في ظل الانتشار المتسارع للأخبار الزائفة والمعلومات المضللة، انعقد يوم الأربعاء 17 دجنبر 2025 بالرباط لقاء وطني بعنوان محاربة الأخبار الزائفة: مقاربات ورؤى متقاطعة ، جمع خبراء الإعلام والقانون والتربية الوطنية، لمناقشة التحديات المتزايدة وآليات مواجهتها على المستويين الوطني والدولي.
وأكد المشاركون في الجلسة النقاشية أن الأخبار الزائفة لم تعد مجرد تهديد إعلامي، بل تحولت إلى قضية تربوية وقانونية واجتماعية، تتطلب تضافر جهود المؤسسات التعليمية، والجهات الرقابية، والمنصات الرقمية، لضمان حماية المجتمع من التضليل.
وأشار الكاتب العام للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، فؤاد شفيقي، إلى أن التربية الإعلامية يجب أن تبدأ منذ مرحلة الروض وتمتد حتى سن السادسة عشرة على الأقل، مع ضرورة إشراك هيئات متخصصة لدعم المدارس في إنتاج محتوى متجدد ومتعدد الأبعاد، مؤكداً أن المعلم وحده لا يستطيع مواجهة هذا التحدي دون أطر مؤسساتية واضحة.
وفي السياق ذاته، أوضح صانع المحتوى مصطفى الفكاك سيونغا ، أن انتشار الأخبار الزائفة يتسارع بسبب إثارة المشاعر، مثل الغضب أو الفرح، وليس بناءً على مضمونها أو قيمتها المعلوماتية، لافتاً إلى دور الخوارزميات الرقمية في تعزيز المحتوى المثير على حساب المعلومات الدقيقة، واستغلال بعض الأطراف السياسية لهذه الآليات للتشهير والتضليل.
من جهته، شدد مدير التواصل بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، مصطفى أمجار، على أهمية خلق بيئة تواصلية سليمة، مع فاعلين معروفين وأدوات واضحة، مؤكداً أن الأخبار الصحيحة قد تُحرف عند إعادة تداولها في الفضاء الرقمي، وأن التدخلات الخارجية تمثل أحد أعقد التحديات في هذا المجال.
وفي إطار التعاون الدولي، أكد ليم مينغ كوك، مسؤول قسم التواصل بمكتب اليونسكو لمنطقة المغرب العربي، أن المنظمة تركز على التثقيف الإعلامي بدل مصطلح الأخبار الزائفة ، مشدداً على تطوير مهارات التحقق وفهم المحتوى وإنتاجه ومشاركته بطريقة نقدية، كخط دفاع أول ضد التضليل.
وأشارت الصحافية المتخصصة في الاستقصاء الرقمي، ياسمين لعبي، إلى أن العاملين في التحقق من الأخبار يواجهون قيوداً متزايدة، بما في ذلك صعوبات الوصول إلى المصادر، في ظل الفيضانات المعلوماتية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن الدعم المؤسسي يجب أن يشمل الاعتراف الرسمي بدور هذه المؤسسات في التثقيف والتحقق الإعلامي، إلى جانب الدعم المالي.
ويشكل هذا اللقاء خطوة نوعية في مسار تطوير استراتيجيات وطنية لمواجهة التضليل الرقمي، ويعكس إدراك الجهات الرسمية لأهمية التربية الإعلامية والرقمية في بناء وعي عام قادر على التمييز بين الحقيقة والادعاءات، في ظل تنامي التأثير الرقمي على النقاش العمومي ونزاهة الحياة السياسية.
هذا المحتوى مقدم من أشطاري 24
