تعيش بيتكوين في 2025 عامًا شديد التقلب، إذ تتأرجح بين موجات صعود قوية وهبوطات حادة، مع تزايد احتمالات أن تُنهي العام على تراجع سنوي هو الأول منذ 2022. ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه الأسواق العالمية، تقلبات مرتبطة بعوامل التجارة والرسوم الجمركية وتوقعات أسعار الفائدة، إلى جانب مخاوف متصاعدة من فقاعة محتملة في تقييمات أسهم الذكاء الاصطناعي.وخلال الأسابيع الماضية، اتجهت العلاقة بين بيتكوين والأسهم إلى مزيد من الترابط، بعدما توسعت قاعدة تبني العملات المشفرة من المستثمرين الأفراد وبعض المؤسسات، ما جعل حركة أكبر عملة رقمية أقرب إلى سلوك الأصول عالية المخاطر، التي تتأثر بشهية المستثمرين واتجاهات السياسة النقدية.ترابط أقوى مع الأسهمتُشير بيانات السوق التي استندت إليها رويترز، إلى أن متوسط الارتباط بين بيتكوين ومؤشر SP 500 بلغ نحو 0.5 في 2025، مقارنة بمتوسط 0.29 في 2024. وارتفع متوسط الارتباط مع ناسداك 100 إلى 0.52 هذا العام مقابل 0.23 في العام الماضي، وهو ما يعكس انتقال بيتكوين من أصل بديل في نظر جزء من المستثمرين إلى أصل يتحرك بشكل متزايد مع مزاج الأسواق التقليدية.ويعزو محللون، هذه الحساسية المتنامية إلى كون أسهم الذكاء الاصطناعي أصبحت محركًا رئيسيًا لاتجاهات الأسهم عالميًا، ومع تشابه طبيعة التقييمات القائمة على التوقعات والنمو المستقبلي، باتت بيتكوين تتلقى الصدمات نفسها تقريبًا عندما تتراجع الثقة في سيناريوهات الارتفاع القوي لهذه الأسهم.قمم أكتوبر لم تصمدبعد موجة صعود قوية في وقت سابق من العام، مدفوعة بتحسن المزاج تجاه الأصول المشفرة عقب انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعرضت العملات الرقمية لهزة في أبريل مع إعلانات الرسوم الجمركية، قبل أن تعود لاحقًا إلى مسار صعودي.وسجلت بيتكوين ذروة تاريخية فوق 126 ألف دولار في أوائل أكتوبر. لكن السوق تعرض لانتكاسة كبيرة بعد أيام قليلة، وتحديدًا في 10 أكتوبر، عقب إعلان ترامب فرض رسوم جديدة على الواردات الصينية والتهديد بضوابط تصدير على برمجيات حساسة. وأدى ذلك إلى موجة تصفية ضخمة، تخطت 19 مليار دولار في مراكز سوق العملات الرقمية ذات الرافعة المالية، في أكبر عملية تصفية جماعية يشهدها القطاع.ومنذ تلك الضربة، واجهت بيتكوين صعوبة في استعادة زخم صعودها، فيما شهد نوفمبر أكبر هبوط شهري منذ منتصف 2021، رغم تراجع مؤشرات التشاؤم نسبيًا في سوق الخيارات خلال الأسابيع الأخيرة.تحذيرات من "شتاء بيتكوين"تُظهر تحركات السوق، أن المتعاملين خففوا قليلًا رهانات الهبوط الحاد، مع تقدير احتمالية بنحو 15% لأن تُنهي بيتكوين العام دون مستوى 80 ألف دولار، مقارنة بنحو 20% قبل أسابيع.وبرزت في المقابل، فجوة واضحة بين توقعات سابقة متفائلة وبين نبرة أكثر حذرًا حاليًا. فقد كانت “ستراتيجي” التابعة لمايكل سايلور تراهن في نهاية أكتوبر، على وصول بيتكوين إلى 150 ألف دولار هذا العام.وسبق أن توقعت ستاندرد تشارترد أن تصل العملة إلى 200 ألف دولار بنهاية 2025 مدفوعة بتدفقات الصناديق المتداولة، لكن المشهد تغير، إذ حذر الرئيس التنفيذي للشركة، فونغ لي، من احتمال دخول السوق في "شتاء بيتكوين"، بينما أشارت تقديرات أحدث إلى إمكانية هبوطها دون 100 ألف دولار.مسار الفائدة الأميركيةمثل الأسهم، باتت بيتكوين أكثر حساسية لمسار السياسة النقدية الأميركية. وتشير تقديرات السوق إلى تسعير احتمال يقارب 86%، لخفض الفائدة الأميركية بمقدار 25 نقطة أساس هذا الأسبوع، وهو عامل قد يلعب دورًا مهمًا في تحديد اتجاه الأصول عالية المخاطر في الأجل القريب.ويرى محللون، أن أي إشارات تميل للتيسير النقدي قد تمنح بيتكوين متنفسًا قبل نهاية العام، لكن استمرار ارتباك أسهم الذكاء الاصطناعي أو عودة نبرة التشدد قد يبقيان ضغط الهبوط قائمًا.(رويترز)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
