انتفاضة غيّرت وجه المنطقة.. ماذا بقي من ثورة تونس بعد 15 عامًا؟

تولى الرئيس السابق زين العابدين بن علي رئاسة تونس عام 1987، وتميزت فترة حكمه بالقمع السياسي، وتقييد الحريات، وانتخابات صورية كانت نتائجها معروفة سلفًا. وأدت الاحتجاجات التي اندلعت في 17 كانون الأول/ ديسمبر2010 إلى نهاية ذلك العهد، لكن بعد مرور 15 عامًا، يقف التونسيون أمام هذا السؤال: ماذا بقي من الثورة؟ وما الذي تحقّق من مطالبها؟

في هذا الإطار، حاورت مراقبين ومحللين للشأن التونسي، لتقييم مسار الثورة ومآلاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

تونس بعد الثورة وقبل 25 يوليو 2021 يقول المحلل السياسي نضال الخضراوي في تصريح لـ"" إنّ "تقييم التجربة التونسية بعد مرور خمسة عشر عامًا على الثورة لا يمكن أن يُختزل في الحصيلة الاقتصادية وحدها، بل يجب أن يتم ضمن إطار أشمل يرتبط بمسارات الانتقال الديمقراطي وبناء ما عُرف بـ"الجمهورية الثانية ".

ويرى الخضرواي في حديثه مع أنّ "السنوات العشر التي سبقت الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو/تموز 2021 منها تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي آنذاك، شهدت تراكمًا لمكاسب سياسية ودستورية وتشريعية يصعب إنكارها، رغم ما رافقها من تعثرات وأزمات".

ويعتبر الخضراوي أنّ تلك المرحلة "تميّزت بتوسيع هامش الحريات الفردية والعامة، وترسيخ التعددية الحزبية، وضمان حرية الإعلام والرأي، إلى جانب استقلالية نسبية للقضاء"، مشيرًا إلى أنّ "البلاد شهدت أيضًا شروعًا فعليًا في إرساء الهيئات الدستورية، وتعزيز دور المجلس الأعلى للقضاء، فضلًا عن انخراط بعض القطاعات في مسارات إصلاح تدريجي وفق ما يُعرف في أدبيات الانتقال الديمقراطي بـ"الإصلاح من الداخل".

ويقول: إن "محدودية الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية حالت دون ترجمة هذه المكاسب السياسية إلى شعور عام بالتحسن، رغم أنّ التقارير الدولية كانت تُصنّف تونس بانتظام ضمن الدول الأكثر تقدمًا ديمقراطيًا في العالم العربي وإفريقيا".

ويوضح أنّ "جزءًا واسعًا من الرأي العام ظلّ يقيس التغيير السياسي بمدى انعكاسه المباشر على المقدرة الشرائية ومستويات الرفاه، وهو ما يفسّر ما يُعرف بـ"الفجوة الإدراكية" بين الإصلاح السياسي والتوقعات الاجتماعية"، فجوة، بحسب قوله، "استُثمرت لاحقًا في الخطابات الشعبوية" لتبريرما وصفه بـ" الانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي".

"ثورة أُفرغت من بعدها الاجتماعي" من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي صهيب المزريقي، ل، إنّ "الآمال التي رفعها التونسيون في بداية الحراك الشعبي، والمتمثلة أساسًا في الشغل والحرية والكرامة، لم تتحقق في المسار الذي تلا سقوط نظام بن علي رغم كونها جوهر الثورة وسبب اندلاعها".

وبشأن المرحلة التي تلت الثورة وصولًا إلى ما قبل الإجراءات الاستثنائية، بوضح أنّ "المسار الثوري سرعان ما جرى احتواؤه داخل فضاء سياسي ضيّق، هيمنت عليه أحزاب تحوّلت من أدوات لتنظيم الإرادة الشعبية إلى هياكل مغلقة تخدم مصالح فئوية أو عائلية وحسابات ظرفية. ويعتبر أنّ هذا الواقع "أنتج نموذجًا من الديمقراطية الليبرالية الشكلية، اقتصر على الآليات والإجراءات، من انتخابات ودساتير ومؤسسات، من دون أن ينعكس فعليًا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفئات الشعبية".

ويشير إلى أنّ "المسار الثوري تعرّض لمزيد من التعثّر بفعل الاغتيالات على غرار اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، ما شكّل ضربة قاسية للأمل في بناء مشروع وطني جامع، وزرع الخوف والشك داخل المجتمع، وأربك الدولة ومؤسساتها". وأضاف أنّ "تصاعد العمليات الإرهابية في تلك الفترة أنهك البلاد أمنيًا واقتصاديًا، وكرّس منطق الطوارئ والاستثناء على حساب النقاش السياسي والاجتماعي".

وفي هذا السياق، يقول إنّ "النقاش العام انحرف عن مطالبه الحقيقية، المتمثلة في العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية، بفعل تضخيم صراعات الهوية بين الديني والمدني، وبين الحداثي والمحافظ، ما استنزف طاقة المجتمع وعمّق الانقسام داخله".

ويعتبر المزريقي أنّ "دستور عام 2014 جاء في هذا المناخ ليكرّس حالة من التشتت في السلطة بدل إعادة بناء دولة قوية وقادرة على الفعل"، موضحًا أنّ "توزيع الصلاحيات بين مؤسسات الحكم كان محل نزاع دائم، ما أفرز صراعات سياسية وشللًا في القرار، وجعل الدولة عاجزة عن مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة".

ويضيف أنّ القضية الاجتماعية ظلت مؤجَّلة على نحوٍ مزمن، موضحًا أنّ الإخفاق في تلبية مطالب الشغل والكرامة أفضى إلى تداعيات عميقة وخطيرة، تمثّلت في اتساع رقعة الفقر، وتآكل الطبقة الوسطى، وتعميق الفوارق الجهوية، في وقت بات فيه العمل إمّا نادرًا أو هشًّا.

ويلفت إلى أنّ الكرامة الوطنية تضرّرت بفعل التبعية الاقتصادية والارتهان للخارج، إلى جانب عجز الدولة عن الاضطلاع بدورها في توفير الحماية الاجتماعية لمواطنيها.

ويعتبر المزريقي أنّ "لجوء تونس إلى صندوق النقد الدولي بعد سنوات من الثورة عمق الأزمة، حيث فُرضت خيارات اقتصادية قائمة على التقشف ورفع الدعم والإصلاحات الهيكلية، ما زاد من الأعباء على الفئات الضعيفة، وعمّق الشعور بأن القرار الاقتصادي لم يعد وطنيًا ولا خاضعًا لإرادة الشعب".

تونس بعد 25 يوليو 2021 يقول الخضراوي إنّه منذ إقرار الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، "شهدت تونس توقفًا شبه كامل لمسارات بناء المؤسسات، وتقلّصًا ملحوظًا في هامش الحريات، في مسار ارتدادي أعاد إنتاج عدد من ممارسات ما قبل الثورة". ويضيف أنّ "البلاد سجّلت موجة اعتقالات شملت شخصيات سياسية من مشارب فكرية مختلفة، إسلامية ويسارية وتقدمية، إلى جانب تصاعد القضايا ذات الطابع السياسي، وعلى رأسها قضايا "التآمر على أمن الدولة"، التي تجاوز.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من قناة يورونيوز

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة يورونيوز

منذ 7 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 6 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 16 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 4 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 15 ساعة
بي بي سي عربي منذ 20 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات