تجدد مخاوف "صراع الحضارات" يدفع بـ"دبلوماسية القيم" إلى الواجهة

ملخص في هذه اللحظة التاريخية التي يتصاعد فيها الاستقطاب الثقافي والإنساني على المستوى العالمي، شهدت الرياض انطلاق نسخة جديدة من المنتدى العالمي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة (UNAOC)، بحضور 1200 مشارك من 80 دولة تحت شعار "عقدان من الحوار من أجل الإنسانية: النهوض بحقبة جديدة من الاحترام والتفاهم المتبادلين في عالم متعدد الأقطاب"، في توقيت يضع طموحات الدبلوماسية الثقافية والقيمية في مواجهة تناقضات الواقع المتأزم.

عندما يشهد المجتمع الأميركي صراعاً ثقافياً واستقطاباً داخلياً واسع النطاق، والسودان مأساة إنسانية مروعة، على خلفيات عرقية وثقافية، وتغزو روسيا أوكرانيا للذرائع نفسها، فإن "صدام الحضارات" أصبح واقعاً، على نحو متسارع، لربما كان أهول مما فكر به منشئ النظرية صمويل هنتنغتون في العقد الأخير من القرن الماضي، فالصراع الذي توقع أن يكون بين الغرب والإسلام وقد حدث، لم تقف عنده التطورات التي قفزت إلى الصراع داخل المنظومة الواحدة، غربية أو إسلامية أو أوراسية.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more في هذه اللحظة التاريخية التي يتصاعد فيها الاستقطاب الثقافي والإنساني على المستوى العالمي، شهدت الرياض انطلاق نسخة جديدة من المنتدى العالمي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة (UNAOC)، بحضور 1200 مشارك من 80 دولة تحت شعار "عقدان من الحوار من أجل الإنسانية: النهوض بحقبة جديدة من الاحترام والتفاهم المتبادلين في عالم متعدد الأقطاب"، في توقيت يضع طموحات الدبلوماسية الثقافية والقيمية في مواجهة تناقضات الواقع المتأزم.

فبينما يسعى المنتدى إلى إحياء "دبلوماسية الحضارات" تستمر الحرب في غزة التي أودت بأكثر من 70 ألف فلسطيني والنزاع السوداني، الذي أدى إلى نزوح 10 ملايين شخص، في تذكير قاس بأن الحروب جلبت للأمم الإنسانية آلاماً يعجز عنها الوصف، هذا التحرك السعودي لاستضافة المنتدى يشكل نقطة تحول في محاولات المنطقة لترسيخ دورها بوصفها لاعباً محورياً في الجدل العالمي الذي يستحضر من جديد إشكالية الحضارات وتأثيرها في السياسة الدولية.

عودة نظرية الصدام بزخم مفاجئ لقد شكلت نهاية الحرب الباردة في عقد التسعينيات لحظة محورية لإعادة تعريف أطر الصراع العالمي، وفي هذا السياق، نشر صمويل أطروحته الشهيرة "صدام الحضارات"، التي رأت أن النظام الدولي مقبل على طور جديد لن يكون الصراع فيه منصباً على الأيديولوجيات أو المصالح الاقتصادية البحتة، بل على الانتماءات الحضارية، وقد أحدثت هذه الأطروحة، كما يشير صالح بن محمد الخثلان، مستشار أول في مركز الخليج للأبحاث، صدى واسعاً لأنها "رسمت صورة قاتمة لمستقبل كان يؤمل أن يكون أكثر سلاماً وتعاوناً، وعلى رغم أن جهوداً مكثفة بذلت لتفنيدها، فإن مؤشرات الأعوام الأخيرة تدل على عودتها بقوة، وإن كانت بصورة أقل صخباً وأكثر اندماجاً في استراتيجيات الدول".

أثبتت هذه العودة، وفقاً للتحليل، أن صدام الحضارات وصراع الحضارات تفتقر إلى المنطق والوعي، وتغذيها مفاهيم متخلفة وخطرة، فهي تحول الخلاف الحتمي والطبيعي بين الأمم إلى صراع وجودي، مما يجعل أي احتكاك وإن قل قابلاً للانفجار.

ويرى أمين رابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد العيسى في سياق أعمال المنتدى والرد على تجدد نظرية الصدام، أن الأخيرة "ظلت وقود الكراهية والعنف والحروب في عالم جدير باستيعاب حكمة الخالق، وأن يستفيد من حكمة التاريخ"، ويكمن جوهر الرفض السعودي لهذه الأطروحات انطلاقاً من قناعة البلاد بأن الحضارات ترتقي بـ"الاحترام المنطقي لغيرها وبما تقدمه من التبادل الحضاري والنفع الأخلاقي، مستلهمة مبدأ أن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"، كما يقول العيسى.

هذا التنامي في البعد الحضاري يظهر بوضوح في سياسات القوى الكبرى اليوم، فروسيا، مثلاً، عرفت نفسها في وثيقة سياستها الخارجية لعام 2023 بأنها "دولة حضارة"، وتطرح فكرة "سيمفونية الحضارة الإنسانية" بديلاً عن الهيمنة الأحادية، وفي الشرق لم تغب الصين عن هذه الإشكالية، إذ طرح رئيسها شي جينبينغ عام 2023 "مبادرة الحضارة العالمية"، مؤكدة احترام تنوع الحضارات ورفض محاولات فرض النماذج على الآخرين، وفي الغرب أيضاً، يلاحظ الباحث الخثلان من جهته أن صعود اليمين الشعبوي أعاد إلى قلب النقاش العام البعد الحضاري، وظهر ذلك في خطابات المسؤولين التي حذرت من "التآكل الداخلي لقيم الحضارة الغربية"، مما يؤكد أن البعد الحضاري أصبح جزءاً من بنية التفكير الاستراتيجي للقوى العظمى، معلناً بداية عصر "التعددية القطبية الحضارية".

من وثيقة المدينة النبوية إلى "تسوية النزاعات" الحضور السعودي في هذا المشهد ليس مجرد استضافة عابرة، بل هو فرصة استراتيجية للاضطلاع بدور محوري في الجدل العالمي، فإشكالية "صدام الحضارات" و"حوار الحضارات" تمحورت تاريخياً حول علاقة الإسلام بغيره من الحضارات، وبحكم مكانتها كمهد الرسالة وحاضنة الحرمين الشريفين، وكونها وفق العيسى "مدرج الحضارة الإنسانية الذي انطلقت منه وثيقة المدينة المنورة كأقدم وثيقة مكتوبة لحقوق الإنسان وأسس المواطنة الشاملة"، فإن السعودية تقف بحكم الواقع في قلب الإشكالية الحضارية المعاصرة، هذا الدور متجذر تاريخياً، وعلى هدي وثيقة المدينة انطلقت وثيقة مكة قبل بضع، مما يعكس أصالة اهتمام الرياض بهذا الملف.

وأكد الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي أن استضافة بلاده المنتدى هي دعم للجهود الدولية لتعزيز قيم التسامح والحوار والعيش المشترك، مشدداً على أن "التواصل بين الحضارات هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام وتسوية النزاعات". هذا الالتزام ليس مجرد خطاب، بل هو ترجمة عملية لمضامين رؤية المملكة 2030 التي "تعكس نهجاً وطنياً يقوم على الاعتدال والانفتاح على الحضارات، ومواجهة خطاب الكراهية والتطرف"، من خلال كيانات فاعلة مثل مركز "اعتدال" لمواجهة الفكر المتطرف ومشروع "سلام" للتواصل الحضاري.

ويمثل التفاعل السعودي مساهمة في النقاش المتعلق بإعادة تشكيل النظام الدولي، حيث بات البعد القيمي محدداً رئيساً إلى جانب القوة الاقتصادية والتقنية، لا سيما في تأهيل الأجيال الجديدة.

ولفت الوزير في هذا الصدد إلى أن "أفضل من يعبر عن الأمل هم شريحة الشباب، وهم قادة المستقبل، ورسل السلام"، ولهذا كان هناك منتدى شبابياً ينعقد.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ 7 ساعات
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
قناة روسيا اليوم منذ ساعتين
سكاي نيوز عربية منذ 16 ساعة
قناة العربية منذ 6 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 4 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ ساعتين
أخبار الأمم المتحدة منذ 20 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 6 ساعات