فيضانات آسفي: حين تختبر الكوارث الطبيعية نجاعة الحكامة الترابية

لم تكن الفيضانات التي شهدها إقليم آسفي، مساء الأحد 14 دجنبر 2025، مجرد ظاهرة مناخية عابرة، بل تحولت في ظرف وجيز إلى مأساة إنسانية أعادت إلى الواجهة سؤالاجوهرياحول مدى قدرة المنظومة الترابية على الاستباق والنجاعة في مواجهة المخاطر الطبيعية المتزايدة.

الحكامة الترابية: منطق الوقاية مقابل هشاشة البنية التحتية

من منظور الحكامة الترابية، لا يقاس نجاح التدبير العمومي بمدى سرعة التدخل بعد وقوع الكارثة فحسب، بل بقدرة المؤسسات الترابية على الاستباق والوقاية والاستشراف، وتقليص المخاطر قبل وقوعها.

غير أن الفيضانات كشفت عن اختلالات بنيوية، أبرزها هشاشة البنية التحتية لتصريف مياه الأمطار، خصوصا في الأحياء العتيقة، ومحدودية أنظمة الإنذار المبكر، إضافة إلى ضعف التواصل الاستباقي مع الساكنة.

الإطار القانوني لتدبير الكوارث

يندرج تدبير الفيضانات ضمن مقتضيات القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، الذي يهدف إلى تعويض جميع الأشخاص الموجودين على التراب الوطني عن الخسائر الناتجة عن هذه الوقائع، سواء كانت طبيعية مثل الزلازل، الفيضانات، ارتفاع منسوب المياه أو المد البحري، أو ناجمة عن فعل الإنسان مثل الأعمال الإرهابية أو الاضطرابات الشعبية.

ويتم الإعلان عن حدوث الواقعة الكارثية بموجب قرار إداري يتخذ بعد استطلاع رأي لجنة تتبع الوقائع الكارثية، وينشر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ وقوع الكارثة، مع إمكانية تقليص هذا الأجل بنص تنظيمي.

الاستباقية في رؤية جلالة الملك

في أعقاب زلزال الحسيمة سنة 2004، أكد جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه السامي بقوله: يجب أن نصارح أنفسنا بأننا لسنا مؤهلين على الوجه الأكمل لمواجهة الطوارئ ، مشددا على أن مواجهة الكوارث لا يجب أن تظل رهينة التدخل بعد وقوعها، بل يجب أن تقوم على منطق استباقي واضح.ودعا جلالته إلى إجراء دراسات ميدانية شاملة، وإعداد مخطط تنموي مندمج وهيكلي على المدى المتوسط والبعيد، بما يعكس تحولا في فلسفة تدبير المخاطر الطبيعية بالمغرب.

خلاصة

إن فيضانات آسفي ليست مجرد حدث طبيعي، بل مرآة تعكس حدود ونجاحات الحكامة الترابية. فهي تذكر بأن التنمية الترابية الحقيقية لا تقاس بالمشاريع فقط، بل بمدى قدرة المنظومة الترابية على حماية الأرواح وضمان السلامة. فالكوارث الطبيعية لا تتحول إلى كوارث إنسانية إلا حين تعجز الحكامة الترابية عن أداء دورها قبل نزول المطر، لا بعده.


هذا المحتوى مقدم من مدار 21

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من مدار 21

منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
بلادنا 24 منذ 4 ساعات
هسبريس منذ 11 ساعة
هسبريس منذ 15 ساعة
وكالة الأنباء المغربية منذ 21 ساعة
هسبريس منذ 14 ساعة
Le12.ma منذ 4 ساعات
هسبريس منذ 7 ساعات
هسبريس منذ 12 ساعة