جون بولتون* - (الإندبندنت) 2025/12/4
يشكل التغاضي عن المحور الروسي - الصيني في الشرق الأوسط مخاطرة حقيقية. وستكون فرص تحقيق السلام والأمن في المنطقة أعلى بكثير متى ما حافظت الولايات المتحدة على حضورها القوي والفاعل. في ما يلي، يكتب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق عن حصيلة السياسة الخارجية لبلاده في المنطقة خلال ربع قرن.
* * *
في الشرق الأوسط، حمل ربع القرن الأول من القرن الحادي والعشرين للولايات المتحدة سلسلة من التهديدات والأخطار المتواصلة، بما في ذلك صدامات عسكرية مباشرة بدأت بهجمات 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية، وانتهت هذا الصيف بالضربات الأميركية - الإسرائيلية على برنامج إيران للأسلحة النووية. وعلى الرغم من أن أسباب هذا الاضطراب سبقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر واستمرت بعدها، فإن حجم الرهانات والمصالح الحيوية الأميركية في المنطقة خلال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية لم يسبق أن كانت أعظم مما هي عليه.
الانعزاليون الجدد الذين يقللون من شأن مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط باعتبارها محدودة أو بعيدة جداً، يتجاهلون في الواقع حقائق التاريخ، بدءاً بحروب توماس جيفرسون ضد قراصنة البربر في مطلع القرن التاسع عشر. أما الانخراط الأميركي الحديث في المنطقة، فيعود إلى لقاء فرانكلين روزفلت بالملك عبدالعزيز آل سعود في 14 شباط (فبراير) من العام 1945 على متن السفينة "يو أس أس كوينسي" في قناة السويس، في خضم الحرب. وما لبثت أن أعقبت ذلك تحديات جسيمة، بدءاً بالحرب الباردة وقيام دولة إسرائيل الحديثة.
بطبيعة الحال، تغيرت القضايا التي واجهتها واشنطن في المنطقة على نحو جذري منذ العام 1945، وستواصل التغير في المستقبل، غالباً بطرق لا يمكن التنبؤ بها. ومع ذلك، تظل الجغرافيا والتجارة والموارد الطبيعية وروابط التاريخ والثقافة والدين، وهي الركائز التقليدية للمصلحة الوطنية، عناصر فاعلة في تحديد المصالح والسياسات. وليست القضية اليوم في تفسير سبب انخراط الولايات المتحدة العميق في الشرق الأوسط، فهذا أمر يتجادل حوله المؤرخون، بل في سبب اعتقاد البعض بأن هذه المصالح تراجعت إلى درجة تسمح لواشنطن بتجاهل ما يجري فيه. ويؤكد تكرار الانعزاليين الجدد للحجة نفسها بشأن تراجع مصالح أميركا في أوروبا ضيق أفق رؤيتهم الدولية.
ومن المغالطات، كذلك، الادعاء بأن الولايات المتحدة تفتقر إلى الموارد اللازمة لردع التهديدات التي تستهدف مصالحها ومصالح حلفائها وأصدقائها. وهذه القراءة الخاطئة لفكرة وجود قيود على قدرات الولايات المتحدة هي الأساس النظري للدعوة إلى التركيز على التهديد الصيني والتخلي عن الاهتمام الجاد بمصالحها في بقية العالم. لا شك في أن النزاعات في أفغانستان والعراق وإيران استنزفت جانباً كبيراً من الموارد الأميركية خلال ربع القرن الماضي، وربما ستواصل فعل ذلك، بيد أن ما يحد من القوة الأميركية ليس نقصاً في الموارد، بل غياب الإرادة والعزم على اتخاذ ما يلزم من خطوات. الأجدى أن تكبح الولايات المتحدة التوسع غير المنضبط في الإنفاق الداخلي، وأن تركز على التهديدات الخارجية التي تستهدف نمط الحياة والاقتصاد اللذين أسهما في ازدهار أميركا والعالم.
يعول كثر على "نظام دولي قائم على القواعد" لضمان الأمن والسلام العالميين، لكن هذا التصور ليس إلا وهماً يمنح تطمينات زائفة ويترك غير الحذرين عرضة للخطر......
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية
