ملخص أعلنت إثيوبيا عن مشروع بناء محطة طاقة نووية ضخمة، ضمن مبادرات التنمية بقيمة 30 مليار دولار أميركي تخطط لها إثيوبيا منذ فترة طويلة. في المقابل يقول مراقبون إن مصر التي قد تكون ممتعضة مجدداً لا تملك مصادر تمويل كي تتحكم في المشروع النووي الإثيوبي كما حدث في ملف "سد النهضة".
مثَّل مشروع "سد النهضة" تحدياً لإثيوبيا في هدفه المعلن بإنتاج الطاقة الكهربائية. وخلال مسيرة امتدت لأكثر من 10 سنوات من المفاوضات مع دولتي المصب مصر والسودان، أعلنت أديس أبابا إنجاز المشروع على رغم عدم توصلها إلى اتفاق مع تلك الدولتين الجارتين اللتين رفضتا سياساتها المائية.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more فماذا يمثل مشروع الطاقة النووي الذي أعلنت إثيوبيا إطلاقه ضمن سلسلة طموحاتها المرتبطة بالطاقة؟ وهل يواجه المشروع النووي الإثيوبي بقايا خلافات مرتبطة بسد النهضة تضاف إلى البعد التنافسي الإقليمي؟ وماذا يمثل الواقع الإقليمي للطموح النووي الإثيوبي في ظل تبعاته وتحدياته؟
مفوض الطاقة النووية الإثيوبية ساندوكان ديبيبي صرح بأن قرار إثيوبيا بالسعي نحو التكنولوجيا النووية ينبع من إدراكها أهمية أمن الطاقة الوطني، والتحول الاقتصادي، والمرونة الوطنية طويلة الأمد.
جاء ذلك خلال لقاء رفيع المستوى لإطلاق برنامج الطاقة النووية الإثيوبي رسمياً، وتفعيل لجنة الطاقة النووية الإثيوبية. وضم الحدث الذي شهدته أديس أبابا في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية (إينا)، مسؤولين رفيعي المستوى، من بينهم وزير الخارجية جيديون تيموثيوس، ومفوض الطاقة النووية الإثيوبي ساندوكان ديبيبي، ونائب المدير العام ورئيس إدارة الطاقة النووية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ميخائيل شوداكوف، إلى جانب كبار المسؤولين الحكوميين والجهات المعنية.
ووفق الوكالة الإثيوبية وجهت أنظار الجميع إلى مشروع بناء محطة طاقة نووية ضخمة، يعد جزءاً من مبادرات التنمية الضخمة بقيمة 30 مليار دولار أميركي التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أخيراً.
ما بين سد النهضة والنووي وكانت إثيوبيا أعلنت عن برنامجها النووي خلال الأشهر الأخيرة من العام الحالي، ضمن سلسلة إجراءات منظمة، وأكد رئيس الوزراء آبي أحمد التزام بلاده بتطوير برنامج نووي آمن وشفاف ونموذجي للأغراض السلمية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتعهد آبي أحمد بموازنة ضخمة بقيمة 30 مليار دولار أعلن عنها أخيراً ضمن أهداف تعزيز أمن الطاقة في إثيوبيا ودعم التحول الصناعي.
وفي سبتمبر (أيلول) 2025 تم توقيع اتفاقية تعاون مع شركة "روساتوم" الروسية لبناء محطة للطاقة النووية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أقرت الحكومة إنشاء اللجنة الإثيوبية للطاقة النووية (ENPC) كهيئة مسؤولة عن قيادة وتنسيق البرنامج النووي السلمي في مجالات توليد الكهرباء والتنمية الصناعية والأمن الغذائي والبحث العلمي.
ويلاقي المشروع النووي الإثيوبي، واقعاً لا يزال يظهر في الخلاف في شأن مشروع سد النهضة الذي شيدته إثيوبيا على النيل الأزرق بهدف الحصول على الطاقة الكهرمائية، فيما لا تزال الخلافات تتفاعل مع دولتي المصب (مصر والسودان) في قضية "سد النهضة" المطالبتين باتفاق قانوني ملزم، وتعهد بعدم الإضرار بالحصص المائية التاريخية لكل منهما. ويأتي المشروع النووي الإثيوبي كمكمل للاستراتيجية الإثيوبية نحو أمن الطاقة.
وتهدف إثيوبيا في برنامجها النووي وفق إعلانها الرسمي استخداماً سلمياً للطاقة، ودعم التحول الاقتصادي في خطط التصنيع، وجذب الاستثمارات، وتوفير مهارات محلية عالية المستوى، إلى جانب استخدام التكنولوجيا النووية في الزراعة (ترقية المحاصيل) والرعاية الصحية والأمن الغذائي وإدارة المياه.
