة، في شأن ما دار خلف الكواليس، حتى قبل تفجر الأزمة الأخيرة وما بعدها، وصولاً لمحطة تدخل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على خط الأزمة.

أزمة "بلبن" وأخواتها "كرم الشام، وكنافة وبسبوسة، ووهمي، وعم شلتت" في مصر، التي تفجرت بإعلان السلطات الصحية الجمعة الماضي، ما قالت إنه "نتائج حملة رقابية شاملة خلال أبريل (نيسان) الجاري كشفت وجود بكتيريا ممرضة تعد من الأسباب الرئيسة للتسمم الغذائي"، مما استدعى "اتخاذ إجراءات نظامية شملت إغلاق النشاط موقتاً للعلامات التجارية المذكورة"، استقطبت الأنظار والجدالات معاً حول "هوية السلسلة وملاكها ومصادر تمويلها وأسباب توقفها، وصولاً حد علاقات الدولة ورجال الأعمال" وغيرها، وذلك قبل أن تتحلحل الأزمة تدريجاً في غضون يوم واحد، وذلك بتوجيهات رئاسية، أعلن خلالها وزير الصحة المصري خالد عبدالغفار "استئناف نشاط جميع أفرع سلاسل المنشآت الغذائية التي أُغلقت فور التأكد من مطابقتها للمواصفات والشروط الصحية المعلنة".

لماذا أغلق "بلبن" وأخواتها، ثم أعيد السماح لها باستئناف النشاط مجدداً "شرط توفيق الشروط الصحية"، وهل الإجراء العقابي ضد سلسلة المطاعم التي بدأت نشاطها للمرة الأولي في عام 2021 انطلاقاً من مدينة الإسكندرية، مرتبط فقط باشتراطات السلامة الغذائية واستخدام مواد منتهية الصلاحية، أم إن الأمر يتداخل معه تفاصيل أخرى، لا سيما أن اتهامات بالتضخم المالي و"مجهولية مصادر رأس المال" التي تلاحق تلك السلاسل بعد انتشارها بصورة لافتة، وبوتيرة سريعة، "نادرة الحدوث في السوق المصري"، وفق ما يقول مراقبون.

وكانت السلطات الصحية المصرية أعلنت، الجمعة الماضي، اتخاذ إجراءات مشددة بلغت حد الإغلاق ضد مجموعة من المتاجر المتخصصة في بيع الأطعمة والحلويات، في إطار سلسلة "الإجراءات الرقابية" التي تهدف "لضمان سلامة الغذاء وصحة المستهلك" وضبط المخالفات في العمل والتشغيل، وفق ما قالت السلطات، حيث طاولت الحملة محال عدة، منها مطاعم شهيرة بالمأكولات مثل الأسماك واللحوم والدواجن، وأخرى بالحلويات تعود جميعها لشركة واحدة، ويعد "بلبن" أحد أشهرها، إذ لقي خبر إغلاقه تفاعلاً واسعاً في المنصات المصرية، بعدما أصدرت الهيئة القومية لسلامة الغذاء، بياناً قالت فيه إنها تلقت شكاوى من حالات "تسمم غذائي" بعد تناول أطعمة من عدة محال تقدم الطعام والحلويات، من ضمنها "بلبن" ومطاعم أخرى. وذلك قبل أن تعود السبت الماضي وتعلن، أنه "في ضوء توجيهات السيد رئيس الجمهورية تم التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت".

هل هي أزمة غذائية فقط؟

منذ اللحظة الأولى لتفجر أزمة إغلاق "بلبن" وأخواتها، تباينت الروايات الرسمية من طرفي الأزمة، ففي وقت أرجعت فيه السلطات قرار "الغلق الموقت" لأسباب "صحية ووقائية"، نفت السلسلة حدوثها، معتبرة أن الأمر "غير مفهوم وأكبر من مجرد ملاحظة أو مخالفة"، في المقابل، تعددت قراءات النشطاء والمغردين على منصات التواصل الاجتماعي، حول الأسباب الحقيقية وراء "الإغلاق" وعما إذا كان مرتبطاً بغلق فروع السلسلة في دول أخرى، التي سبقت القرار المصري بنحو ثلاثة أسابيع فحسب، أم إنه "إحدى صور الصدام بين رجال نافذين في الدولة".

