البيت السني عند مفترق الطرق.. فشل اجتماع المجلس السياسي الوطني يفضح صراع القرار ويؤجل حسم رئاسة البرلمان

بغداد / عراق اوبزيرفر

لم يكن فشل اجتماع المجلس السياسي الوطني في التوصل إلى مرشح موحد لرئاسة مجلس النواب حدثاً عابراً في سياق الاستحقاقات الدستورية، بل جاء كاشفاً عن أزمة مركبة تعيشها القوى السنية في العراق، أزمة تتجاوز الأسماء المطروحة لتلامس عمق التمثيل السياسي وآليات صناعة القرار داخل هذا البيت الذي ما زال يبحث عن صيغة جامعة بعد الانتخابات الأخيرة.

ويرى المحلل السياسي عادل العماش في حديث لـ عراق اوبزيرفر ، أن هذا الإخفاق يعكس خللاً بنيوياً في المشهد السني، مؤكداً أن المشكلة الأساسية لا تتعلق بالأشخاص بقدر ما ترتبط بغياب مشروع سياسي موحد قادر على تحويل منصب رئاسة البرلمان من غنيمة حزبية أو شخصية إلى موقع سيادي يتطلب رؤية وطنية وقدرة عالية على التفاوض مع بقية القوى السياسية.

ووفقاً للعماش، فإن هذا التباين في الرؤى جعل أي اسم يُطرح على طاولة النقاش عرضة للاعتراض من طرف أو أكثر، ما أفقد الاجتماعات قدرتها على إنتاج قرار حاسم.

ويشير إلى أن الصراع الحقيقي يدور خلف الكواليس حول من يمتلك القرار السني، وليس فقط من يجلس على كرسي رئاسة البرلمان. فبعض القوى تنظر إلى ترشيح شخصية بعينها بوصفه تكريساً لزعامة سياسية طويلة الأمد على حساب بقية الأطراف، الأمر الذي يدفعها إلى استخدام التعطيل كأداة سياسية لمنع فرض أمر واقع، حتى لو جاء ذلك على حساب وحدة الموقف السني ومكانته داخل المعادلة الوطنية.

ولا يمكن، بحسب العماش، عزل هذا المشهد عن تأثير العامل الخارجي والتحالفات العابرة للمكونات، إذ باتت مواقف بعض القوى السنية مرتبطة بمدى قبول أو دعم شركاء سياسيين من خارج البيت السني لمرشح رئاسة البرلمان. هذا التشابك أفقد الاجتماعات استقلالية قرارها، وحوّل النقاش من حوار داخلي يبحث عن توافق، إلى حالة انتظار لإشارات ومواقف من أطراف أخرى، ما عمّق حالة الإرباك السياسي.

إلى جانب ذلك، تلعب أزمة الثقة الداخلية دوراً محورياً في تعطيل الحسم، حيث ما تزال الذاكرة السياسية مثقلة بتجارب سابقة شعر فيها بعض الأطراف أن الاتفاقات التي أُبرمت لم تُحترم لاحقاً، أو جرى الالتفاف عليها بعد الوصول إلى المناصب. هذه التجارب، كما يوضح العماش، دفعت القوى المختلفة إلى التريث والمماطلة، خوفاً من تكرار سيناريوهات الإقصاء أو تهميش الشركاء بعد إنجاز الاستحقاق.

وفي خضم هذا الانسداد، دعا المجلس السياسي الوطني، امس الأحد، رئيس الجمهورية إلى الإسراع في تحديد موعد انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه.

وذكر المجلس في بيان له أنه عقد اجتماعاً مساء اليوم في مقر رئيس تحالف العزم، مثنى السامرائي، في بغداد، بحضور قادة الأحزاب والتحالفات المشكلة له، حيث بارك المجتمعون مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات البرلمانية.

وأشار البيان إلى أن المجلس أشاد بالجهود التي بذلتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والهيئة التمييزية القضائية في إنجاز العملية الانتخابية للدورة النيابية السادسة، كما ناقش المجتمعون الاستحقاقات الدستورية المقبلة ورؤية المجلس بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وبرنامجها، إضافة إلى التحديات التي ستواجه المرحلة المقبلة.

وأكد المجلس، بحسب البيان، أهمية التواصل مع الشركاء السياسيين للإسراع في تشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشارع العراقي، مع ضرورة تحديد أولويات واضحة يتضمنها البرنامج الحكومي المنتظر. كما دعا رئيس الجمهورية إلى تحديد موعد الجلسة الأولى لمجلس النواب قبل الخامس والعشرين من كانون الأول الحالي، استناداً إلى أحكام المادة 54 من الدستور.

ويخلص مراقبون إلى أن فشل اجتماع المجلس السياسي الوطني يحمل رسالة سياسية واضحة مفادها أن البيت السني ما زال في مرحلة إعادة تشكل، وأن أي محاولة لفرض مرشح لرئاسة البرلمان دون بناء توافق حقيقي وشامل قد تقود إلى مزيد من الانقسام، وربما إلى إضعاف الدور السني داخل المنظومة السياسية العراقية في مرحلة دقيقة لا تحتمل المزيد من التأجيل أو الصراعات الداخلية.


هذا المحتوى مقدم من عراق أوبزيرڤر

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من عراق أوبزيرڤر

منذ ساعتين
منذ 33 دقيقة
منذ 4 ساعات
منذ 18 دقيقة
منذ 15 دقيقة
منذ 4 ساعات
كوردستان 24 منذ 7 ساعات
قناة السومرية منذ 6 ساعات
قناة السومرية منذ 18 ساعة
عراق 24 منذ ساعة
عراق 24 منذ 17 ساعة
قناة السومرية منذ 5 ساعات
قناة الرابعة منذ 8 ساعات
قناة اي نيوز الفضائية منذ 7 ساعات