انتقاد مصر وكانت وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الجاري بياناً قالت فيه "إن رفض مصر للحوار ومواصلتها خطابها العدائي، يأتي بنية واضحة لتدبير التصعيد"، واصفة ذلك بـ"سلوك غير مسؤول ينبغي إدانته من قبل جميع الأطراف المعنية".
وأشارت الوزارة في بيانها "إلى أن رفض مصر للحوار والتفاوض أصبح الآن جلياً، على عكس ما كان عليه الحال في الماضي، عندما كانت تتظاهر بالتفاوض بينما كانت تعرقل التقدم والحلول بتعنتها وإصرارها على ادعاءاتها الاحتكارية". وأشارت "إلى أن التعايش مع تطور إثيوبيا والالتزام بالعمل بحسن نية نحو إطار تعاوني من أجل الرخاء والتنمية المشتركين سيكونان الخيار الأمثل بدل إطلاق المواقف والخطابات التي تشغل القاهرة". وأضافت الخارجية الإثيوبية أن "إثيوبيا لا تزال منفتحة على الحلول المربحة للجميع، القائمة على مبادئ العدالة والإنصاف، مع التمسك في حقها الراسخ في استخدام نهر أباي (النيل الأزرق) لتلبية حاجات الأجيال الحالية والمستقبلية".
وأتى البيان الإثيوبي في ظل توترات كانت موجودة وتزايدت بعد الافتتاح الرسمي لسد النهضة الكبير GERD)) في سبتمبر الماضي، لا سيما بعد إعلان مصر رفض الحوار، بعد اتهامها إثيوبيا بعدم الجدية، إلى جانب تمسك القاهرة بما تصفه بالحقوق التاريخية في مياه النيل غير القابلة للنقاش.
واتهمت إثيوبيا مصر بتصعيد خطابها في تلميحات وتهديدات المسؤولين المصريين، والسعي لممارسة ضغوط إقليمية ودولية ومحاولات لـ"عزل إثيوبيا" وإفشال مشروعها في "سد النهضة". وكان البيان الإثيوبي أوضح أيضاً أن "السلطات المصرية شنت حملة لزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وركزت بصورة خاصة على إثيوبيا، بهدف تكوين دول تابعة مطيعة وضعيفة ومجزأة تنفذ أوامر القاهرة".
مبررات الطاقة النووية وضمن إفاداته خلال حفل إطلاق البرنامج الإثيوبي للطاقة النووية، قال مفوض الطاقة النووية الإثيوبي ساندوكان ديبيبي "إن الاعتماد على الطاقة الكهرومائية يجعل البلاد عرضة لتقلبات المناخ، مما يفاقم العجز الحالي في إمدادات الطاقة، ويؤثر في كل من الصناعات والأسر".
وأشار إلى أن "الطلب على كهرباء مستدامة وعالية الجودة يتزايد بسرعة"، قائلاً إنه "لا يوجد مصدر واحد موجود في مزيج الطاقة الحالي لدينا قادر على تلبية هذا الحجم من الطلب، وأكد أن الحكومة الإثيوبية اتخذت قراراً استراتيجياً باعتماد الطاقة النووية حجر الزاوية في استراتيجيتها الوطنية طويلة الأجل للطاقة. وأكد قائلاً "نحن لا نضيف تقنية جديدة فحسب، بل نرسي أسس اقتصادنا المستقبلي". وأضاف، "تلتزم إثيوبيا التزاماً تاماً بالاستخدام السلمي الحصري للتكنولوجيا النووية، مدعومة بإنشاء لجنة الطاقة النووية الإثيوبية، التي تعمل في إطار قانوني واضح وهيكلية صنع قرار متينة". وزاد أن "رؤية إثيوبيا النووية تتجاوز مجرد توليد الكهرباء"، مشيراً إلى أنها "تشمل أيضاً التطبيق السلمي للعلوم النووية في الرعاية الصحية والزراعة والصناعة والبحوث لتحقيق فوائد ملموسة لجميع الإثيوبيين". وشدد على التزام إثيوبيا ببرنامج نووي آمن وقانوني يهدف إلى تزويد دولة حديثة وصناعية بالطاقة"، قائلاً "نحن مستعدون وملتزمون بتحقيق تطوير نووي سلمي يسهم في أمن طاقتنا ونمونا الاقتصادي".