بحسب أحد المصادر بوزارة الصحة المصرية، فإن الأزمة التي طاولت "بلبن" وعدداً من سلاسل الأكل الأخرى الشهيرة، تقتصر فقط على شكلها الصحي، موضحاً في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "توصيات هيئة سلامة الأغذية (حكومية) لم تأخذها السلسلة على محمل الجد طوال الأسابيع التي سبقت قرار الغلق الموقت"، وعليه فكان لا بد من اتخاذ خطوة جادة تجاه تلك المخالفات، لا سيما أن الأمر مرتبط بصحة المواطنين.

المصدر ذاته الذي فضل عدم ذكر اسمه، والذي شارك في أحد الحملات الصحية على تلك السلاسل، أوضح أن "نتائج الفحوصات الطبية للعينات التي تم أخذها من سلسلة المطاعم الشهيرة أو حتى مصانع التوريد لها، خلال الحملات التي تمت بعد تعدد شكاوى المواطنين، أثبتت وجود أنواع من البكتيريا تصيب بالتسمم الغذائي، وأنه رغم منح تلك السلاسل مهلة لتصحيح الأوضاع فإنها لم تستجب طوال الأسابيع التي سبقت تفجر الأزمة"، مشيرة إلى أن عينات عشوائية من فروع عدة للسلسلة بمحافظات مختلفة أظهرت أن "80 في المئة منها كانت ملوثة بالبكتيريا، مما يمثل خطراً على صحة المواطنين، كما تم اكتشاف وجود حشرات في بعض المنتجات بسبب ضعف منظومة الصرف الصحي في المنشآت الصناعية والمحال التجارية".

كلام المصدر تطابق مع ما ذكرته وزارة الصحة المصرية في بيان لها، السبت الماضي، بعد تدخل الرئيس على خط الأزمة وتوجيه السلسلة الشكر له، الذي جاء فيه، "قيام الفرق الرقابية المعنية خلال الأيام الماضية بتنفيذ حملات تفتيش ميدانية موسعة على المصانع ومحلات بيع وتداول المنتجات الغذائية التابعة لسلاسل (بلبن، كرم الشام، كنافة وبسبوسة، وهمي، عم شلتت) محل الشكاوى الواردة من المواطنين بمختلف محافظات الجمهورية، وذلك في إطار الحرص على حماية صحة المستهلكين وضمان سلامة ومأمونية المنتجات الغذائية المتداولة في الأسواق، وذلك في إطار العمل الدوري لقطاع الطب الوقائي وإدارة مراقبة الأغذية بالتنسيق مع هيئة سلامة الغذاء". مشيراً إلى أنه "تم تنفيذ عدد 232 مروراً رقابياً على فروع ومصانع السلسلة بمختلف المواقع، حيث تبين وجود كميات من المواد الغذائية مجهولة المصدر، وكميات أخرى منتهية الصلاحية، كما تبين أنه يوجد 122 منشأه غير مرخصة، كما تم سحب 437 عينة من تلك السلسلة تبين أن نسبة منها غير مطابقة للمواصفات القياسية المصرية واللوائح الفنية الملزمة، كما تم إعدام 697 كيلوغراماً من أغذية متنوعة و70 ليتر مشروبات وعصائر متنوعة لتغيرها في الخواص الطبيعية، كما تم تحرير 387 محضراً لأسباب تتعلق بنقص في الاشتراطات الصحية أو عدم حمل شهادات صحية مع المشتغلين بالأغذية مما ترتب عليه اتخاذ الإجراءات القانونية الخاصة بالإيقاف الموقت للنشاط لحين تلافي المخالفات الصحية والإدارية، وذلك من خلال هيئة سلامة الغذاء والجهات الإدارية المعنية بالمحليات في مختلف المحافظات".

