في كل موسم شتاء، ومع انخفاض درجات الحرارة والتساقطات الثلجية الكثيفة التي تعرفها الأقاليم الجبلية والنائية في المغرب، تتجدد التحديات المتعلقة بفك العزلة وتوفير الدعم للساكنة المتضررة. وفي هذا الإطار، تستنفر السلطات العمومية، بتنسيق مع مختلف القطاعات والمؤسسات، جهودها في إطار خطط استباقية وعمليات تدخل عاجلة، تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية، لضمان سلامة المواطنين واستمرارية الخدمات الأساسية.
التعبئة الشاملة والتدابير الاستباقية
تعتمد السلطات المغربية مقاربة شمولية لمواجهة آثار موجة البرد، تبدأ بالتدابير الاستباقية قبل حلول الفصل البارد.
يتمثل ذلك في تأسيس وتفعيل مراكز القيادة ولجان اليقظة الإقليمية والمحلية التي تعقد اجتماعات منتظمة لتشخيص الإكراهات وتحديد الدواوير الأكثر عرضة للعزلة والهشاشة، كما هو الحال في أقاليم بني ملال وورزازات.
ويشمل التخطيط أيضاً التموضع الاستباقي لآليات إزاحة الثلوج في النقاط الاستراتيجية القريبة من المسالك المهددة بالانقطاع، وذلك لتقليص مدة التدخل وضمان سرعة فتح الطرق.
علاوة على ذلك، يتم تفعيل نظام الإنذار المبكر وإصدار النشرات الإنذارية من طرف المديرية العامة للأرصاد الجوية، وتعميمها على السلطات المحلية والساكنة لاتخاذ الاحتياطات اللازمة.
عمليات فك العزلة الميدانية
الجهد الأبرز للسلطات يتمحور حول التدخل الميداني لفك العزلة عن الدواوير التي تحاصرها الثلوج. تتجسد هذه المجهودات في تعبئة مكثفة لمصالح وزارة التجهيز والماء والمديريات الإقليمية، التي تستنفر جميع إمكانياتها لإزاحة الثلوج وفتح الطرق الوطنية والجهوية والمسالك القروية، كما حدث على مستوى ممر تيشكا الذي يربط مراكش وورزازات، وفي إقليم أزيلال.
وفي الحالات الحرجة والمناطق الأكثر صعوبة في الولوج، تتدخل القوات المسلحة الملكية بتقديم الدعم اللوجستي عبر المعدات الجوية لتسريع عمليات الإمداد بالمساعدات ونقل العناصر البشرية وفرق الإنقاذ.
كما تقوم فرق الإنقاذ التابعة للدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية بعمليات إنقاذ فورية، بما في ذلك إغاثة الرعاة الرحل والمواطنين الذين حاصرتهم الثلوج، كما سُجل في إقليم ورزازات.
المساعدات الإنسانية والمواكبة الاجتماعية
لا يقتصر التدخل على فتح الطرق، بل يتعداه إلى توفير الدعم الإنساني والمواكبة الاجتماعية الضرورية.
بتوجيهات ملكية، تقوم مؤسسة محمد الخامس للتضامن بإطلاق عمليات مساعدة عاجلة، تستهدف الساكنة في الدواوير الجبلية والنائية.
يتم توزيع مساعدات إنسانية عاجلة تشمل منتجات غذائية وأغطية ووسائل تدفئة (كالحطب والفحم) على الأسر المستهدفة، مع إيلاء اهتمام خاص بالمناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية الأخرى كالزلازل.
ويتم تأمين استمرارية الخدمات الصحية عبر وحدات طبية متنقلة ومستوصفات القرب، وتقديم الرعاية الطبية اللازمة للسكان في المناطق المعزولة.
كما يتم ضمان تزويد المناطق المعنية بالمواد الأساسية، بما في ذلك الأعلاف للمواشي في المناطق المتضررة.
نظرة مستقبلية
تؤكد هذه الجهود على التعبئة الشاملة والتنسيق المحكم بين جميع المتدخلين لتقليص الآثار السلبية لموجة البرد على الساكنة.
ورغم النجاحات المسجلة في كل موسم، يظل التحدي قائماً بضرورة الاستثمار المستمر في البنية التحتية الطرقية للمناطق الجبلية لتقليل قابليتها للعزلة، واعتماد حلول دائمة لتدفئة وتأمين ساكنة هذه المناطق، بما يضمن صمودها وكرامتها في مواجهة قساوة الطبيعة.
هذا المحتوى مقدم من Le12.ma





