لم يكن مساء ذلك اليوم في عدن عاديًا، بل كان واحدًا من تلك المساءات التي يختبر فيها الإنسانُ نفسه، ومسؤوليته، وعمق انتمائه. في مساء الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 _ ثالث ايام الاعتصام المفتوح _ خرجتُ أنا ووالدتي وأولادي نحو ساحة العروض، نمشي بخطى تختلف في سرعتها وقوتها، لكنها تتوحد في مقصدها. كانت والدتي وهي طاعنة في السن، تتكئ على عكازها الذي صار رفيقها الدائم منذ إصابتها بكسور في كلتا قدميها ومع ذلك، أصرّت على الخروج، قالت لي قبل أن نغادر المنزل : "الوطن يحتاج كل خطوة نستطيع أن نقدمها وإن كانت خطوة واحدة بعكاز." ثم قالت اريد الذهاب معك إلى ساحة العروض لاوصل صوتي للعالم وللرئيس عيدروس ان يعلنها دولة .
هذه الجملة وحدها كانت كافية لتجعلني أدرك أن المشاركة في الأحداث الوطنية ليست مجرد حضور، بل موقفٌ أخلاقي وتاريخي تمليه الذاكرة والوعي. يكبر الوطن حين تمشي إليه أمٌّ منهكة الجسد، كاملة الروح، ويصغر كل ما يثقل الحياة حين ترى أبناءها يتقدمون بجانبها حاملين حلم المستقبل.
لقد وقفنا في ساحة العروض تأييدًا للانتصارات التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في وادي وصحراء حضرموت، ووقوفًا مع حق أبناء شعب الجنوب في أن يُحترم صوتهم وتُصان إرادتهم. لكن ما شدّ انتباهي لم يكن الحشود الغفيرة وحدها، بل مشاعر العائلات كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً، ممن خرجوا يحملون في حضورهم رسالة واحدة: أن الجنوب ليس شعارًا بل هويةٌ تتوارثها الأجيال، وعهدٌ يُصان بالوعي، لا بالغياب.
كانت والدتي تمثل جيلًا عاش تفاصيل الجنوب في أصعب أيامه، وجيلًا يعرف أن الوطن يُعاش قبل أن يُنادى به. ويمثل أولادي جيلًا آخر، جيلًا ينتظر وطنًا مستقرًا آمنًا، وطنًا يفتح لهم أبواب الغد، لا يثقل كواهلهم بأوجاع الأمس. وأنا بينهما كنت أشعر أن الخطوات الثلاثة: خطوة الماضي، وخطوة الحاضر، وخطوة المستقبل، تسير نحو هدف واحد.
إن مشاركتنا تلك لم تكن مجرد موقف عاطفي، بل كانت تعبيرًا عن أن المرحلة التي يمر بها الجنوب حساسة جدًا، مفصلية في تاريخه، ولا تحتمل الحياد أو الغياب او الوقوف في المربعات الرمادية . حين تُعاد صياغة مصائر الشعوب، يصبح لزامًا على كل فرد أن يكون شاهدًا ومسؤولًا على حدّ سواء، لا متفرجًا بعيدًا عن.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من عدن تايم
