شركة CoreWeave (كورويف)، التي تُعد من أكبر ممثلي الجيل الجديد من الشركات التي تقود طفرة الذكاء الاصطناعي، شهدت تبخّر ما يقارب 33 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال ٦ أسابيع فقط، في واحدة من أكثر الانخفاضات دراماتيكية في القطاع، بحسب تقرير
لصحيفة
وقد تراجع سعر السهم بنسبة 46%، في ظل تصاعد قلق المستثمرين من احتمال تشكّل فقاعة في الذكاء الاصطناعي، وتداعيات فشل صفقة اندماج. غير أن بعض أكبر مشكلات الشركة التقنية بدأت بسبب عامل بعيد كل البعد عن التعقيد التكنولوجي: أحوال جوية عاصفة وغير متوقعة في شمال ولاية تكساس.
وبحسب markets.com تعمل كورويف في قطاع متخصص ولكنه يتوسع بسرعة في مجال الحوسبة السحابية.
على عكس مقدمي الخدمات السحابية التقليديين الذين يخدمون مجموعة واسعة من التطبيقات، تركز كورويف على توفير بنية تحتية سحابية مدعومة بوحدات معالجة الرسوميات (GPU) ومُحسَّنة للذكاء الاصطناعي، والتعلّم الآلي، وتقديم التأثيرات البصرية، وغيرها من المهام كثيفة الحوسبة.
هذا التخصص يتيح للشركة خدمة العملاء ذوي متطلبات الأداء العالية، بما في ذلك الشركات والمطورين العاملين على نماذج الذكاء الاصطناعي، واستوديوهات الرسوم المتحركة، والحوسبة العلمية.
سبب "غير تكنولوجي" قلب المعادلة
خلال الصيف، أدت أمطار غزيرة ورياح قوية إلى تأخير يقارب 60 يومًا في موقع إنشاء بمدينة دينتون، وهي مدينة صغيرة تقع شمال دالاس، ما حال دون تمكّن المقاولين من صب الخرسانة اللازمة لمجمّع ضخم لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، وفقًا لأشخاص مطلعين على تفاصيل المشروع.
ونتيجة لذلك، تم تأجيل موعد اكتمال عنقود مراكز البيانات، الذي تبلغ قدرته الحاسوبية نحو 260 ميغاواط وتخطط كورويف لتأجيره لصالح شركة OpenAI، لعدة أشهر إضافية.
كما أشارت كشوفات رسمية إلى وجود تأخيرات أخرى ناجمة عن تعديلات في المخططات الهندسية لبعض مراكز البيانات التي يقوم شريك ببنائها لصالح كورويف في تكساس ومناطق أخرى.
وقد تفاقم هذا التباطؤ بفعل رسائل متضاربة صدرت عن الرئيس التنفيذي للشركة، مايكل إنتراتور، الأمر الذي أربك المستثمرين وساهم في تسريع وتيرة هبوط السهم، في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لتداولات قطاع الذكاء الاصطناعي.
مخاطر طفرة الذكاء الاصطناعي
يعتمد نموذج أعمال كورويف على الاقتراض عالي الفائدة لشراء آلاف من رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة من شركة Nvidia، ثم تركيبها داخل رفوف خوادم في مراكز بيانات مستأجرة من ملاك خارجيين، قبل تأجير القدرة الحاسوبية الناتجة لشركات تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي.
ومع تصاعد الإنفاق الرأسمالي على بنية الذكاء الاصطناعي التحتية، أصبحت كورويف، التي تمتلك أنفيديا نحو 7% من أسهمها، وتحظى بدعم صناديق تحوط كبرى مثل Magnetar Capital وCoatue Management، رمزا مزدوجا لوعد ومخاطر طفرة الذكاء الاصطناعي.
ويشير منتقدو الشركة إلى مستويات الدين المرتفعة التي تحملتها لتمويل توسّعها في مراكز البيانات، فيما يبدي آخرون قلقهم من اعتمادها على عدد محدود من العملاء الكبار، مثل OpenAI وMicrosoft وميتا لتوليد الجزء الأكبر من إيراداتها.
ورغم أن مبيعات كورويف تضاعفت أكثر من مرتين في أحدث ربع مالي لتصل إلى قرابة 1.4 مليار دولار، مقارنة بـ 583 مليون دولار قبل عام، فإن الشركة لا تزال غير رابحة، وسجلت خسارة بلغت 110 ملايين دولار في الربع الأخير.
