بعيدا عن العناوين الصاخبة والأزمة المحتدمة التي يعيشها محمد صلاح مع ليفربول في الأيام الأخيرة، عاد كثيرون في محاولة لاستكشاف رحلة النجم المصري الاستثنائية وصولا إلى أن يصبح أسطورة في ملعب "أنفيلد". كيف كانت رحلته؟ ما الذي يقوله عنه أولئك الذين عرفوه عن قرب طوال مسيرته؟ على مدى 8 أعوام ونصف، لم يكن "الملك المصري" مجرد هداف تاريخي أو نجم عالمي، بل شخصية أثرت بعمق في محيطها داخل وخارج الملعب.هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تكشف تفاصيل الرحلة الاستثنائية على لسان مدربين وزملاء سابقين لرسم صورة أعمق للنجم الذي أصبح اليوم محور جدل واسع.كلوب تنبأ بالأزمة مبكرايورغن كلوب، المدرب الذي صنع مع صلاح أغلب أمجاده في ليفربول، يصفه قائلاً: "تأثرنا جميعاً بماضينا وطريقة تربيتنا. (مو) أدرك مبكراً أن عليه أن يفعل أكثر من الآخرين".ويضيف: "بعد كل صيف يعود بمهارة جديدة. كأنّه قضى الإجازة كلها يتعلم نوعاً معيناً من التمرير. لم نتوقف عن دفع بعضنا البعض. اللحظة التي رفعنا فيها لقب الدوري ستجمعنا للأبد".ويتابع: "لا أقول إنه سهل الإدارة، لكنه ليس صعباً أيضاً. لديك مشكلة مع محمد صلاح فقط عندما لا يلعب أو عندما تقوم باستبداله".ورغم الانتقادات الموجهة له مؤخراً بسبب ندرة ظهوره الإعلامي، يرى زملاؤه السابقون أنه نموذج في الثبات والتركيز، وأن صمته لم يكن ضعفاً في القيادة، بل طريقة مختلفة للتأثير.لالانا: صلاح يقاتل ليُثبت نفسه دائماًآدم لالانا، زميله السابق، يروي: "كان دائماً يحاول إثبات خطأ من يشكك فيه. ليس استعراضياً. كنت أراقبه وأشعر بالطمأنينة لأنّه يتحكم بكل شيء حوله".ويضيف: "يعرف كيف يبقى متوازناً في لحظات القوة والضعف. وهذا ما يصنع القادة الحقيقيين".ميلنر: يريد أن يكون الأفضل في كل شئويكشف جيمس ميلنر جانباً آخر من شخصية صلاح: "رغم كونه نجماً عالمياً، فهو رجل لطيف للغاية. يلعب وكأنه يحمل شيئاً على كتفه. يريد أن يكون الأفضل في كل شيء".ويتابع نجم برايتون الحالي ضاحكاً: "حتى في الشطرنج وجد مدرباً خاصاً ليتحسن.. وهزمني مرات كثيرة".أما العلاقة التنافسية مع ساديو ماني فيوضحها كلوب: "لم يكونا أصدقاء مقربين، لكنهما كانا يقاتلان من أجل الفريق. نعم، ربما كان صلاح يجب أن يمرر أحياناً، لكنه كان على الدوام سنداً لماني داخل الملعب".رفع رؤوس المصريين والعرببعيداً عن المستطيل الأخضر، يُنظر إلى صلاح كأيقونة ثقافية وإنسانية.محمّد أنور شتيّة، عمدة قرية نجريج مسقط رأس محمد صلاح، يقول: "ما يميّزه منذ طفولته انضباطه. لم ينس جذوره يوماً. يجد سعادته الحقيقية بين أهله. لقد رفع رؤوس شباب مصر والعالم العربي".وباتت رحلاته اليومية الطويلة من نجريج إلى القاهرة في طفولته جزءاً من الأسطورة التي صنعت قوته الذهنية.أحمد المحمدي، زميله السابق في المنتخب، يقول: "لكي تتحمل ذلك الطريق الطويل خلف حلمك.. تحتاج إلى قوة ذهنية غير عادية. زوجته من قريته أيضاً، وقد دعمته في كل خطوة".كما تحدث إمام مسجد ليفربول شفيق رحمن عن حضوره المتكرر للصلاة: "كان يصل أحياناً متأخراً بعد التدريب مباشرة. الجميع يحترمه.. ولم يكن أحد يزعجه داخل المسجد".من لاعب خجول في تشيلسي إلى أسطورة ليفربولمارك شفارتسر، زميله في تشيلسي، يتذكّر بدايته: "كان خجولاً، صغيراً، جاء إلى غرفة مليئة بالنجوم. عندما لم يسجل، ازداد ضغطه. أتذكر يوماً عندما ركل مورينيو الطاولة غاضباً منه".ويضيف: "أن يصبح ما أصبح عليه اليوم.. هذا دليل على عزيمته الخارقة".في إيطاليا، أعاد صلاح صناعة نفسه.النجم الإنجليزي السابق وزميله بفيورنتينا ميكا ريتشاردز يروي: "كان يفعل كل شيء بطريقة صحيحة؛ نوم مبكر، طعام صحي، تركيز دائم. أراد أن يُسكت كل المشككين.. وقد فعل".كما يصفه النجم المصري السابق أحمد حسام "ميدو" قائلاً: "النجاح في أوروبا يتطلب فهم ثقافتها دون أن تخسر مبادئك. وهذا ما فعله صلاح. لقد جعل الشباب في إفريقيا يحلمون… فهو واحد منهم".لويس دياز: ترك أثراً عميقاً في داخليوبينما تتصاعد الشكوك حول مستقبله، يروي زميله السابق لويس دياز: "كان أول من استقبلني. قال لي: إذا احتجت أي شيء فأنا هنا. حتى في الملعب، كان يوجهني ويُنسّق معي الحركات".ويختتم: "صلاح يريد دائماً أن يصبح أفضل. إنساناً ولاعباً. وقد ترك أثراً عميقاً في قلبي".ورغم أن قصة صلاح مع ليفربول قد تقترب من منعطفها الأخير، إلا أن ما تركه من إرث إنساني وقيَمي يتجاوز حدود الأزمات، ويظل جزءاً من الحكاية التي جعلته أحد أعظم لاعبي جيله.(ترجمات)۔۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
