«أرض الفيروز» بين عبقرية المكان وأصالة الزمان.. في ذكرى تحرير الأرض ماذا يعني اسم «سيناء»؟

شبه جزيرة سيناء، صفحة خالدة على ممر الزمن لا يستطيع أحد أن يغفلها، وعلمت الدنيا أقوى دروس في التضحية وهي أرض الأجداد الذين صنعوا البطولات و الأمجاد، والباحث في تاريخها سيجد أنها معبر الأنبياء وطريق العائلة المقدسة والعمق الاستراتيجي لمصر.

بدوره يقول الدكتور جمال حمدان في كتابة "شخصية مصر":(سيناء ليست مجرد صندوق من الرمال إنما سيناء صندوق من ذهب).

الموقع الإستراتيجي وتقع سيناء بين البحر المتوسط وخليج السويس وقناة السويس والبحر الأحمر وخليج العقبة، وتربط افريقيا بآسيا، ويحدها من الشرق الوادي المتصدع الممتد من كينيا عبر القرن الإفريقي إلي جبال طوروس بتركيا، وهذا الفالق يتسع بمقدار 1 بوصة سنوياً ومساحتها 60.088 كم2، قاعدتها العريش التي تنقسم في الشمال والتيه في الوسط والطور في الجنوب، حيث الجبال العالية أهمها جبل موسى 2.285 متراً، وجبال القديسة كاترينا 2.638 متراً أعلى جبال في مصر ، وفي هذه الجبال يقع دير سانت كاترين وكنيسته الغنية بالآثار والمخطوطات، بناها جوستنيان عام 527م، وتضم محافظتي شمال وجنوب سيناء.

معنى اسم سيناء ولاشك أن الوضع الجغرافي لسيناء كان له تأثيره علي التوزيع السكاني، بل من الملاحظ أنه كان له أيضاً تأثير علي الاسم الذي أخذته سيناء فهناك خلاف بين المؤرخين حول أصل كلمة سيناء فقد ذكر البعض أن معناها الحجر وقد أطلقت علي سيناء لكثرة جبالها بينما ذكر البعض الآخر أن اسمها في الهيروغليفية القديمة توشريت أي أرض الجدب والعراء.

لكن المتفق عليه أن اسم سيناء الذي أطلق علي الجزء الجنوبي من سيناء مشتق من اسم الإله سين إله القمر في بابل القديمة حيث انتشرت عبادته في غرب آسيا وكان من بينها فلسطين، ثم وافقوا بينه وبين الإله تحوت إله القمر المصري الذي كان له شأن عظيم في سيناء، وكانت عبادته منتشرة فيها، وبكلام آخر عرفت سيناء كأرض القمر.

ومن خلال نقوش سرابيط الخادم والمغارة، يتضح لنا أنه لم يكن هناك اسم خاص لسيناء، ولكن يُشار إليها أحياناً بكلمة بياوو أي المناجم أو بيا فقط أي المنجم ، وفي المصادر المصرية الأخرى من عصر الدولة الحديثة، يشار إلي سيناء باسم مفكات واحياناً دومفكات أي مدرجات الفيروز .

أما كلمة الطور التي كانت تطلق علي سيناء في المصادر العربية، فهي كلمة أرامية تعني القمر ، وهذا يعني أن طور سيناء تعني جبال القمر ، وكان المصريون القدماء يطلقون علي أرض الطور اسم ريثو ، بينما يطلقون علي البدو في تلك المنطقة بصفة عامة اسم عامو .

تاريخ سيناء القديم وقد ظل الغموض يكتنف تاريخ سيناء القديم حتى تمكن الباحثون عام 1905م من اكتشاف أثنى عشر نقشاً عرفت بـ النقوش السينائية عليها أبجدية لم تكن معروفة في ذلك الوقت، وفي بعض حروفها تشابه كبير مع الأبجدية الهيروغليفية، وظلت هذه النقوش لغزاً حتى عام 1917م، حين تمكن عالم المصريات جاردنر من فك بعض رموز هذه الكتابة، والتي أوضح أنها لم تكن سوى كتبابات كنعانية من القرن الخامس عشر قبل الميلاد من بقايا الحضارة الكنعانية القديمة في سيناء، والواضح أنه خلال الدولة القديمة كانت هناك صلة بين سيناء ووادي النيل، ولعبت سيناء في ذلك التاريخ دوراً مهماً كما يتضح من نقوش وادي المغارة وسرابيط الخادم، فقد كانت سيناء بالفعل منجماً للمواد الخام كالنحاس والفيروز الذي يستخرج المصريون القدماء منه ما يحتاجونه في الصناعة، كما كان سكان شمال سيناء وهم الهروشاتيو أي أسياد الرمال وجنوبها وهم المونيتو الذين ينسبون إلي الجنس السامى، كانوا يشتغلون بالزراعة حول الآبار والينابيع، فيزرعون النخيل والتين والزيتون وحدائق الكروم، كما يشتغلون بحرف الرعي علي العشب المتناثر في الصحراء ويرتادون أسواق وادي النيل فيبيعون فيه ما عندهم من أصواف وعسل وصمغ وفحم ويستبدلونه بالحبوب والملابس.

وكانت الحملات الحربية تخرج من مصر في بعض الأحيان لتأديب بعض البدو في سيناء نتيجة الغارات التي كانوا يشنونها علي الدلتا، وتدل آثار سيناء القديمة علي وجود طريق حربي قديم وهو طريق حورس الذي يقطع سيناء، وكان هذا الطريق يبدأ من القنطرة الحالية ويتجه شمالاً فيمر علي تل الحي ثم بير رومانة بالقرب من المحمدية ومن قطية يتجه إلي العريش وتدل عليه بقايا القلاع القديمة كقلعة سيتي الأول الذي يقع الآن في منطقة قطية، ولم تقتصر أهمية سيناء من الناحية التاريخية في تلك الفترة علي ما تسجله تلك النقوش، ولكن ارتبط اسمها أيضاً بحادث مهم آخر، وهو أنها كانت مسرحاً لحادث خروج بني إسرائيل من مصر وتجولهم في صحراء سيناء، وبنو إسرائيل هم أبناء يعقوب، ابن إبراهيم الخليل عليه السلام، وهؤلاء لم يكونوا يهوداً كما يزعم الإسرائليون ؛ لأنهم ظهروا كمجموعة بشرية قبل ظهور النبي موسى بأكثر من 600 سنة.

وخلال العصرين اليوناني والرومماني استمرت سيناء تلعب دورها التاريخي فنشأت فيها العديد من المدن التي سارت علي نمط المدن اليونانية، والتي كان أشهرها هي مدينة البتراء وهي مدينة حجرية حصينة في وادي موسى، كانت مركزاً للحضارة النبطية التي نسبت إلي سكانها من الأنباط وهناك خلاف كبير حول أصل الأنباط.

والمرجح أنهم من أصول عربية نزحت من الحجاز؛ لأن أسماء ملوكهم كانوا ذوى أسماء عربية كالحارث وعبادة ومالك، وقد استخدم النبطيون طريق التجارة، وعدنوا الفيروز في وادي المغارة والنحاس في وادي النصب، وكانوا يزورون الأماكن.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بوابة الأهرام

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة الأهرام

منذ 9 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ ساعتين
منذ 6 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 8 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 7 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 12 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 23 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 20 ساعة
بوابة أخبار اليوم منذ 3 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 14 ساعة
مصراوي منذ 10 ساعات