ضغط زائد وعائدات محدودة.. المستشفيات تحبس أنفاسها قبل الـ كان

قبل أيام من انطلاق كأس إفريقيا بالمغرب، استنفرت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مصالحها لتوفير تغطية مناسبة للحدث الرياضي، غير أن قطاع الصحة العمومي، وإن كان مُعرضاً خلال هذه الفترة لضغوط كبيرة قصد ضمان سلامة الزوار دون المساس بمصالح المرتفقين المغاربة، فهو يظل أقل القطاعات استفادة من العائدات الاقتصادية للـ كان .

وجرى قبيل انطلاق التظاهرة إعداد مخطط للتغطية الصحية، بتنسيق بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ووزارة الصحة بما يستجيب لمتطلبات الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم. ويقضي المخطط بتوفير تغطية طبية شاملة للملاعب ومواقع التداريب وفنادق الوفود وفضاءات الإعلام ومناطق المشجعين، مع تفعيل خطط الطوارئ الاستشفائية وتعبئة التجهيزات التقنية الثقيلة، بما فيها وسائل الإخلاء البري والجوي.

غير أن رئيس الرابطة المغربية لأطر الصحة ، محمد أمين فكوالله، لاحظ أنّه بالرغم من هذا الاستثمار البشري واللوجستيكي الكبير، لا يستفيد قطاع الصحة العمومية إلا بشكل هامشي من العائدات الاقتصادية لكأس الأمم الإفريقية، ولاسيما في ما يتعلق بالتكفل بعلاج الزوار الأجانب.

وفي هذا الصدد، أوضح أن المنظومة الاستشفائية العمومية المغربية شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولات عميقة؛ لم تعد مجانية العلاج مُعمّمة، بل أصبحت مؤطرة وموجهة لفئات محددة من المواطنين المغاربة ، مستطرداً أنه بالنسبة للأجانب، ففي غياب اتفاقيات خاصة أو آليات للأداء من طرف ثالث، فإن ولوجهم إلى العلاج العمومي يعتمد أساسًا على الأداء المباشر .

وفي المقابل، فإن مخطط التغطية الصحية للـ كان 2025، لا يتضمن أي آلية مهيكلة لتمويل العلاجات الاستشفائية للأجانب الذين تتم رعايتهم خارج نطاق التدخلات الاستعجالية في عين المكان.

ويُنتج هذا الوضع، وفقاً للإطار الصحي، مفارقة واضحة؛ فمن جهة، تعبّئ الدولة المستشفيات العمومية لضمان السلامة الصحية للتظاهرة، ومن جهة أخرى تبقى هذه المؤسسات نفسها عرضة لخطر عدم استخلاص تكاليف العلاجات أو لضغط إضافي على طاقتها الاستيعابية، دون تعويض مالي واضح؛ على عكس قطاعات السياحة والنقل والتجارة التي تستفيد مباشرة من تدفق الزوار .

ووفقا للمتحدث ذاته فإن التجارب الدولية تُظهر أن مقاربة مختلفة تظل ممكنة؛ خلال كأس العالم لكرة القدم 2022 بقطر، جرى إدماج قطاع الصحة ضمن الاستراتيجية الشاملة للتظاهرة، في إطار حوكمة صحية أُعدّت بشراكة مع منظمة الصحة العالمية، وشملت آليات واضحة للتكفل بالزوار، واستباق تدفقات المرضى، وتنسيقًا محكمًا بين شركات التأمين والمنظمين ومقدمي خدمات العلاج العموميين والخواص .

وأضاف أنه في العديد من البلدان المستضيفة للتظاهرات الرياضية أو الثقافية الكبرى، تُعد إلزامية التأمين الصحي للزوار الأجانب ركيزة أساسية؛ ففضاء شنغن، على سبيل المثال، يفرض تأمينًا للسفر يغطي العلاجات الطبية والاستشفاء كشرط للدخول، بما يحمي الزوار والأنظمة الصحية العمومية على حد سواء من مخاطر عدم الأداء والاختلالات المالية .

إذا ما طُبّقت هذه المقاربة في السياق المغربي، فإنها كفيلة برفع الغموض القائم حاليًا، إذ يمكن لكأس أمم إفريقيا 2025 أن تشكل فرصة استراتيجية لإقرار إلزامية التأمين الصحي، ولو بصفة ظرفية مرتبطة بالحدث، لفائدة المشجعين والزوار الأجانب .

وبالموازاة مع ذلك، أوصى بإبرام اتفاقيات بين المنظمين وشركات التأمين والمستشفيات العمومية، لإرساء آليات للأداء من طرف ثالث، أو للفوترة المباشرة، بما يضمن تعويضًا ماليًا للمؤسسات الصحية المُعبّأة.

وقال إن مثل هذا الإصلاح لن يمسّ بجودة الآلية الطبية المبرمجة في المخطط الرسمي، بل على العكس، سيعالج أبرز محدودياتها البنيوية، والمتمثلة في غياب نموذج اقتصادي وقانوني يمكّن قطاع الصحة العمومية، على غرار باقي القطاعات، من الاستفادة من عائدات التظاهرة.


هذا المحتوى مقدم من مدار 21

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من مدار 21

منذ 6 ساعات
منذ ساعة
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
Le12.ma منذ ساعتين
هسبريس منذ 3 ساعات
هسبريس منذ 7 ساعات
هسبريس منذ 11 ساعة
هسبريس منذ 10 ساعات
هسبريس منذ 12 ساعة
هسبريس منذ 19 ساعة
هسبريس منذ 9 ساعات