«التمويل الإسلامي» ملاذ استراتيجي لسد فجوة تمويل القطاع الصحي

تواجه النُّظُم الصحية في مختلف أنحاء العالم ضغوطاً متزايدة، في ظل تقشّف متنامٍ في الميزانيات الدولية، وتضاعف الاحتياجات الصحية، وتجزؤ الخدمات، إلى جانب تراجع المعونات الخارجية بنسبة 40%. وفي هذا السياق، تسعى منظمة الصحة العالمية إلى توسيع نطاق الحيّز المالي للاستثمار في القطاع الصحي، بحثاً عن أدوات تمويل بديلة وأكثر استدامة.

وفي بيان صادر عنها، قبيل اجتماع المائدة المستديرة رفيع المستوى الذي تستضيفه الرياض، بمشاركة وزراء مالية وصحة، ومؤسسات إنمائية، ومستثمرين من القطاعين العام والخاص، أكدت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن الحل يكمن في «التمويل الإسلامي»، الذي يمثّل فرصة استراتيجية واعدة لسد فجوات التمويل المتزايدة في قطاع الصحة العالمية.

ومن المقرر أن تعقد اليوم مائدة مستديرة تضم وزراء المالية والصحة، وقادة من البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى جانب مؤسسات خيرية ومستثمرين من القطاع الخاص، وخبراء من مختلف أنحاء إقليم شرق المتوسط وأفريقيا. ومن المنتظر أن تطرح المائدة رؤية جديدة لتأسيس «تحالف التمويل الإسلامي من أجل الصحة العالمية»، الذي تشارك في قيادته منظمة الصحة العالمية والمركز الإسلامي لتنمية التجارة، بهدف تحويل التمويل الإسلامي إلى آلية عملية يمكن للبلدان استخدامها بسهولة لسد ثغرات التمويل الصحي.

وبحسب البيان، تعترف المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف بالتمويل الإسلامي بوصفه أداة فاعلة لسد الفجوات التمويلية في قطاع الصحة. ويُعد «صندوق الحياة والمعيشة»، الذي يبلغ حجمه 2.5 مليار دولار، نموذجاً على ذلك، إذ يمزج بين المنح والتمويل الإسلامي الميسّر لتوسيع نطاق الرعاية الصحية الأولية ومكافحة الأمراض المعدية في الدول الأعضاء ذات الدخل المنخفض.

وأشار البيان إلى وجود نماذج قائمة للتمويل الاجتماعي الإسلامي تسهم فعلياً في تقديم الخدمات الصحية، ودعم العلاج، وتعزيز صحة المجتمعات. ففي السودان، تدعم أموال الزكاة نظام التأمين الصحي الوطني للأسر ذات الدخل المنخفض، بينما يموّل بيت الزكاة في الكويت مشاريع صحية في اليمن ولبنان، في حين وصلت برامج منظمة «قطر الخيرية» إلى أكثر من 32 دولة.

وفي المملكة العربية السعودية، أظهرت دراسة حديثة وجود 4381 وقفاً تدعم الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالصحة، وهو ما يمثل 12% من إجمالي إنفاق الأوقاف المخصص لأهداف التنمية المستدامة. ومن بين هذه الأوقاف، يُوجَّه 44% للرعاية المتخصصة، و31% للرعاية الأولية، و26% للوقاية والصحة العامة.

كما لفت البيان إلى دور التقنيات الحديثة، مثل المدفوعات الرقمية، وأنظمة التكنولوجيا المالية، ومنصات الشفافية القائمة على تقنية سلسلة الكتل (البلوكتشين)، والتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، في ضمان تتبّع كل ريال أو دولار، والتحقق من توافقه مع أهدافه، وربطه بنتائج صحية قابلة للقياس.

وأكدت الدكتورة حنان بلخي أن التمويل الإسلامي لم يعد خياراً تكميلياً، بل بات مساراً استراتيجياً واعداً لدعم التغطية الصحية الشاملة، والنهوض بالصحة العالمية في مرحلة تتطلب حلولاً غير تقليدية وشراكات عابرة للقطاعات.

ويتيح التمويل الإسلامي، واحدة من أكثر الفرص الواعدة لسد فجوة التمويل الصحي، مستنداً إلى أدوات متنوعة مثل الزكاة، والأوقاف، والصدقات، والخُمس، والصكوك، والتكافل، والتي تقوم جميعها على قيم التضامن والعدالة والمسؤولية المشتركة.

وناقشت «جلسة الإحاطة» التي عُقدت أمس الحالة الراهنة للتمويل العام، والتحديات التي تواجه المنظمة، وأسباب تنامي الاهتمام بالتمويل الإسلامي باعتباره حلاً استراتيجياً لدعم الصحة العالمية. كما طُرحت عدة أفكار، من بينها إعداد مشاريع صحية جاذبة للاستثمار، وحشد رأس المال المتوافق مع المعايير الشرعية للاستثمار في الرعاية الصحية الأولية والتغطية الصحية الشاملة واستئصال الأمراض، إلى جانب تعزيز تبادل المعارف والخبرات بين الأقاليم.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت في وقت سابق أنها تحتاج إلى مليار دولار لتغطية موازنتها للعامين 2026 2027، في ظل سعيها لتعويض انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة بقرار من الرئيس دونالد ترامب في يناير الماضي، ما اضطرها إلى خفض موازنتها من 5.3 مليار دولار إلى 4.2 مليار دولار.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 7 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 7 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 22 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 23 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 15 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 5 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 8 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 10 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 18 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 7 ساعات