تبحث أوكرانيا إمكانية سحب قواتها من أجزاء بمنطقة دونباس شرق كييف، في إطار مقترح لاتفاق سلام يجري تداوله قبيل محادثات مرتقبة مع المسؤولين الأميركيين. ويقضي الطرح بأن تسحب كييف قواتها من دونيتسك ولوغانسك لتشكيل منطقة منزوعة السلاح، شريطة تنفيذ روسيا "انسحابا متبادلا" في المقابل.
"منطقة اقتصادية حرة"وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضغط باتجاه إنشاء "منطقة اقتصادية حرّة" تفصل بين القوات الأوكرانية والروسية في مقاطعة دونيتسك الغنية بالمعادن. وأوضح أن "المقترح الأميركي يتصور انسحاب القوات الأوكرانية من دونيتسك، على أن تمتنع القوات الروسية عن دخول المنطقة، التي يصفونها بأنها منطقة اقتصادية حرة".
وأشار زيلينسكي إلى أن الخطة الأميركية لا تُلزم موسكو بسحب قواتها من منطقتي خيرسون وزابوريجيا جنوبا، مؤكدا أنه لا يملك صلاحية التنازل عن الأراضي الأوكرانية، ولا يمكنه مخالفة إرادة الشعب. لكنه شدد في الوقت نفسه على أنه بعث للوفد التفاوضي بأهميىة التعامل "بشكل بنّاء" وإيجابي مع المقترحات الأميركية بدلا من رفضها مباشرة.محادثات باريس
ومن المقرر أن يُطرح هذا المقترح خلال محادثات تجمع مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين وأميركيين في باريس السبت المقبل، وفق صحيفة "تليغراف"، حيث ستُناقش أيضاً مسألة التنازلات الإقليمية المثيرة للجدل التي يدفع الرئيس ترامب باتجاهها. وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن "السؤال الرئيس يتعلق بمدى استعداد أوكرانيا لتقديم تنازلات إقليمية، وهو أمر لا يمكن أن يقرره سوى الرئيس الأوكراني وشعبه". وأضاف أنه لمس استعدادا لدى ترامب للمضي في هذا المسار بالتنسيق مع الأوروبيين.
يأتي هذا الحراك بعد إعداد الجانب الأوروبي والأوكراني سلسلة من "المقترحات المضادة" للخطة الأميركية الحالية. وكان الموفد الأميركي ستيف ويتكوف قد كثف ضغوطه على كييف للقبول بتسليم دونباس من جانب واحد كمدخل لوقف إطلاق النار. وسبق لترامب أن صعّد ضغطه على زيلينسكي، محذرا من "هزيمة عسكرية" في حال رفض المقترحات.
وكانت نسخة سابقة من الخطة، صاغها الموفد الأميركي بالتعاون مع مسؤول روسي رفيع، قد دعت إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح"معترف بها دوليا كأرض تابعة للاتحاد الروسي"، الأمر الذي رفضه زيلينسكي، وقد حذر من أن ذلك سيمنح موسكو سيطرة على "حزام التحصينات" الأوكراني ويحوّله إلى منصة لهجوم مستقبلي محتمل.مدن استراتيجيةوتدرس كييف حاليا مقترحا مضادا يقضي بانسحاب "متزامن ومتبادل" للأطراف من منطقة منزوعة السلاح تُحدَّد حدودها لاحقا، على أن تبقى المنطقة "معترفا بها دوليا كأرض أوكرانية". ومن المتوقع أن تكون المفاوضات حول تحديد حدود هذه المنطقة معقدة، نظرا إلى أن الـ 25% من دونيتسك التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية تضم مدنا استراتيجية، فيما تسيطر روسيا على مناطق أقل أهمية جغرافيا واقتصاديا.
ويشدد الأوروبيون على ضرورة أن تكون لهم كلمة أكبر في المفاوضات، خصوصا بعد اتهامات ترامب لهم بعرقلة جهود السلام. وقال ميرتس إن "العمل المشترك لا يزال صعبا، فبوتين يواصل حربه الوحشية، ويسعى إلى كسب الوقت"، مؤكدا أن "أي وقف لإطلاق النار يجب أن يكون مدعوما بضمانات قانونية وميدانية قوية"، وأن "فرض سلام غير مقبول شعبيا على الأوكرانيين سيكون خطأ جسيما".
ومع أن كييف تُبدي مرونة متزايدة تجاه مطالب ترامب، إلا أن موسكو لم تُظهر أي مؤشرات جدية على استعدادها لتقديم تنازلات، بحسب الصحيفة.وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن المحادثات الأخيرة بين الرئيس فلاديمير بوتين والموفد الأميركي "أزالت الالتباسات"، لكنه شدد على أن الضمانات الأمنية "يجب ألا تقتصر على أوكرانيا وحدها"، منتقداً تجاهل الأوروبيين "الهواجس الأمنية الروسية" في الطروحات الغربية.(ترجمات)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
