تقترب الاقتصادات الأوروبية الكبرى من إنهاء عام مضطرب بزخم ضعيف، وفق بيانات صدرت الثلاثاء، أظهرت محدودية مؤشرات التعافي، رغم تمكن المنطقة من امتصاص آثار الرسوم والضغوط التجارية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وصمد اقتصاد منطقة اليورو، التي يضم 20 دولة، بشكل أفضل من المتوقع، مستوعباً جزءاً من الصدمة الناجمة عن تراجع الصادرات تحت وطأة الرسوم الأميركية المتزايدة، ما عزز الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي قد أنهى دورة خفض أسعار الفائدة.
لكن هذا الصمود لا يعني بالضرورة صحة اقتصادية قوية، إذ لا يزال النمو بالكاد يتجاوز 1%، في وقت تواصل فيه الأسر توخي الحذر في الإنفاق، بينما تكبح مستويات الدين الحكومي المرتفعة القدرة على زيادة الإنفاق العام.
تباطؤ التضخم يدعم توقعات تثبيت الفائدة في منطقة «اليورو»
مؤشرات مديري المشتريات
انعكس هذا المشهد المختلط في أحدث بيانات مؤشرات مديري المشتريات، التي أظهرت تباطؤ نمو نشاط الأعمال بأكثر من المتوقع في نهاية العام، مع تعمق انكماش القطاع الصناعي، ولا سيما في ألمانيا، في حين تباطأ نمو قطاع الخدمات.
وتراجع المؤشر المركب لمؤشرات مديري المشتريات في منطقة اليورو، الصادر عن «إتش سي أو بي» والمُعد من قبل «إس آند بي غلوبال»، إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر عند 51.9 نقطة في ديسمبر، دون التوقعات، إذ طغى التراجع الحاد في الصناعة الألمانية على التحسن المسجل في فرنسا.
وقال بيرت كولين، كبير الاقتصاديين لدى «آي إن جي»، إن «هذه القراءة لا تزال، في المجمل، متوافقة مع نمو معقول للناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو خلال الربع الرابع من 2025».
وفي سياق يضفي بعض التوازن على الصورة، أظهر مسح «زي إي دبليو» الصادر أيضاً الثلاثاء أن معنويات المستثمرين في ألمانيا تحسنت بأكثر من المتوقع هذا الشهر، في حين تراجع فائض التجارة في منطقة اليورو بشكل طفيف فقط في أكتوبر، ليبقى عند مستوى مرتفع نسبياً.
أما في بريطانيا، خارج الاتحاد الأوروبي، فقد أفادت الشركات بعودة قدر من الزخم، جزئياً مع انحسار حالة عدم اليقين بشأن الخطط المالية للحكومة، التي تتضمن زيادات ضريبية بنحو 26 مليار جنيه إسترليني.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يمنع هذا التحسن بنك إنجلترا من خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إضافية يوم الخميس، خاصة بعد أن أظهرت بيانات منفصلة تباطؤ سوق العمل.
المفوضية الأوروبية تتوقع نمو منطقة اليورو بأسرع من المتوقع في 2025
المركزي الأوروبي أنهى خفض الفائدة
في المقابل، تبدو مهمة البنك المركزي الأوروبي أوضح، لا سيما مع صدور مؤشرات أخرى رسمت صورة أكثر إيجابية نسبياً. فقد جاء النمو الاقتصادي في الربع الماضي أفضل من المتوقع، ولا يزال سوق العمل متماسكاً، كما أن البيانات الفعلية للإنتاج الصناعي كانت أقوى مما تعكسه الاستطلاعات، ما يشير إلى هامش صعود محدود للنمو.
وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن الزخم الاقتصادي يفوق التوقعات، مرجحة أن تشهد التقديرات الجديدة التي ستصدر الخميس مراجعة بالرفع.
كما تراجعت تكاليف الطاقة بشكل حاد، ما حسّن شروط التبادل التجاري للمنطقة، ودعم النمو الاقتصادي الكلي، ووفّر بعض الارتياح للقطاع الصناعي الذي يعتمد بكثافة على واردات الطاقة.
وقد كان تدفق الأخبار الإيجابية كافياً لدفع المستثمرين إلى استبعاد أي خفض إضافي للفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي في 2026، مع ترجيح أن تكون الخطوة التالية، وإن كانت بعيدة، رفع أسعار الفائدة.
وساهمت أيضاً الزيادات المتوقعة في الإنفاق الحكومي الألماني في دعم هذه النظرة، إذ يتوقع اقتصاديون أن يبدأ الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية بالظهور قريباً في البيانات الفعلية.
وقال فيليكس هوفنر، الاقتصادي لدى «يو بي إس إنفستمنت بنك»، إن «الأدلة لا تزال تشير إلى تأثير ملموس على النمو حتى في ظل افتراضات متحفظة»، مضيفاً: «نتوقع أن تسهم هذه الحزمة في رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 60 نقطة أساس في كل من عامي 2026 و2027، وقد بدأت بالفعل تظهر مؤشرات أولية على زيادة الإنفاق».
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس
