بات الذكاء الاصطناعي يعتمد، بشكل متزايد، على موارد مادية صلبة ربما تقف في قلب هذه القفزة التكنولوجية غير المسبوقة.
في مقدمة هذه الموارد يبرز النحاس أو "المعدن الأحمر" بوصفه الشريان الخفي الذي يغذي مراكز البيانات العملاقة، وشبكات الكهرباء الذكية، والبنية التحتية اللازمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي.
ومع تسارع التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتنامي الطلب على الطاقة النظيفة، وتوسع سباق بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، يتصاعد الطلب على النحاس بوتيرة غير مسبوقة، في وقت يواجه فيه المعروض تحديات هيكلية متزايدة، لا سيما وأن المناجم القديمة تتراجع إنتاجيتها والمشروعات الجديدة تصطدم بتعقيدات بيئية وتمويلية وتنظيمية، ما يفتح الباب واسعًا أمام فجوة متوقعة بين العرض والطلب خلال السنوات المقبلة.
في ظل هذه المعادلة المختلة، يتحول النحاس من مجرد معدن صناعي إلى مورد استراتيجي شديد الحساسية، يتقاطع مع رهانات التحول الرقمي وأمن الطاقة وإعادة التسلح العالمي، وسلاسل الإمداد.
الطلب على النحاس بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن:
الطلب على النحاس يزداد بفضل إنشاء البنية التحتية للشبكات الكهربائية لتحقيق التحول الأخضر ولتزويد مراكز البيانات بالطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي.
تحتاج هذه المراكز إلى ما بين 27 و33 طنًا من النحاس لكل ميغاواط من الطاقة، وفقًا لشركة التعدين "غروبو مكسيكو"، أي ما يزيد عن ضعف احتياجات مراكز البيانات التقليدية.
قدرت شركة BHP، أكبر مجموعة تعدين في العالم من حيث القيمة السوقية ومساهم في شركة Resolution، في يناير أن كمية النحاس المستخدمة في مراكز البيانات في جميع أنحاء العالم سوف تنمو "ستة أضعاف بحلول عام 2050.
في سياق متصل يشير التقرير إلى التوجه نحو إعادة التسلح العالمي، لينقل عن رائد أعمال التعدين، روبرت فريدلاند، قوله: "هناك طلب كبير على النحاس مخفي. ولا يُكشف علنًا عن الاحتياجات العسكرية للنحاس". بينما يقدر محللون في بنك سوسيتيه جنرال أن الإنفاق الدفاعي العالمي سينمو بنسبة 9.4 بالمئة ليصل إلى 2.7 تريليون دولار في عام 2024.
لكن المناجم القائمة، التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من قرن، أصبحت قديمة وأقل إنتاجية، بينما يزداد العثور على رواسب كبيرة غير مستغلة صعوبة. وفي السنوات الأخيرة، لم يُبنَ سوى عدد قليل من المناجم الجديدة، كما يقول تشارلز كوبر، رئيس أبحاث النحاس في وود ماكنزي.
ذكرت وكالة الطاقة الدولية هذا العام أنه بحلول عام 2035، سيُغطي إنتاج المناجم القائمة والمخطط لها 70 بالمئة فقط من الطلب العالمي. ويسعى المنتجون الحاليون إلى الاندماج لزيادة احتياطياتهم وخفض التكاليف.
ويتوقع المحللون حدوث عجز في هذا العام، حيث توقعت شركة الاستشارات وود ماكنزي عجزًا قدره 304 آلاف طن من النحاس المكرر في عام 2025، وهي فجوة تقول إنها ستتسع في عام 2026. ويقول كوبر: "التعدين هو الخطوة التي تحدد معدل التحول في مجال الطاقة".
بالنسبة للأسعار، سجل النحاس سلسلة من الارتفاعات القياسية منذ أكتوبر. ويبلغ سعر بورصة لندن للمعادن حاليًا أكثر من 11 ألف دولار للطن، مقارنةً بنحو 8500 دولار قبل عامين.
مراكز البيانات يقول أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي كاليفورنيا، الدكتور حسين العمري، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
مع طفرة الذكاء الاصطناعي، يتحوّل "المعدن الأحمر" إلى عصب خفيّ لهذه الثورة الرقمية.
كل نموذج لغوي ضخم، وكل مركز بيانات مكدَّس بخوادم الذكاء الاصطناعي، يحتاج إلى كيلومترات من الكابلات والمحولات وأنظمة التبريد، وجميعها تعتمد على النحاس بوصفه أفضل ناقل كهربائي متاح على نطاق صناعي.
التقديرات تشير إلى أن مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تستهلك عشرات الآلاف من الأطنان من النحاس للمركز الواحد، وأن الطلب على النحاس في مراكز البيانات قد يقفز إلى ما يعادل إنتاج أكبر أربعة مناجم نحاس في العالم مجتمعًة.
في المقابل، يواجه العرض سقفًا صلبًا؛ المناجم الحالية تتقدّم في العمر، وجودة الخام تتراجع، والمشروعات الجديدة تصطدم بتكاليف رأسمالية ضخمة، وتعقيدات بيئية، واعتراضات مجتمعات محليّة، ما يجعل دورة تطوير منجم جديد تمتد لعشر سنوات أو أكثر.
ويضيف: هذا الجمود في الإمدادات، مع تسارع الطلب من مراكز البيانات والشبكات الخضراء والسيارات الكهربائية، يضع سوق النحاس في حالة "عجز بنيوي" متوقّع خلال العقد القادم، مع تحذيرات من وصول الفجوة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من سكاي نيوز عربية