وبسؤال المصدر عن تزامن توقيت تلك الحملات على تلك السلاسل بعينها من دون غيرها، ذكر أنه "خلال الفترة الماضية هناك تكثيف وتوسيع للحملات الرقابية على مختلف أنواع الأنشطة في الدولة مع كثرة الشكاوى من المواطنين، وأن الأمر لم يكن يقتصر على منشأة غذائية أو صناعية أو حتى خدمية، ودون غيرها"، مرجعاً الجدل الذي صاحب الإجراءات المتخذة ضد "بلبن وأخواتها" إلى "استغلال الأخيرة لمنصات التواصل الاجتماعي لتحول الأمر إلى قضية رأي عام"، وأوضح على مدار الأيام التي سبقت تفجر الأزمة "تم إغلاق أكثر من منفذ ومصنع لها لأسباب مختلفة منها بسبب الاشتراطات الصحية والغذائية وأخرى متعلقة بالتراخيص والمستندات المطلوبة لممارسة النشاط، وأن الأمر تفاقم بعد اكتشاف واسع للأغذية الفاسدة أو تلك التي تحوي بكتيريا ممرضة، مما قاد إلى إغلاق كامل للفروع بصورة موقتة خلال الجمعة الماضي".

في المقابل، ومع بداية الأزمة نفت سلسلة "بلبن" أن يكون غلق الفروع "له علاقة بحالات تسمم"، موضحة في بيان لها أنه لا يوجد بلاغ طبي أو تقرير رسمي يؤكد ذلك، وأن ما يحدث أمر "غير مفهوم وأكبر من مجرد ملاحظة أو مخالفة"، وأن قرار غلق بعض الفروع إجراء إداري لأسباب تنظيمية وتتعامل معه الشركة باحترام وشفافية.

وفي وقت لاحق، رد المدير التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة "بلبن" الدكتور مؤمن عادل على تساؤل لـ"اندبندنت عربية" حول ما إذا كان الأمر يتعلق بمشكلة عدم استكمال أوراق تراخيص أم تسمم غذائي، قائلاً "لا أعلم. في البداية تم إغلاق 14 فرعاً في الجيزة بسبب مشكلة تراخيص، ثم قالت هيئة سلامة الغذاء في بيان رسمي إنها مشكلة تسمم غذائي وبكتيريا ممرضة وألوان محظورة، ونحن متلقون مثل الإعلام، وملتزمون بما أعلنت عنه الدولة المصرية التي أحترمها وأقدرها، ونحن أولاد ذلك البلد، ولست فوق القانون أو المحاسبة إذا أخطأت".

من جانبها، ووفق رئيسة لجنة سلامة الغذاء بالنقابة العامة للأطباء البيطريين الدكتورة شيرين ذكي، فإنه في أكثر من مرة "كشفت اللجان الرقابية والصحية مخالفات لدى بلبن والعلامات التجارية الأخرى التابعة لها، وأن هيئة سلامة الغذاء حددت السادس من أبريل موعداً نهائياً لتلافي تلك الملاحظات، إلا أنها لم تستجب"، موضحة في حديثها معنا، حول ما يعده البعض "تهاون الدولة" وانتظارها منذ ذلك التاريخ حتى موعد إعلان الغلق في الـ18 من الشهر ذاته، في وقت كشفت فيه التحاليل عن وجود بكتيريا ممرضة وتسبب تسمماً، قائلة "هناك أكثر من طريقة للتعامل مع مخالفات المؤسسات الغذائية، وليس جميعها ينتهي بالغلق".

ثم تتابع ذكي، "بخلاف مخالفات التراخيص أو التمويل أو غير ذلك، في ما يتعلق بالسلامة الغذائية والشروط الصحية، في بعض الأحيان تكون هناك مخالفات بسيطة يتم تعديلها فوراً، ويتم استكمال النشاط ومن دون أن توصي الجهة المعنية بغلق المكان.. وفي المقابل هناك مخالفات تندرج تحت مسمى الخطر الداهم على الصحة العامة، مما يستوجب الغلق الفوري لحين تصحيح الأوضاع، وهو ما انطبق على حال بلبن على مدار الأسابيع والأيام التي سبقت قرار الإغلاق الشامل 18 أبريل".

وخلال الأيام التي سبقت قرار السلطات غلق أكثر من 110 أفرع للعلامة التجارية "بلبن" وأخواتها بصورة شاملة، كانت عديد من المحافظات في مصر أعلنت اتخاذ قرارات إغلاق ضدها. ففي 16 أبريل (نيسان) الجاري من الشهر ذاته، أعلنت محافظة الجيزة تلقيها بلاغاً يفيد.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 9 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 6 ساعات
قناة يورونيوز منذ 18 ساعة
سكاي نيوز عربية منذ 20 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 22 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 18 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 20 ساعة