في أوائل نوفمبر، وقبل أن تصبح تأخيرات الإنشاء موضوعًا متداولًا على نطاق واسع، قلّل إنتراتور من مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي خلال فعالية نظمتها صحيفة وول ستريت جورنال في شمال كاليفورنيا.
وقال حينها: "إذا كنت تبني شيئًا يسرّع الاقتصاد وله قيمة جوهرية للعالم، فإن العالم سيجد طرقًا لتمويل حجم هائل من الأعمال"، مضيفًا أن العدد الكبير من مشتري خدمات الحوسبة في مراكز البيانات أقنعه بعدم وجود فقاعة تتضخم في السوق.
في 10 نوفمبر، تحدث إنتراتور إلى المستثمرين خلال مكالمة إعلان النتائج الفصلية، وقدم رسائل مربكة ومتناقضة بشأن مشكلات الإنشاء.
وخلال المكالمة، حاول احتواء سيل من الأسئلة حول التأخيرات وتأثيرها، قائلاً: "كانت هناك مشكلة في مركز بيانات واحد يؤثر علينا، لكن لدينا 32 مركز بيانات في محفظتنا، وجميعها تتقدم بدرجة أو بأخرى".
وأضاف أن "هذا المركز الواحد سيلحق بالركب، ثم سنمضي قدمًا من هناك".
غير أن هذا التصريح كان غير دقيق، إذ سارع المدير المالي للشركة، نيتين أغراوال، إلى تصحيحه، موضحًا أن التأخيرات تتركز لدى مزود واحد لمراكز البيانات، وليس في مركز بيانات منفرد، ما يشير إلى نطاق أوسع للمشكلة.
هذه التصريحات أقلقت المستثمرين. وفي اليوم التالي، ظهر إنتراتور في مقابلة مع جيم كرامر على قناة CNBC، حيث كرر مجددًا رواية "مركز بيانات واحد" قبل أن يصحح نفسه بعد تنبيه من المذيع.
وكان سهم كورويف قد بلغ 105.61 دولارًا يوم إعلان النتائج، ثم هبط بنسبة 16.3% ليغلق عند 88.39 دولارًا، قبل أن يستمر التراجع حتى ديسمبر.
تعكس تقلبات كورويف إشكالية أوسع تطال قطاع الذكاء الاصطناعي بأكمله: لأن وتيرة النمو السريعة تثير تساؤلات جوهرية حول كيفية وتوقيت تحوّل الاستثمارات الرأسمالية الضخمة إلى أرباح مستدامة. كما تسلط الضوء على حدة السباق المحموم لبناء بنية حوسبية كافية لتلبية الطلب المتزايد.
وفي المقابل، يخوض منافسون كثر في صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي سباقًا لمزاحمة أنفيديا، مستندين إلى ما يصفونه بـ"طلب لا يشبع" على الرقائق ومراكز البيانات والطاقة.
في الوقت نفسه، تتصاعد المخاوف بشأن الجداول الزمنية الموعودة لتوسيع القدرات الحاسوبية في القطاع، إذ تهدد تأخيرات البناء واختناقات سلاسل الإمداد بتأجيل مئات المليارات من الدولارات من الإنفاق التي تم تسعيرها بالفعل في تقييمات الشركات.
وقد تراجعت أسهم مزود الحوسبة السحابية Oracle ومصمم الرقائق المخصصة Broadcom بنسب مزدوجة، بعد أن أعلنا في تقارير أرباح فصلية أن جزءًا من الإنفاق سيأتي لاحقًا عما كان المستثمرون يأملون.
وتبرز سوق التمويل كأحد أكبر مصادر القلق لشركات بنية الذكاء الاصطناعي التحتية مثل كورويف. ففي الأسبوع الماضي، وبعد أن أعلنت أوركل عن نفقات رأسمالية أعلى من المتوقع على الرقائق ومعدات الشبكات والبنية التحتية، شهد سوق السندات اضطرابًا حادًا، ما رفع تكلفة رأس المال على العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى. وارتفعت تكلفة التأمين ضد تعثر ديون كورويف إلى 7.9 نقاط مئوية.
وفي الأسبوع نفسه، قامت كورويف بتسعير إصدار سندات قابلة للتحويل بقيمة 2.25 مليار دولار، وهو نوع من التمويل يتميز بمعدل فائدة أقل من التمويل القائم على الأصول الذي تستخدمه الشركة عادةً، لكنه يحمل خطر تخفيف ملكية المساهمين عبر الضغط على سعر السهم.
هذا المحتوى مقدم من Blinx - بلينكس
