اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، عبد العزيز اغنية، أن غياب حكومة وطنية حقيقية، وهدف واضح في الذهاب إلى الانتخابات والتوافق على دستور دائم، يجعل كل المحاولات الأممية لحل الأزمة الليبية محدودة الأثر، بما فيها الحوار المهيكل الذي انطلقت فعالياته في العاصمة طرابلس.

وقال اغنية، في حديث لقناة ليبيا الأحرار ، رصدته صحيفة الساعة 24، إن الدور الذي لعبته الأمم المتحدة في ليبيا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية لم يكن دورًا مساعدًا بقدر ما كان دورًا مؤزمًا ، مشيرًا إلى أن الليبيين يشعرون بخيبة أمل كبيرة إزاء مسار الحوارات التي ترعاها المنظمة الدولية.

وأوضح أنه ورغم كثرة الملاحظات والانتقادات، فإن الأمل ما زال قائمًا ولو بشكل محدود في أن تساهم الخطوات الجديدة في وضع جزء من الحلول أو تقريب وجهات النظر، إلا أنه استدرك بالقول إن الخلافات بين الأطراف الليبية واسعة وعريضة، ولا يبدو أن هذه الحوارات قادرة على جمع الليبيين فيما بينهم.

وأضاف أن ما يجري اليوم، سواء سُمّي «حوارًا جامعًا» أو «حوارًا مهيكلًا» أو «حوارًا أمميًا»، لا يخرج بحسب رأيه عن كونه محاولة لإنتاج عقد اجتماعي أو وثيقة اتفاق بين أطراف ليبية مختارة.

وأكد اغنية، أنه يجد صعوبة في تبنّي موقف إيجابي، قائلًا إن البلاد جرّبت خلال 15 عامًا كل الصيغ الممكنة، ما أدى إلى تفتيتها وفتح الباب واسعًا أمام التدخلات الخارجية والإقليمية، التي باتت على حد تعبيره تتدخل في كل تفاصيل الشأن الليبي.

وأشار إلى أن المواطن الليبي يعاني من أزمات معيشية خانقة، في وقت تنشغل فيه الطبقة السياسية بصراعاتها، مؤكدًا أن الليبيين في عمومهم متصالحون مع بعضهم ويتمنون الاستقرار وتحسن أوضاعهم المعيشية، بينما تكمن المشكلة الحقيقية في النخب السياسية المنقسمة على نفسها، والتي وصفها بأنها منشطرة وتتنازع على النفط والمال دون مشروع وطني واضح.

وشدد اغنية، على أن الحل المنطقي يبدأ بالاستفتاء على الدستور أولًا، ثم الذهاب إلى تشكيل حكومة قادرة على توحيد البلاد ولمّ شتات مؤسساتها، معتبرًا أن المشهد المتأزم هو سياسي ونخبوي بالدرجة الأولى، وليس مجتمعيًا.

وفي سياق مداخلته، حمّل غنية، حكومة الدبيبة، مسؤولية كبيرة عن الأزمة الراهنة، معتبرًا أنها لا تسيطر إلا على نسبة محدودة من الأراضي الليبية، وأنها ورطت البلاد في اتفاقيات دولية وأدخلت قوى أجنبية ما زالت موجودة على الأرض، مؤكدًا في الوقت ذاته أن بقية الأطراف السياسية ما زالت تعاني من غياب مشروع سياسي واضح، وتستمر في صراعاتها الداخلية دون أفق حقيقي للحل.

ورأى غنية، أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تقوم بدور إداري لإدارة الأزمة وليست مسؤولة عن إيجاد حل لها، مشدداً على أن الحل الفعلي يجب أن يأتي من الليبيين أنفسهم.

وأشار إلى أن التواصل بين الأطراف الليبية في الشرق والغرب خطوة إيجابية، لكنه أضاف أن الأزمة الأساسية في البلاد سياسية بحتة، وتتمثل في الخلاف على الدستور، مع ضرورة عدم السماح بتعقيد الأزمة عبر تدخلات متكررة لتشكيل حكومات متعددة أو سيطرة سلطات قبلية أو جماعات مسلحة على مؤسسات الدولة.

وقال: ما زلنا بعد خمسة عشر عاماً نعيش بمنطق الغنيمة داخل مؤسسات الدولة الليبية، حتى العملة الوطنية تأثرت سلباً نتيجة هذا الانقسام . مشدداً على أن المشكلة ليست عامة لجميع الليبيين، بل ترتبط بجماعات محددة في بعض المناطق، مضيفاً أن المواطن الليبي استفاد من برامج التنمية والعمل والاستقرار الأمني في مناطق أخرى في إشارة إلى شرق البلاد مشيراً إلى أن الاستقرار هو أهم عامل في حياة أي دولة.

وأضاف: للأسف، الفقر دفع المواطن إلى العجز عن المشاركة في الحياة العامة، وحتى الاحتجاجات السلمية صعبت عليه، ما يجعل دور النخب أكثر أهمية في توعية الناس وقيادتهم نحو الحوار البناء بدل الانفجار والتدمير .

وشدد على أهمية العودة إلى تاريخ ليبيا الحديث لفهم الوضع الحالي، مشيراً إلى أن البلاد كانت في الخمسينيات والستينيات تتمتع ببنية تحتية ومشاريع وطنية واضحة، أبرزها مشروع النهر الصناعي الذي نفذ تحت النظام الوطني الأول. معتبرا أن هذه المشاريع ما زالت شاهدة على الإنجازات، رغم أنها مهملة منذ أكثر من 15 عاماً.

وأشار اغنية، إلى أن الصراع السياسي في ليبيا مستمر، وأن الشخصيات السياسية من مختلف التيارات ما زالت حاضرة في الساحة، وهو ما يعرقل تحقيق استقرار فعلي. موضحا أن التدخل العسكري الذي قام به الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في بنغازي أسهم في إنقاذ المدينة من الإرهاب وإعادة المؤسسات التي جرى تدميرها.

وختم اغنية بالإشارة إلى محاولات صياغة اتفاقات مشتركة لإدارة الشؤون المالية والسياسية في ليبيا، مؤكداً أن هذه المحاولات لم تنجح، وأن بعض الأطراف الليبية تفضل استمرار الوضع الراهن.

هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا