توتر خفي وخطوط حمراء.. ما سبب غضب ترامب من نتانياهو؟

زيارة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي توم براك إلى إسرائيل ولقاء رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الاثنين، كشفت عن توترات مع واشنطن بخصوص ملفات إقليمية عدة، منها سوريا وغزة ولبنان. وبرزت التبايانات في الرؤى والمقاربات بين الطرفين مع اغتيال القيادي بـ"حماس" رائد سعد، مؤخرًا، الأمر الذي اعتبرته واشنطن "خرقًا" لوقف إطلاق النار، بحسب تقارير عبرية نقلًا عن مسؤولين أميركيين.

"الخطوط الحمراء"

وبحسب مراقبين تحدثوا لمنصة "المشهد"، فزيارة براك كانت ذات طابع "دبلوماسي إستراتيجي"، بينما تركزت على ملفات شائكة، بهدف تحديد "الخطوط الحمراء" للنشاط العسكري الإسرائيلي في الإقليم، وكذلك تقييم استعداد تل أبيب للمرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار بغزة، ثم تقليل التصعيد في لبنان، تمهيدًا لقمة مرتقبة بين ترامب ونتانياهو.

وكانت مصادر مقربة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد صرحت لموقع "واللا" الإسرائيلي، بأن العملية التي أدت إلى اغتيال القيادي في حركة "حماس" رائد سعد، لم تلقَ قبولًا لدى واشنطن، كما لم يبلغ الجانب الإسرائيلي الإدارة الأميركية بها إلا بعد وقوعها.

وقبل أيام، دوّن الرئيس ترامب في منشور على منصة " تروث سوشيال": "من المهم جدًا أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا، وألا يحدث أي شيء قد يعيق تطور سوريا إلى دولة مزدهرة. رئيس سوريا الجديد، أحمد الشرع، يعمل بجد للتأكد من حدوث أمور جيدة، وأن تدير سوريا وإسرائيل علاقة طويلة الأمد ومزدهرة معًا".

تحذيرات ترامب

إذًا، تتصاعد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل على خلفية انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب الباحث الأميركي في مركز لندن للبحوث السياسية والإستراتيجية، مايكل مورغان، ويقول لـ"المشهد" إنه قد بات واضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تجاوز حدود الاتفاقية الموقعة في 13 أكتوبر الماضي، على الرغم من تحذيرات الرئيس ترامب المتكررة على أن الحرب قد توقفت.

فيما تشير مصادر مطلعة إلى أن تحركات نتانياهو تهدف إلى تفادي الملاحقة القضائية المتعلقة بتهم الفساد، بالإضافة إلى التعامل مع تداعيات حرب 7 أكتوبر، وهو ما أثار امتعاض وتململ الإدارة الأميركية التي لم تتردد في الإعلان عن فتح تحقيق رسمي لمراجعة الانتهاكات الإسرائيلية، وفق مورغان.

كما أنه على المستوى الدبلوماسي، بحسب باحث الأميركي في مركز لندن للبحوث السياسية والإستراتيجية، فإن عزلة إسرائيل "واضحة على الساحة العالمية، حيث لم تحصل على أي دعم خارج الولايات المتحدة، وتجلّى ذلك خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين ألقى نتانياهو كلمته في قاعة شبه فارغة بعد انسحاب معظم المندوبين".

ويردف: "يتكرّر المشهد ذاته في الساحة السورية، حيث تتجه إدارة ترامب إلى تقييد هامش المناورة الإسرائيلية، في مؤشر على تبدّل المقاربة الأميركية تجاه سياسات نتانياهو. ويبدو أن ترامب بات مقتنعاً بأن الأخير استغل التفاهمات السابقة لصالح أجندته الخاصة، وهو ما يدفع واشنطن إلى التشدد وعدم السماح بتجاوزات جديدة في المرحلة المقبلة".

أهداف توسعية

يتفق مع الرأي ذاته الأكاديمي الأميركي المختّص في العلاقات الدولية بجامعة فلوريدا إرك لوب، والذي يرى أنه على الصعيد الداخلي، لا يمتلك نتانياهو وحكومته أي حافز لإنهاء الحرب، موضحا لـ"المشهد" أن "تحالفه اليميني يسعى إلى تحقيق أهداف توسعية قصوى، بينما يواجه نتانياهو نفسه سلسلة تهم بالفساد، بما يدفعهم إلى عرقلة خطة ترامب للهدنة المكونة من 20 نقطة عند كل فرصة".

وعلى الرغم من بنود الخطة، تواصل إسرائيل السيطرة على أكثر من 50% من قطاع غزة، وفق لوب، بينما تمنع وصول المساعدات الإنسانية الكافية، وتعلن عن مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى تنفيذ اغتيال القيادي بـ"حماس"، مؤخرًا، وكل ذلك أثار إحباط إدارة ترامب تجاه سياسات إسرائيل.

