طريق التنمية في العراق.. أين يقف وما مستقبله مع الحكومة الجديدة؟

مع ترقب تشكيل حكومة جديدة، يقف مشروع طريق التنمية في العراق، على أبواب تأكيدات رسمية، بأنه ماضٍ في التنفيذ باعتباره سيحقق نقلة غير مسبوقة لتنويع مصادر الإيرادات في البلاد والمنطقة.

وقال المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر صالح، لـ«إرم بزنس»، إن طريق التنمية بات مشروع دولة وليس حكومة، وتتواصل إجراءات تنفيذه، مع ترجيحات بأن تتحمل شركات استثمارية كبرى إقليمية ودولية أعباء مالية لتجاوز تحديات التمويل.

ويعتقد خبراء اقتصاد تحدثوا لـ«إرم بزنس» أن ذلك المشروع سينتقل من مرحلة الدراسات إلى التنفيذ عملياً قريباً، معوّلين عليه في تنويع إيرادات العراق، وعدم الاعتماد على النفط فقط.

ويشمل المشروع إنشاء خط سكك حديدية وطريق سريع، يمر عبر 11 محافظة عراقية، بدءاً من ميناء الفاو في جنوب العراق وصولاً إلى الحدود التركية، ويمتد على مسافة 1,200 كيلومتر، وتكلفة إجمالية تبلغ 17 مليار دولار، وأعلنت بغداد عنه رسمياً في اجتماع ضم مسؤولين من دول مجاورة في مايو 2023.

وبأول اجتماع عقب شهر من انتخابات برلمانية، ترأس رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، اجتماع اللجنة العليا لطريق التنمية، قبل نحو أسبوع، واطلع على التصاميم السككية والبرية، ومناقشة كلف التصاميم للخط السككي والطريق البري، بجانب مناقشة خطط التشغيل، مؤكداً «أهمية مشروع طريق التنمية لمستقبل العراق وضرورة المضي بالعمل وتكثيفه مع المختصين؛ لإكمال متطلباته حسم الخيارات المطروحة للنقاش».

العراق يحدد مسارين لحماية المستهلك ومنع دخول السلع غير المطابقة

فرصة استثنائية

بدوره، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر صالح، لـ«إرم بزنس»، إن «العراق يقف أمام منعطف تاريخي شبيه بما مرت به دول، مثل: سنغافورة، والإمارات، العربية المتحدة، عندما أحسنت توظيف موقعها الجغرافي، فتحولت من اقتصادات محدودة الموارد إلى عُقَد لوجستية عالمية ذات تأثير اقتصادي ممتد».

ويمثّل مشروع طريق التنمية فرصة استثنائية للعراق للانتقال من اقتصاد ريعي يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع يرتكز على الموقع الجغرافي والخدمات اللوجستية وسلاسل الإمداد العابرة للحدود، وفق صالح، لافتاً إلى أنه «رغم التحديات القائمة، فإن الالتزام الحكومي المتكرر بالمشروع، إلى جانب ارتباطه المباشر بمصالح إقليمية ودولية، يجعله مرشّحًا قويًا للاستمرار حتى مع تغيّر الحكومات، شريطة توفير بيئة تنفيذ مستقرة، ونموذج تمويلي مرن، وحوكمة فعّالة».

وأضاف أن «ارتباط طريق التنمية بممرات التجارة بين آسيا وأوروبا يمنحه بعداً جيو-اقتصادياً يتجاوز الحدود الوطنية، ما يجعله مشروعاً يصعب تجاهله أو التراجع عنه، بغضّ النظر عن التحولات السياسية الداخلية».

وتابع قائلاً: «ورغم انتظار تشكيل حكومة جديدة، تشير المؤشرات السياسية والإدارية إلى أن طريق التنمية بات مشروع دولة لا مشروع حكومة، إذ يحظى بإجماع واسع داخل المؤسسات التنفيذية، بوصفه أداة لتحويل العراق من اقتصاد ريعي نفطي إلى اقتصاد تنويعي، قاعدته اقتصاد العبور الإستراتيجي والتنمية المستدامة المرتبطة به، من خلال إنشاء مدن صناعية ومناطق حرة على طول مساره».

أما تحديات التمويل، فمن المرجّح بحسب مظهر صالح أن «تتحمّل أعباءها الشراكات الاستثمارية الكبرى الإقليمية والدولية، نظرًا للأهمية الجيوسياسية والجيو-اقتصادية التي يجسدها المشروع، بحيث لا يقع العبء المالي على العراق وحده، بل يتوزع ضمن إطار شراكات تحقق المنفعة المتبادلة لجميع الأطراف».

جانب من أحد حقول النفط في أربيل بإقليم كردستان، العراق، يوم 16 أغسطس 2014.

الواقع والمستقبل

وفي حديث لـ«إرم بزنس»، أوضح الخبير الاقتصادي في «معهد الإصلاح» ببغداد، علاء الفهد، أن المشروع وصل لمراحل متقدمة في ضوء الاستشارات والدراسات وفي مطلع الحكومة الجديدة سيكون التنفيذ متقدماً بصورة أكبر.