التزام الوكالة التام وفي كلمة ألقاها خلال ندوة إلكترونية وفق وكالة الأنباء الإثيوبية (ENA)، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل ماريانو غروسي، "على أهمية إنشاء هيئة الطاقة النووية الإثيوبية لتطوير وتنظيم الطاقة النووية بما يتماشى مع معايير السلامة والأمن الدولية". وأشار إلى أن "الطاقة النووية تتمتع بإمكانات قوية كمصدر كهرباء موثوق وسريع ومنخفض الكربون، مما يسهم في تسريع التحول الاجتماعي والاقتصادي في إثيوبيا بصورة كبيرة". وأضاف أن "من شأن هذه المبادرة أيضاً تحفيز النمو الصناعي وتأمين فرص عمل عالية المهارة". وأكد غروسي "التزام الوكالة التام دعم إثيوبيا من خلال الخدمات الاستشارية وخدمات بناء القدرات في كل مرحلة من مراحل برنامجها لتطوير القدرات النووية"، لافتاً إلى أن "الوكالة تعمل حالياً مع إثيوبيا في إطار برنامجها للتعاون التقني لتعزيز الموارد البشرية والقدرات المؤسسية والاستعداد لمراحل تطوير البنية التحتية المستقبلية".
ضمن برامج ويقول الباحث في مجال الشؤون الأفريقية عبدالصمد حسن إن "مشروع الطاقة النووية يأتي ضمن مجموعة من البرامج التنموية الكبيرة والمشاريع التي تخطط لها إثيوبيا منذ فترة طويلة وتنتظر الوقت المناسب لتشييدها وتنفيذها، وهو يمثل الاستجابة إلى الطموح الإثيوبي في تحقيق تنمية مستدامة متكاملة في كافة المجالات". وأضاف أن "أحد أبرز مجالات استخدام المشروع النووي هو الطاقة. وطبعاً هنا نتحدث عن الطاقة النووية للأغراض السلمية، أي توليد الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية، مما يحقق رغبة إثيوبيا في تنويع مصادر الطاقة، سواء عبر الطاقة الكهربائية أو الغاز أو الطاقة الحرارية التي تستخرج من باطن الأرض، أو عبر الرياح، أو الطاقة الشمسية في الإطار نفسه وغيرها من مصادر الطاقة المتنوعة".
ويشير حسن إلى أن "إثيوبيا تملك كثيراً من هذه المصادر ولديها الإمكانات الحقيقية للاستفادة منها. وهي تريد أن تكون مصدراً مهماً للطاقة بصفة عامة في القرن الأفريقي والشرق الأفريقي بخاصة ولكل أفريقيا". وتابع الباحث الأفريقي أن "التقنية النووية كذلك لها عديد من الاستخدامات، ومنها في المجال الطبي حيث تتسم بكفاءة عالية جداً وتستخدم في الزراعة، وجميع الأغراض السلمية والتعليمية. ومن ثم فإن المجال النووي يختصر كل هذا التنوع من الفوائد الذي تحتاج إليه إثيوبيا، فبالتالي امتلاك التقنية النووية نفسها، واستخدامها وتوظيفها في كافة هذه المجالات هو هدف من الأهداف الحيوية التي تسعى إليها أديس أبابا... وتمتلك إثيوبيا اليورانيوم، بالتالي لا تحتاج كي تستورده، وهو يمثل أيضاً استجابة لتحقيق الهدف النووي".
ويوضح عبدالصمد حسن أنه "في ما يتعلق بالتساؤل حول مواجهة المشروع النووي الإثيوبي بقايا خلافات مرتبطة بسد النهضة، والبعد التنافسي الإقليمي، أنا لا أعتقد ذلك... لا توجد علاقة ما بين سد النهضة وتأثيراته لكي يكون عقبة تجاه المشروع النووي الإثيوبي، وبالذات هنا نتحدث عن مصر، فبالتالي أعتقد أن مصر لا تملك التقنية النووية كي تحرم منها إثيوبيا وتضطر إلى أن تستورد حاجاتها - وليست عندها أيضاً مصادر التمويل كي تتحكم فيها كما حدث في بناء سد النهضة، حينما أثرت في مشروعه بإعاقتها التمويل أعتقد أنه في حال الطاقة النووية أو المشروع النووي الإثيوبي لن تستطيع مصر أن تؤثر في إثيوبيا".
لتحذو حذوها من جهته يقول الباحث الإثيوبي في شؤون القرن الأفريقي عبدالرحمن أحمد، "طبعاً مشروع سد النهضة اكتمل كمشروع قومي ووطني أطلقته الحكومة الثالثة عام 2011، وهو مشروع تنموي بعيد من التسييس وبعيد من كونه.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