ويمتد هذا الإحباط أيضًا إلى سوريا، حيث تواصل إسرائيل فرض هيمنتها الأمنية والعسكرية على الجنوب، وفق الأكاديمي الأميركي المختّص في العلاقات الدولية بجامعة فلوريدا، ويتابع: "تُصرّ الحكومة الإسرائيلية على إقامة أو بالأحرى الحفاظ على مناطق معزولة وتطويقها الأمني والعسكري، في حين تأتي هذه التحركات في وقت تسعى فيه إدارة ترامب إلى تقديم تخفيف جزئي للعقوبات على دمشق ومساعدتها في مرحلة انتقالية تبدو هشّة، بعد نحو 50 عاماً من حكم دكتاتوري قمعي و15 عاماً من الحرب التي خاضها نظام بشار الأسد ضد المحتجين".

إلى ذلك، يرى المراقب الدولي العسكري السابق لدى الأمم المتحدة، كمال الزغول، أن زيارة براك لإسرائيل يمكن فهمها في إطار جملة أسباب دبلوماسية وإستراتيجية مهمة مرتبطة بالأوضاع في المنطقة، وأهمها:

أولًا: تحديد الخطوط الحمراء بشأن سوريا

إذ إن أحد ملفات الاجتماع كان وضع "خطوط حمراء" أميركية بخصوص النشاط العسكري الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، في ظل خلافات حول الغارات الإسرائيلية هناك وتصاعد التوتر، وهو ما أثار قلق الإدارة بواشنطن من تأثيرها على الاستقرار الإقليمي خصوصا بعد الهجوم الأخير على القوات الأمريكية في تدمر والذي تزامن مع تدخلات وتوغلات لاليات عسكرية في الجنوب السوري.

ثانيًا: تطبيق المرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار في غزة وبالتالي تقييم مدى استعداد إسرائيل للانتقال إلى هذه المرحلة من خطة ترامب للسلام في غزة، والتحقق كذلك من مدى التزامات تل أبيب وشروطها قبل المضي قدماً، وتقليص حجم الخلافات حول بعض النقاط.

ثالثًا: منع وتقليل التصعيد في لبنان، لتجنب انفجار النزاعات في الجنوب.

رابعًا: تمهيد الطريق لقمة مستقبلية بين ترامب ونتانياهو.وبحسب المراقب الدولي العسكري السابق لدى الأمم المتحدة في حديثه لـ"المشهد"، فإن أبرز ما في اللقاء بين براك ونتانياهو هو "الخطوط الحمراء" في ما يخص الشرق الأوسط؛ لأن القمة ستوضح بشكل كامل ماذا تريد واشنطن من نتانياهو ومن دون مراوغة هذه المرة موضحاً أن "المسألة أصبحت مرتبطة بالوثيقة الإستراتيجية لترامب ومحاور اهتمامه".

بالتالي، كانت زيارة براك "دبلوماسية وإستراتيجية في الآن ذاته، ولا تتعلق بزيارة عادية، بل بملفات شائكة في السياسة الإقليمية تشمل سوريا، غزة، لبنان، والتنسيق الأميركي الإسرائيلي بشأن الخطة الأميركية للسلام والتهدئة في المنطقة وارتباطاتها بنوايا ترامب العالمية"، بحسب الزغول.

هذه الزيارة ترسم "الحدود الواقعية" لسياسة ترامب في الشرق الأوسط، ولن تسمح لأي طرف بتغيير ما ينوي الرئيس الأميركي عمله وتنفيذه على المستوى الدولي والإقليمي، وهذا ما يكشف كواليس الخلاف بين الطرفين، وفق الزغول، مؤكدًا: "لن يقبل ترامب بتدمير خطته للسلام حول غزة في ظل اقتراب من محادثات جدية حول أوكرانيا، حيث يسعى ترامب إلى تسويق مقاربة شاملة تقوم على حزمة سلام دولية متكاملة، بما يخدم مصالحه السياسية والإستراتيجية".

ويختّتم الزغول حديثه قائلاً إن أي لقاء يجمع ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي يعني عملياً "ترجيح كفة خطة ترامب، مقابل مقايضات محددة تتعلق بتوفير غطاء سياسي ودبلوماسي لنتانياهو على المستويين الدولي والداخلي".وقد بات المسار الأميركي واضحاً في اتجاهه العام، وهو العمل على "منع اندلاع أي حرب جديدة في الشرق الأوسط وإبقاء المنطقة ضمن معادلة التهدئة وضبط النزاعات".(المشهد)۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 12 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 12 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 20 ساعة
قناة العربية منذ 15 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 20 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 19 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 15 ساعة
سكاي نيوز عربية منذ ساعتين