وأكد أن الحكومة الجديدة ربما تواجه تحديات بشأن المشروع الإستراتيجي للعراق ولللعالم، أولها التحديات التمويلية، موضحاً أن «يظل طرح شراكة مع القطاع الخاص وفتح باب استثمارات للدول المجارة بوابة النجاح والمنطلق الأساس لهذا المشروع للتغلب على هذه التحديات».

ويعول الفهد على ذلك المشروع في عهد الحكومة المقبلة، باعتباره، سيسهم في تنويع مصادر إيرادات العراق ولا يجعله معتمداً على النفط فقط.

وأوضح الخبير الاقتصادي العراقي، نبيل جبار التميمي، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن مشروع الطريق في طور التشغيل عبر ميناء الفاو الكبير الذي من المؤمل أن يتم تشغيله العام المقبل، وتبقى بقية المسار على الأراضي العراقية وما زالت أعمال الهندسة والمساحة تنفذ لتحديد المسار بشكل نهائي وإعداد جميع التصاميم.

وأكد أن طريق التنمية مشروع إقليمي واعد، يسعى لزيادة التنمية في دول المنطقة وفتح فرص الاستثمار بشكل أوسع، متوقعاً أن تولي الحكومة العراقية المقبلة اهتماماً كبيراً للاستمرار في هذا المشروع والبدء بتنفيذه.

ويعتقد المتحدث السابق باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد في حديث لـ«إرم بزنس»، أن مشروع طريق التنمية يسهم في فتح قنوات جديدة لتنويع الإيرادات بعيدًا عن النفط، وتحويل الاقتصاد من ريعي إلى متنوع ومستدام، ويضمن استدامة مالية واقتصادية من خلال مشاريع لوجستية وصناعية متكاملة.

ويرى جهاد أن نجاح طريق التنمية مرهون بامتلاك الدولة العراقية رؤية واقعية مستقبلية تقوم على الفصل بين المشروع والتغيرات الحكومية والسياسية، وتوفير التمويل وإنشاء دارة احترافية مستقلة بعيدة عن المحاصصة، وضمان إدماج جميع الأطراف المحلية، بما فيها إقليم كردستان، ضمن إطار تكاملي، مشيراً إلى أن المشاريع الإستراتيجية تُدار بعقل الدولة طويل الأمد.

وبشأن مرحلة التنفيذ المنتظرة، يطالب جهاد بقرار سياسي وتشريعي يمنح الثقة الكاملة والضمان للاستثمارات والجهات المعنية، وتأسيس شركة وطنية قابضة سيادية الى جانب شركات تخصصية تنفيذية، وحملة إعلامية لشرح الفوائد والجدول الزمني.

مسؤول سابق في المركزي العراقي يدعو لتصحيح سعر الصرف ودمج المصارف

تقدم نحو التنفيذ

وقبيل نحو شهر من الانتخابات، التي أجريت في نوفمبر الماضي، أكد المدير التنفيذي لصندوق العراق للتنمية، محمد النجار، الانتهاء من الدراسة الاقتصادية الخاصة بمشروع طريق التنمية بنتائج مبشّرة، بينها توفير مليون و600 ألف فرصة عمل، وكشف عن تقدّم صناديق استثمارية عالمية والاتحاد الأوروبي بطلبات رسمية للمشاركة في المشروع. وفق وكالة الأنباء العراقية «واع».

وأوضح أن «المرحلة التالية بعد الاجتماع الوزاري (الذي كان قبل أسبوع) ستكون المصادقة النهائية الدراسات يعقبها إطلاق حملة واسعة لدعوة المستثمرين الدوليين وطرح الفرص الاستثمارية أمامهم، إلى جانب تأسيس شركة المشروع التي ستتولى الجانب التجاري، وهيئة لإدارة الجوانب السيادية»، مؤكداً أن «الالتزامات الدولية تجاه المشروع لم تتراجع، بل زادت، إذ تقدّمت صناديق عالمية متخصصة بالبنى التحتية بطلبات للمشاركة، إضافة إلى طلبات من دول غير متوقعة، إلى جانب رغبة الاتحاد الأوروبي بالمساهمة؛ كونه معنيّاً بمرور الطريق».

ووفقاً لبيانات رسمية حديثة، بلغت حصة إيرادات العراق النفطية خلال النصف الأول من العام الجاري نحو 92% من إجمالي إيرادات البلاد، البالغ نحو 62 تريليون دينار (47.33 مليار دولار)، فيما استحوذت الإيرادات غير النفطية في العراق على حصة 8% فقط من إجمالي إيرادات الموازنة العامة للبلاد، إذ بلغت نحو 4.59 تريليون دينار (3.5 مليار دولار).

وكشفت وزارة التخطيط العراقية، في تقرير حديث، أن حجم استثمارات القطاع الخاص ضمن الخطة الخمسية سيصل إلى 84 تريليون دينار (حوالي 64.2 مليار دولار)، لافتة إلى أن نسبة مساهمة القطاع الخاص في البرنامج الاستثماري بشكل عام 35% مقابل 65% للقطاع العام.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 52 دقيقة
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 26 دقيقة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 7 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعة
منصة CNN الاقتصادية منذ ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 7 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 3 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 11 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 7 ساعات