في كل عام يعود مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ليقدم صورة عن تطور السينما العربية واتجاهاتها، وهذه السنة يبرز حضور الإنتاج الفلسطيني بوصفه أحد المحاور اللافتة في برنامج الدورة الخامسة. لا يقتصر الأمر على مشاركة ثلاثة أفلام فحسب، بل على ظهور ملموس لمسار إبداعي يتقدَّم بثبات منذ سنوات، ويعكس نضجًا واضحًا في الأساليب والرؤى. وتأتي مشاركتها في المهرجان ضمن سياق اهتمام نقدي دولي متزايد، ما يشير إلى توسع القدرة على الوصول إلى جمهور عربي وعالمي، وإلى حضور يتجاوز حدود التمثيل الرمزي إلى مشاركة فاعلة في المشهد السينمائي والسياسي والثقافي وحتى الاقتصادي.
يعد فيلم "اللي باقي منك" أحد أوائل العروض في المهرجان، وهو عمل يبرز من خلال طريقة صناعته والجهد الكبير الذي سبقه؛ إذ مر الفيلم بمراحل إنتاج معقدة واجه خلالها فريقه تحديات متصلة بالتصوير ثم التأجيل والتمويل، ورغم هذه الصعوبات، استطاع صنَّاعه تقديم سردية تنطلق من تجربة شخصية لتتسع إلى حكاية جماعية، مستخدمين بناءً بصريًا ولغويًا يعكس تحولات الزمن وطبقات من الذاكرة. ويأتي الفيلم ضمن موجة من الأعمال التي تعيد مقاربة التاريخ من منظور إنساني مباشر، دون الوقوع في التقريرية أو الخطابة، مع تأكيد على تأثير هذه التحولات على ثلاثة أجيال متعاقبة.
أما فيلم "فلسطين 36" فيعود إلى السنوات الأولى من الاحتلال، مركزًا على الدور البريطاني وسياسات القمع التي سبقت التغييرات الأكثر شهرة في العقود اللاحقة. يختار الفيلم أن يبتعد عن صيغة البطل الواحد، ليقدم بدلاً منها مجموعة شخصيات تتقاطع خطوطها داخل سياق واحد، ما يمنحه بعدًا توثيقيًا أقرب إلى تجميع شهادات بصرية. ويبرز العمل أيضًا من خلال عنايته بالتمثيل الدقيق للهجة والملامح الثقافية لفلسطين في الثلاثينيات والأربعينيات، وهو عنصر أساسي في بناء مصداقيته التاريخية. بهذه المقاربة، لا يسعى الفيلم إلى إعادة سرد أحداث معروفة فحسب، بل إلى استكشاف أثر تلك المرحلة على البنية الاجتماعية والسياسية التي.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة مكة
