سجل سوق السيارات الفاخرة في الصين أولى علامات التراجع منذ سنوات، مع انخفاض مبيعات بورشه ومرسيدس-بنز وبي إم دبليو وأستون مارتن، في حين تتقدم العلامات الصينية مثل بي واي دي بشكل غير مسبوق.
ونقل تقرير وكالة ( أسوشييتد برس) الأمريكية، أن خبراء صناعة السيارات يعزو هذا التحول إلى تباطؤ الاقتصاد وركود سوق العقارات، بالإضافة إلى تحول المستهلكين نحو السيارات الكهربائية والهجينة الصينية الأرخص والأكثر ابتكارًا، ما يفرض تحديات كبيرة على الشركات الأوروبية في أكبر سوق سيارات في العالم.
وعن تفاصيل التراجع والاتجاه الجديد، تشير بيانات الصناعة إلى أن الطلب على السيارات الفاخرة، التي تتجاوز أسعارها عادة 300 ألف يوان (42,400 دولار)، بدأ يتراجع بعد فترة من النمو المستمر، فقد بلغ نصيب مبيعات السيارات الفاخرة نحو 15% من إجمالي المبيعات بين 2017 و2023، قبل أن ينخفض إلى 14% في 2024 وإلى 13% في الأشهر التسعة الأولى من 2025، بحسب تقرير إس آند بي جلوبال ريتينج.
وأوضح بول جونج، رئيس أبحاث صناعة السيارات، أن تباطؤ الاقتصاد وركود سوق العقارات أثر بشكل مباشر على رغبة المستهلكين في الشراء، بينما أصبح الأثرياء أكثر تحفظًا في عرض رفاهيتهم بشكل علني.
بالإضافة إلى ذلك، دفعت الحوافز الحكومية للسيارات الكهربائية والهجينة، التي تصل إلى 20 ألف يوان (2,830 دولارًا)، المستهلكين إلى اختيار السيارات الصينية الأرخص، حيث يكون تأثير الدعم المالي أكبر.
وعلى الجانب الآخر، عززت الشركات الصينية، بما في ذلك بي واي دي، من حضورها في السوق الفاخرة عبر الابتكار وإطلاق السيارات الكهربائية والهجينة بأسعار أقل، حتى في الفئة العليا.
وبحسب رابطة مصنعي السيارات الصينية، ارتفع نصيب العلامات الصينية من مبيعات السيارات الركابية إلى نحو 70% في الأشهر الأحد عشر الأولى من هذا العام، في حين استحوذت العلامات الألمانية على 12%، واليابانية على نحو 10%، والأمريكية على نحو 6%.
وتجاوزت بي واي ديBYD في السنوات الأخيرة فولكسفاجن لتصبح أكبر بائع سيارات في الصين، فيما حافظت على صدارة مبيعات السيارات الجديدة من الطاقة الجديدة (الكهربائية والهجينة) هذا العام، مع خفض أسعار بعض الموديلات بنسبة تصل إلى 34%، ما ضاعف الضغوط على منافسيها.
وتكشف التقارير الفصلية للشركات الأوروبية عن التحديات الكبيرة التي تواجهها في السوق الصينية حيث تراجعت مبيعات مرسيدس-بنز في الصين بنسبة 27% خلال الربع الثالث مقارنة بالعام الماضي.
كما انخفضت مبيعات بي إم دبليو بنسبة 11.2% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، وسجلت فيراري انخفاضًا بنسبة 13% في شحناتها إلى الصين القارية وهونج كونج وتايوان خلال الفترة نفسها، وكانت هذه المنطقة الوحيدة التي شهدت تراجعًا في المبيعات.
وأكد أولا كيلينيوس، الرئيس التنفيذي لشركة مرسيدس-بنز، أن "التنافس الشديد في السوق الصينية لن يختفي قريبًا"، موضحًا أن الوضع في فئة السيارات الفاخرة والمتقدمة يظل متوترًا.
وتضررت صالات عرض السيارات الفاخرة من تراجع الإقبال، إذ أشار لي يي، مسؤول السيارات المستعملة في مركز بورشه ببكين، إلى أن بورشه باناميرا 2.9T موديل 2024، بقطع مسافة نحو 20 ألف كيلومتر، معروضة بسعر 950 ألف يوان (134,300 دولار)، بعد أن تم شراؤها سابقًا بنحو 1.4 مليون يوان (198,454 دولارًا).
وأضاف لي: "الوضع ليس مقتصرًا على بورشه فقط، بل يواجه كل من مرسيدس وبي إم دبليو وبينتلي ورودز رويس ظروفًا مشابهة".
وأكدت بعض بائعات السيارات المستعملة أن الأسعار تتراجع منذ عامين، مما يجبرهم على تقديم خصومات أكبر لجذب المشترين، وسط تراجع رغبة المستهلكين في الإنفاق، وفقًا لتعبير أحدهم: "الآن يفكر الناس كثيرًا قبل أن ينفقوا".
هذا المحتوى مقدم من بوابة دار الهلال
